للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّوْضَةُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ (وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ زِنْهُ أَوْ خُذْهُ أَوْ اخْتِمْ عَلَيْهِ أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذْكَرُ لِلِاسْتِهْزَاءِ (وَلَوْ قَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ أَوْ قَضَيْته، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ) بِالْأَلْفِ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ وَالرَّفْضُ فِي الْأَخِيرِ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَجُوزَانِ يُرِيدُ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ لَك وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُقِرٌّ وَأَنَا أُقِرُّ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالْأَلْفِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ لِلْإِقْرَارِ بِغَيْرِهِ كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي لِلْوَعْدِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدُ (وَلَوْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا؟ فَقَالَ: بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّصْدِيقِ فَيَكُونُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي النَّفْيِ بِخِلَافِ بَلَى فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْإِقْرَارِ إلَى الْعُرْفِ وَأَهْلُهُ يَفْهَمُونَ الْإِقْرَارَ بِنَعَمْ فِيمَا ذُكِرَ. (وَلَوْ قَالَ: اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَقْضِي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ: لَيْسَ بِصَرِيحَةٍ فِيهِ.

فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ (فَلَوْ قَالَ دَارِي: أَوْ ثَوْبِي أَوْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَهُوَ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ تَقْتَضِي الْمِلْكَ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْعَيْنِ عَلَى مَا يَعُمُّ الْوَدِيعَةَ وَغَيْرَهَا.

وَفِي الرَّوْضَةِ حَمْلُهَا عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَإِذَا فَسَّرَهَا بِغَيْرِهَا قُبِلَ.

تَنْبِيهٌ: قِبَلِي، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَجِهَتِي صَالِحٌ لِلْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَكُلُّ مَا جَازَ تَفْسِيرُهُ بِالْعَيْنِ جَازَ تَفْسِيرُ بَعْضِهِ بِالدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ لَا فِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَيُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ اجْعَلْهُ فِي كِيسِك) أَوْ كُلُّ مَا قُلْت عِنْدِي أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ أَوْ مَعَ مِائَةٍ أَوْ اُكْتُبُوا لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا فَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا وَكَذَا بِسْمِ اللَّهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ) وَكَذَا أَبْرِئْنِي مِنْهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِخِلَافِ أَبْرَأْتنِي أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْ دَعْوَاك، أَوْ قَدْ أَقْرَرْت بِبَرَاءَتِي أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنِّي فَلَيْسَ إقْرَارًا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَوْ قَضَيْته) أَيْ الْأَلْفَ فَلَوْ قَالَ: قَضَيْت مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِهَا دُونَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ، وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ: قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي أَوْ اسْتَوْفَى مِنِّي أَوْ بِسْمِ اللَّهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ) أَوْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهِ أَوْ إذَا شَهِدَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ صَادِقٌ أَوْ عَدْلٌ أَوْ لَا أُنْكِرُ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ، أَوْ إذَا شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ شَخْصَانِ فَهُمَا صَادِقَانِ، أَوْ عَدْلَانِ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ أَوْ عَدْلٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ أَوْ قَالَ: إذَا شَهِدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَيَّ صَدَّقْتهمَا أَوْ فُلَانٌ صَدَّقْته، أَوْ إنْ شَهِدَا عَلَيَّ فَهُمَا صَادِقَانِ أَوْ عَدْلَانِ أَوْ لَا أُنْكِرُ شَهَادَتَهُمَا، أَوْ إنْ قَالَا ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدِي فَلَيْسَ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ إقْرَارٌ، بِخِلَافِ أُشْهِدُكُمْ بِكَذَا. وَلَوْ كَتَبَ فِي ذِمَّتِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ ثُمَّ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا، وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا عَالِمٌ بِمَا فِيهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ عَلِمَ مَا فِيهَا وَحَفِظَهُ كَانَ إقْرَارًا.

فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا مُعَيَّنًا وَقَالَ: نَسِيته حَالَ الْإِقْرَارِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، أَوْ ادَّعَى نَوْعًا مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ لَوْ قَالَ: لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا لَا عَمْدًا وَسَهْوًا وَلَا نِسْيَانًا مَثَلًا.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ صَارَ وَقْفًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إقْرَارٌ) إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ قَرِينَةُ اسْتِهْزَاءٍ وَإِلَّا فَلَيْسَ إقْرَارًا. وَلَوْ قَالَ لِزَيْدٍ السُّبْكِيّ: بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْأَلْفِ، فَلَا يُقْبَلُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ) وَكَذَا هَلْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ أُسْقِطَ؟ الِاسْتِفْهَامُ كَانَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى لَا مَعَ نَعَمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَعَمْ) وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا نَظَرًا لِلْعُرْفِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَجِدَ أَيْ الْمِفْتَاحَ مَثَلًا فَإِقْرَارٌ) وَكَذَا مِنْهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ: أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ، أَوْ اصْبِرْ حَتَّى أَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ، أَوْ اُقْعُدْ حَتَّى تَأْخُذَ، أَوْ لَا أَجِدُ الْيَوْمَ أَوْ لَا تُدِمْ الْمُطَالَبَةَ، أَوْ مَا أَكْثَرَ مَا تَتَقَاضَى، أَوْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّكَ. قَالَ: وَكُلُّهَا إقْرَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا.

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الْإِقْرَارِ

وَالْمَذْكُورُ هُنَا مِنْهَا الْمُقَرُّ بِهِ وَشُرُوطُهُ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ، وَأَنْ لَا

ــ

[حاشية عميرة]

زَمَنٍ يُمْكِنُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْك) قَالَ السُّبْكِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْخَبَرَ أَوْ الِاسْتِفْهَامَ انْتَهَى.

أَقُولُ: وَكَذَا لَوْ صَرَّحَ بِأَدَاةِ الِاسْتِفْهَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، بَلْ هُوَ مُرَادُ السُّبْكِيّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَالَ زِنْ) مِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَهِيَ صِحَاحٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلَى أَوْ نَعَمْ) هُمَا حَرْفَا تَصْدِيقٍ إذَا تَقَدَّمَهُمَا خَبَرٌ مُثْبَتٌ، وَلَوْ مُسْتَفْهَمًا عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لِرَدِّ النَّفْيِ) أَيْ بِخِلَافِهَا فِي جَوَابِ الْإِثْبَاتِ كَمَا سَلَفَ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ قَطْعًا، وَلَيْسَتْ لِنَفْيِ الْمُثْبَتِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَكَذَا يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ الدَّاخِلِ عَلَى الْخَبَرِ نَحْوَ: أَلِي عَلَيْك أَلْفٌ وَلَوْ وَقْعًا أَعْنِي نَعَمْ وَبَلَى فِي جَوَابِ الْخَبَرِ الْمَنْفِيِّ، نَحْوَ: لَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا مَعَ بَلَى بِخِلَافِ نَعَمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ: أَمَّا نَعَمْ فَإِقْرَارٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهَا صِيَغُ إقْرَارٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْأَصْحَابُ يَضْطَرِبُونَ فِيهَا وَالْمَيْلُ إلَى مُوَافَقَتِهِ أَكْثَرُ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ: وَالْأَشْبَهُ عِنْدِي خِلَافُهُ انْتَهَى.

[فَصْل يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ حِينَ يُقِرُّ]

فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ دَيْنِي إلَخْ) قَالَ الْأَصْحَابُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. قَالَ السُّبْكِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>