للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ فَتُنَافِي الْإِقْرَارَ لِغَيْرِهِ إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْوَعْدِ بِالْهِبَةِ وَلَوْ قَالَ: مَسْكَنِي لِزَيْدٍ فَهُوَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْكُنُ مِلْكَ غَيْرِهِ. (وَلَوْ قَالَ: هَذَا) الثَّوْبُ (لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَيُطْرَحُ آخِرُهُ وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ (وَلِيَكُنْ الْمُقِرُّ بِهِ) الْمُعَيَّنُ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُقِرِّ لَهُ) فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثُمَّ صَارَ) فِي يَدِهِ (وَعَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ) بِأَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالِ، (فَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ) فَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهُ. (ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ) فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ (هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَشِرَاؤُهُ افْتِدَاءٌ) لَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، (وَإِنْ) كَانَ (قَالَ اعْتِقْهُ) وَهُوَ يَسْتَرِقُهُ (فَافْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ: بَيْعٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ) عَلَى الْأَوَّلِ (الْخِيَارَانِ) أَيْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) وَكَذَا يَثْبُتَانِ لَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ

(وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ) وَيُطْلَبُ مِنْ الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ (فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِكُلِّ مَا يَقُولُ وَإِنْ قَلَّ) كَرَغِيفٍ وَفَلْسٍ (وَلَوْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَقُولُ لَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يُعْلَمَ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ لَغْوٌ) أَيْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ عَلَى نَفْسِهِ وَيُرَادُ بِالْإِضَافَةِ الْمُلَابَسَةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الْمِلْكَ) بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فَصَحِيحٌ، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ كَانَ كَذَلِكَ فِي كِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ وَاسْمِي فِي الْكِتَابِ عَارِيَّةٌ، فَلَوْ كَانَ بِهِ وَثِيقَةٌ كَرَهْنٍ انْتَقَلَ بِهَا إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْحَوَالَةِ كَقَوْلِهِ: صَارَ لِعَمْرٍو. قَوْلُهُ: (وَيُعْمَلُ بِأَوَّلِهِ) فَهُوَ إقْرَارٌ، وَعَكْسُ ذَلِكَ إقْرَارٌ أَيْضًا عَمَلًا بِآخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ جُمْلَتَانِ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْغَيْرِ يُبْطِلُهَا التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (الْمُعَيَّنُ) بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّي مَا سَيَأْتِي فِيهِ فَإِرَادَتُهَا مُتَعَيِّنَةٌ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ لَا عَنْ وِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِمَا بَاعَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ وَلَوْ مَعَ الْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. وَقِيلَ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَيُقَدَّمُ تَصَرُّفُ غَائِبٍ عَلَى حَاكِمٍ، وَهَذَا الشَّرْطُ لِلْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ لَا لِصِحَّتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِ) نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِرَهْنِيَّتِهِ عِنْدَ شَخْصٍ، ثُمَّ صَارَ بِيَدِهِ بَيْعٌ فِي الدَّيْنِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ بِنَحْوِ وَكَالَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَظَاهِرُ ذَلِكَ جَوَازُ الْعَقْدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ رُبَّمَا يَجِبُ أَنْ تُعَيِّنَ الْخَلَاصَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَوْلُهُ: حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَصَحَّ الشِّرَاءُ نَظَرًا لِتَصْدِيقِ صَاحِبِ الْيَدِ؛ وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْعِتْقِ وَكَالْحُرِّيَّةِ الْإِقْرَارُ بِوَقْفِ دَارٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (أَعْتِقْهُ) أَيْ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بَيْعٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ) وَقِيلَ: افْتِدَاءٌ مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ الْوَجْهُ الْمُفَصَّلُ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي طَرِيقِهِ، وَهُنَاكَ طَرِيقٌ أُخْرَى بِحِكَايَةِ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَالْقَطْعِ بِالْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، قِيلَ: وَهَذِهِ مُرَادُ الشَّارِحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ) وَكَذَا خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ، وَإِذَا رُدَّ الثَّمَنُ رُدَّ الْعَبْدُ، وَإِذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ مَعِيبًا فَلَا أَرْشَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَ الثَّمَنُ، فَيَرُدُّهُ الْبَائِعُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَسْقُطُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا لِأَحَدٍ إنْ قَالَ: هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِهِ إنْ قَالَ: أَنَا أَعْتِقُهُ، وَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ قَالَ لِلْبَائِعِ: أَنْتَ أَعْتَقْته؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَالِهِ فِي الْكَذِبِ وَقَدْرُ مَا ظَلَمَهُ بِهِ فِي الصِّدْقِ، وَلَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي غَرِمَهُ الْبَائِعُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَالثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إنْ قَالَ أَعْتَقَهُ غَيْرُ الْبَائِعِ وَعَيَّنَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَكَحُرِّ الْأَصْلِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ فَقَطْ اسْتَفْصَلَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكَحُرِّ الْأَصْلِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُقِرُّ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَهُوَ افْتِدَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَيَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ، وَلَوْ نَكَحَ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا صَحَّ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا إنْ نَكَحَهَا بِإِذْنِهَا وَسَيِّدُهَا عِنْدَهُ وَلِيٌّ بِالْوَلَاءِ أَوْ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ) وَلَوْ فِي جَوَابِ دَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ بِالْمَجْهُولِ الشَّامِلِ لِلْمُبْهَمِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ. قَوْلُهُ: (قُبِلَ تَفْسِيرُهُ) وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا، وَسَوَاءٌ قَالَ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي. وَكَذَا فِي ذِمَّتِي إلَّا فِي نَحْوِ الْكَلْبِ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ مَا لَهُ قِيمَةٌ.

ــ

[حاشية عميرة]

لَوْ تَنَاقَضَ كَأَنْ شَهِدُوا فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهُ أَنْشَأَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ مَشَايِخِهِ. قَالَ: أَعْنِي السُّبْكِيَّ: فَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَنْشَأَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا أَقَرَّ وَلَمْ يَقُلْ الَّذِي اشْتَرَيْته لِنَفْسِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ دَعْوَى وَلَا تَنَاقُضَ، أَمَّا لَوْ قَالَ: هَذَا الَّذِي اشْتَرَيْته لِزَيْدٍ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ. قَوْلُهُ: (إذْ هُوَ إخْبَارٌ بِسَابِقٍ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ إزَالَةَ مِلْكٍ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِي، هَذَا لِزَيْدٍ فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُمَا جُمْلَتَانِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، فَيَكُونُ حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ بِتَسْلِيمِهِ حَالَ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَإِلَّا فَهُوَ دَعْوَى عَلَى الْغَيْرِ أَوْ شَهَادَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا. وَقَوْلُهُ: الْعَيْنُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ كَانَ قَالَ) لَوْ قَالَ: أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَانَ كَحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (افْتِدَاءٌ) أَيْ إجْرَاءٌ لِكُلِّ عَاقِدٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا صَدَّقَ الْبَائِعَ غَلَّبْنَا جَانِبَهُ فَجَعَلْنَاهُ بَيْعًا مِنْ الْجِهَتَيْنِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعُبِّرَ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَةَ الْإِمَامِ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَالتَّفْصِيلُ بَيْعٌ مِنْ جِهَتِهِمَا، فِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِمَا. وَطَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ الْقَطْعُ بِالْبَيْعِ فِي جَانِبِ الْبَائِعِ، وَإِجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي الْمُشْتَرِي. قَالَ فَالطَّرِيقَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْبَائِعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَبْلَ تَفْسِيرِهِ) أَيْ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَ هَذَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ فَسَّرَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ لَهُ فِي ذِمَّتِي لَمْ يُقْبَلْ بِهَذَا وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>