للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمُوَافَقَتِهِ فِيمَا نَفَاهُ لِلْأَصْلِ (أَوْ اشْتَرَيْت هَذَا لِلْقِرَاضِ) وَإِنْ كَانَ خَاسِرًا (أَوْلَى) وَكَانَ رَابِحًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي عَنْ شِرَاءِ كَذَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ (وَفِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى مَا قَالَهُ (وَدَعْوَى التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فَإِنْ ذُكِرَ سَبَبُهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ (وَكَذَا دَعْوَى الرَّدِّ) عَلَى الْمَالِكِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ كَالْمُودِعِ وَالثَّانِي لَا كَالْمُرْتَهِنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَتِهِ وَالْعَامِلُ قَبَضَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْعَمَلِ (وَلَوْ) (اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ) كَأَنْ قَالَ شَرَطْت لِي النِّصْفَ وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ الثُّلُثَ (تَحَالَفَا) كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِعَمَلِهِ وَلِلْمَالِكِ الرِّبْحُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ أَمْ بِالْفَسْخِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ.

كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

هِيَ أَنْ يُعَامِلَ إنْسَانًا عَلَى شَجَرَةٍ لِيَتَعَهَّدَهَا بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثَمَرٍ يَكُونُ بَيْنَهُمَا

وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِنَفْسِهِ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمَا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَوْلَى) نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا يَقَعُ لِلْقِرَاضِ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ تَنْهَنِي إلَخْ) أَيْ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِذْنِ مِنْهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ صُدِّقَ الْمَالِكُ. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى التَّلَفِ) وَكَذَا فِيمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْ حِصَّتِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ خَالَفَ الْأَصَحَّ فِي الشَّرِكَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الْعَامِلُ إنَّهُ قِرَاضٌ، وَالْمَالِكُ إنَّهُ قَرْضٌ صُدِّقَ الْعَامِلُ قَبْلَ تَلَفِ الْمَالِ، وَالْمَالِكُ بَعْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ قَرْضٌ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَانْتِفَاعُهُ بِالْعَمَلِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ أَيْ حَاصِلٌ بِهِ. قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) وَيَتَّجِهُ الْبُدَاءَةُ بِالْمَالِكِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَمُدَّعَى الْعَامِلِ أَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ صُدِّقَ الْعَامِلُ بِيَمِينِهِ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ، أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (حُكْمُ الْبَيْعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

مَأْخُوذَةٌ لُغَةً مِنْ السَّقْيِ بِسُكُونِ الْقَافِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ أَعْمَالِهَا أَوْ مِنْ السَّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ وَنُسِبَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعِنَبُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ النَّخْلَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِنَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ شَرْعًا أَنْ يُعَامِلَ إلَخْ فَأَرْكَانُهَا سِتَّةٌ: صِيغَةٌ، وَعَاقِدَانِ وَعَمَلٌ وَثَمَرٌ وَمَوْرِدٌ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْقِرَاضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ) وَجَوَّزَهَا مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ الْمُجْمِعِ عَلَيْهِ وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَابَ عَنْ الْخَبَرِ. بِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْكَفَّارَةِ يُحْتَمَلُ فِيهَا الْجَهَالَةُ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَلِأَجْلِ هَذَا الْخِلَافِ قُدِّمَ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ إنَّهَا أَصْلٌ لِلْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَمَّا دَعَتْ إلَيْهَا بِكَوْنِ الْمَالِكِ قَدْ لَا يُحْسِنُ التَّعَهُّدَ وَمَنْ يُحْسِنُهُ قَدْ لَا يَمْلِكُ أَشْجَارًا فَجُوِّزَتْ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِرَاضِ فَجُوِّزَ أَيْضًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْقِرَاضِ وَشَبَهًا مِنْ الْإِجَارَةِ جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ) وَفِي رِوَايَةٍ دَفَعَ إلَى يَهُودِ خَيْبَرَ أَرْضَهَا وَنَخْلَهَا، فَالْمُرَادُ بِالثَّمَرِ ثَمَرُ النَّخْلِ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَرْعٍ) هُوَ الْمُزَارَعَةُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهَا. قَوْلُهُ: (مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ إلَخْ) أَيْ مَعَ مِثْلِهِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدَيْنِ مَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا بَعْدَهُ وَلِدَفْعِ إيرَادِ أَنَّ الْوَلِيَّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. قَوْلُهُ (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَمِثْلِهِمَا السَّفِيهُ وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْهُ يَرْجِعُ لِلْمَالِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، مِثَالُهُ الْمَالُ مِائَةٌ، وَالْخُسْرَانُ عِشْرُونَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا دَعْوَى) لَوْ قَالَ: رَدَدْت لَهُ الْمَالَ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَهَذَا الَّذِي فِي يَدِي حِصَّتِي. قَالَ الْإِمَامُ: صُدِّقَ وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُمْ صَحَّحُوا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ عَدَمَ التَّصْدِيقِ.

فَرْعٌ: اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، صُدِّقَ الْعَامِلُ أَوْ فِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ مُقَارِضٌ صُدِّقَ الْمَالِكُ، وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فَادَّعَى الْمَالِكُ الْقَرْضَ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَالْآخِذُ الْقِرَاضَ صُدِّقَ الْآخِذُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَفِي الْمُرَجَّحِ مِنْهُمَا وَجْهَانِ. قَالَ فِي الْخَادِمِ، الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي سُقُوطَ الضَّمَانِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِقَبْضِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَدَّعِيه الْعَامِلُ.

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) أَيْ عَلَى وَفْقِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَا اعْتَادَ النَّاسُ الْآنَ مِنْ الرَّفْعِ فِي أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَتَقْلِيلِ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْمَالِكِ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَجُوزُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَيْضًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يَتَّجِهُ إذَا نَزَّلْنَا الْكُلَّ مَنْزِلَةَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعِيدٌ. وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ: وَلِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَلِكَ، وَالْوِلَايَةَ وَالشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: لِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَوْ قَالَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ: لِيَشْمَلَ السَّفِيهَ كَانَ أَوْلَى.

فَرْعٌ: مِثْلُ الْوَلِيِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>