للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ لَغَا لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ الِاسْتِيقَاظِ أَجَزْت ذَلِكَ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ، (وَلَوْ سَبَقَ لِسَانٌ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ لَغَا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ، (وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ وَالثَّانِي تَطْلُقُ احْتِيَاطًا، وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ.

(وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا، (فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ) بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) بِلِسَانِي (صُدِّقَ) لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، (وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) كَأَنْ تَقُولَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِهْزَاءِ، أَوْ الدَّلَالِ وَالْمُلَاعَبَةِ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ طَلَّقْتُك، (أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِذَلِكَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِقَصْدِهِ إيَّاهُ وَالْهَزْلُ وَاللَّعِبُ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا قَدَّمَ التَّفْوِيضَ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَعَلُّقَاتِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ، وَالْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ) فَهُوَ مُحْتَرِزٌ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ شَرْطُهُ التَّكْلِيفُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى فَهْمِ الْخِطَابِ، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ جَعَلَهُ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ خَارِجًا بِشَرْطِ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَهُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ) ، وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ وَمَنْ زَالَ تَمْيِيزُهُ بِمَا لَا يَأْثَمُ بِهِ وَالصَّبِيُّ وَلَوْ ادَّعَى الصِّبَا وَالْجُنُونَ أَوْ النَّوْمَ، مَثَلًا حَالَةَ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعَهِدَ غَيْرَهُ. قَوْلُهُ: (بِلَا قَصْدٍ) أَيْ لِلَفْظِ الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (ظَاهِرًا) وَيُصَدَّقُ بَاطِنًا مُطْلَقًا وَلَهَا تَمْكِينُهُ حَيْثُ ظَنَّتْ صِدْقَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ ظَنَّ صِدْقَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (يَا طَالِقُ) بِضَمِّ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا أَوْ فَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَطْلُقْ) وَإِنْ هَجَرَ الِاسْمَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِقُرْبِهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ هَجَرَ الِاسْمَ وَقَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) أَيْ وَعَلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا طَلَاقَ، قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَرَدْت) خَرَجَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ قَوْلُهُ: (لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ) أَيْ فِي إرَادَتِهِ غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَإِنْ بَقِيَتْ الْقَرِينَةُ كَانَ غَيْرَ اسْمِهَا وَقَالَ أَرَدْت الِاسْمَ الْأَوَّلَ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ. كَأَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ، وَمَا لَوْ أَرَادَ تَصْوِيرَ الْمَسَائِلِ لِغَيْرِهِ، وَمَا لَوْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا، فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا وَأَتَى بِضَمِيرِ الْإِنَاثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَاطَبَهَا) وَلَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ، وَلَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَاوَرَةً أَيْ مُنَازَعَةً فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ لَا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ. قَوْلُهُ: (الِاسْتِهْزَاءِ) عَائِدٌ لِلْهَزْلِ. قَوْلُهُ: (وَالْمُلَاعَبَةُ) تَفْسِيرٌ لِلدَّلَالِ. قَوْله: (بِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً) وَمِنْهُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ امْرَأَةٍ فَبَانَتْ زَوْجَةَ الْوَكِيلِ فَيَقَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ الطَّلَاقُ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَوْلُهُ: (لِقَصْدِهِ إيَّاهُ) أَيْ لِقَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَاسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَاهُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ لَا يَدْفَعُ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ أَيْ فَقَصْدُ الِاسْتِهْزَاءِ مَثَلًا لَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ مَعْنَاهُ، وَعَطْفُ اللَّعِبِ عَلَى الْهَزْلِ مُرَادِفٌ وَالْهَزْلُ قَصْدُ عَدَمِ الْمَعْنَى، وَاللَّعِبُ لَيْسَ قَصْدَ وُجُودِ الْمَعْنَى وَلَا قَصْدَ عَدَمِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثٌ) وَغَيْرُ الثَّلَاثِ مِثْلُهَا وَإِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِتَعَلُّقِهَا

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ]

فَصْلٌ: مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ اشْتِرَاطُ التَّكْلِيفِ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (بِطَلَاقٍ) أَوْ صِفَتِهِ كَالثَّلَاثِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) وَكَانَ كَالنَّائِمِ. قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ النِّدَاءَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ بِاسْمِهَا، وَإِلَّا فَالنِّدَاءُ مَوْجُودٌ عِنْدَ إرَادَةِ الطَّلَاقِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) هَذَا مَحِلُّهُ إذَا كَانَ اسْمَهَا حِينَ النِّدَاءِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ اسْمُهَا ذَلِكَ قَبْلَ النِّدَاءِ، ثُمَّ غَيَّرَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

قَوْلُهُ: (هَازِلًا وَلَاعِبًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هُمَا مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ وَفِي الْكَافِي لِلْخُوَارِزْمِيِّ الْهَازِلُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا لِلْحُكْمِ الْمَقْصُودِ الَّذِي شُرِعَ لَهُ، وَفِي النِّهَايَةِ الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ، وَاللَّاعِبُ هُوَ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْضًا هَازِلًا) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَوْجِيهِ الْوُقُوعِ فِيهِ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ ظَنَّتْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْزِئًا غَيْرَ رَاضٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ انْتَهَى. أَقُولُ وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إنَّ الْهَازِلَ لَمْ يَقْصِدْ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ، وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْحَقُّ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّ هُنَا قَصَدَ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ غَايَةُ الْأَمْرِ. أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِوُقُوعِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِأَجْلِ هَزْلِهِ، وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي تَعْلِيلِهِ الْآتِي لِقَصْدِهِ إيَّاهُ. وَافَقَ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي الْهَازِلِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُ يُدَيَّنُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِيمَنْ ظَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>