للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ جَازَ ذَلِكَ) أَيْ الرَّمْيُ بِمَا ذُكِرَ وَغَيْرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِ قَوْلٌ بِحُرْمَتِهِ هَذِهِ طَرِيقَةٌ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ إنْ عَلِمَ هَلَاكَ الْمُسْلِمِ بِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ.

(وَلَوْ الْتَحَمَ حَرْبٌ فَتَتَرَّسُوا بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ) مِنْهُمْ وَلَوْ تُرِكُوا لَغَلَبُوا الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (جَازَ رَمْيُهُمْ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ فَالْأَظْهَرُ تَرْكُهُمْ) فَلَا يُرْمَوْنَ وَالثَّانِي جَوَازُ رَمْيِهِمْ وَرَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ تَرَكْنَاهُمْ) فَلَا نَرْمِيهِمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَعَتْ إلَى رَمْيِهِمْ بِأَنْ يَظْفَرُوا بِنَا لَوْ تَرَكْنَاهُمْ (جَازَ رَمْيُهُمْ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى قَصْدِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَنَتَوَقَّى الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ رَمْيُ الْكُفَّارِ إلَّا بِرَمْيِ مُسْلِمٍ

(وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ عَنْ الصَّفِّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى مِثْلَيْنَا) بِأَنْ كَانُوا مِثْلَيْنَا أَوْ أَقَلَّ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٦] هُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ (إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ) كَمَنْ يَنْصَرِفُ لِيَكْمُنَ فِي مَوْضِعٍ وَيَهْجُمَ أَوْ يَنْصَرِفَ مِنْ مَضِيقٍ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ إلَى مُتَّسَعِ سَهْلٍ لِلْقِتَالِ (أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا) قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْصِرَافُهُ قَالَ تَعَالَى إلَّا مُتَحَرِّفًا إلَى آخِرِهِ.

(وَيَجُوزُ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ قُرْبُهَا وَمَنْ عَجَزَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ لَهُ الِانْصِرَافُ بِكُلِّ حَالٍ (وَلَا يُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى بَعِيدَةِ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ) وَيُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ (وَيُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إلَى قَرِيبَةِ) الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يُشَارِكُهُ لِمُفَارَقَتِهِ وَيُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ قَطْعًا وَالْمُتَحَرِّفُ يُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَهَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُشَارِكُ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يَغِبْ وَنَصَّ فِيمَا إذَا انْحَرَفَ وَانْقَطَعَ عَنْ الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمُوا أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُمْ (فَإِنْ زَادَ) الْعَدَدُ (عَلَى مِثْلَيْنَا جَازَ الِانْصِرَافُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

الْإِسْلَامِ عَلَى مَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ قَبْلَ قِتَالِهِ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ الْتَجَئُوا لِنَحْوِ الْحُرُمِ بِلَا ضَرُورَةٍ فِيهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ إلَخْ) وَلَوْ ظَنًّا أَوْ يَقِينًا. قَوْلُهُ: (جَازَ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ فِي الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ: (قَوْلٌ بِحُرْمَتِهِ) الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي جَوَازُ رَمْيِهِمْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ حَيْثُ كَانَتْ حَاجَةٌ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ. قَوْلُهُ: (بِمُسْلِمِينَ) أَوْ ذِمِّيِّينَ. قَوْلُهُ: (تَرَكْنَاهُمْ) وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْحَاجَةِ هُنَا، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُسْلِمِ لِلَّهِ وَفِي نَحْوَ النِّسَاءِ لِلْغَانِمِينَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَعَتْ) أَيْ الضَّرُورَةُ جَازَ رَمْيُهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ الِانْصِرَافُ) أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِتَالُ كَمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ بَعْضُ مَفْهُومِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَنْ الصَّفِّ) خَرَجَ غَيْرُ الصَّفِّ فَيَجُوزُ فِرَارُ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرَيْنِ وَإِنْ طَلَبَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَاهُ. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَزِدْ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْقُوَّةِ أَيْضًا فَيَجُوزُ انْصِرَافُ مِائَةٍ مِنَّا ضُعَفَاءَ عَنْ مِائَتَيْنِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ أَقْوِيَاءَ. قَوْلُهُ: (لِيَكْمُنَ) مُضَارِعُ كَمَنَ كَنَصَرَ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَضِيقٍ) أَوْ نَحْوِ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ. قَوْلُهُ: (مُتَحَيِّزًا) ذَاهِبًا قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَجُوزُ) وَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. قَوْلُهُ: (بَعِيدَةِ) بِحَيْثُ لَوْ اسْتَغَاثَ بِهَا لَمْ تَسْمَعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَعَلَّهُ إلَخْ) أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى جَاسُوسٍ أَرْسَلَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُ مُطْلَقًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَحَرِّفِ وَالْمُتَحَيِّزِ يُشَارِكُ فِيمَا غَنِمَ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وَحَالَ مُفَارَقَتِهِ وَبَعْدَ عَوْدِهِ إلَّا إنْ بَعُدَ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَغِبْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَنَصَّ إلَخْ) ظَاهِرٌ سَوَاءٌ بَعُدَ أَوْ لَا وَمِثْلُهُ الْمُتَحَيِّزُ. قَوْلُهُ: (وَوَاحِدٍ) وَكَذَا اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ لَا أَكْثَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ) نَعَمْ تَحْرُمُ عَلَى فَرْعٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي خُصُوصِهَا وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ بِأَنْ

ــ

[حاشية عميرة]

لَعَلَّ مُرَادَهُ لَا قِتَالَ بِالْفِعْلِ فَيَعُودُ لِلْكُلِّ وَيَتَبَيَّنُ بِهِ مَحِلُّ الْخِلَافِ،

[حِصَارُ الْكُفَّارِ فِي الْبِلَادِ وَالْقِلَاعِ وَإِرْسَالُ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ]

قَوْلُهُ: (وَفِيمَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ قَطْعًا، قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ وَيَنْبَغِي اخْتِصَاصُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِحَالَةِ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ صَرَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ حَالَةَ الضَّرُورَةِ لَا خِلَافَ فِيهَا، قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ فَالْقَوْلَانِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ دَفَعُوا بِهِمْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ بِأَنْ دَفَعُوا بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ اهـ. لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يَعْنِي الْمِنْهَاجَ احْتَرَزَ بِهَذَا عَمَّا لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ مَكْرًا وَخَدِيعَةً لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ شَرْعَنَا لَا يَقْتُلُهُمْ فَإِنَّهُمْ يُرْمَوْنَ قَطْعًا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ وَلَكِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الدَّفْعَ لَا يُتْرَكُونَ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَقُولُ: تَأَمَّلْ الْجَمْعَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ كَمَا يُنْصَبُ الْمَنْجَنِيقُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذُرِّيَّةٌ، قَوْلُهُ: (تَرَكْنَاهُمْ) أَيْ قَطْعًا

قَوْلُهُ: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: ١٦] إلَخْ) لَوْ ادَّعَى التَّحَرُّفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَشَرَطَ فِيهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَعُودَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقَتْلِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ، قَوْلُهُ: (نَصَّ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ يُشَارِكُهُ وَلَا يُشَارِكُهُ، قَوْلُهُ: (وَنَصَّ إلَخْ) هَذَا سَاقَهُ لِأَنَّهُ كَالدَّلِيلِ عَلَى مَا تُرْجَاهُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقِفُ مَعَ الْعَدَدِ) أَيْ وَيَقُولُ: تَتَبُّعُ الْأَوْصَافِ عَسِرٌ وَالْأَوَّلُ قَالَ: يَسْتَنْبِطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ.

[حُكْم الْمُبَارِزَة]

قَوْلُهُ: (الْمُبَارَزَةُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>