للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكْفِي فِيهَا رُؤْيَةُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْخِدْمَةِ، وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا، وَفِي الثَّوْبِ الدِّيبَاجِ الْمُنَقَّشِ رُؤْيَةُ وَجْهَيْهِ، وَكَذَا السِّبَاطُ، وَفِي الْكِرْبَاسِ رُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْهِ، وَقِيلَ رُؤْيَتُهُمَا، وَفِي الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ الْبَيَاضِ وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ (بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي) عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَالثَّانِي يَكْفِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمَعْرِفَةَ كَالرُّؤْيَةِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُ الْعِبَارَةُ. (وَيَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى) أَيْ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ يُعَيِّنُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ. (وَقِيلَ: إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَشْيَاءِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يَعْرِفُهَا بِالسَّمَاعِ وَيَتَخَيَّلُ فَرْقًا بَيْنَهَا. أَمَّا غَيْرُ السَّلَمِ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ وَسَبِيلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهَا، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ وَيُؤَجِّرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا، وَلَوْ كَانَ رَأَى قَبْلَ الْعَمَى شَيْئًا مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ صَحَّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ إيَّاهُ كَالْبَصِيرِ وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ.

بَابُ الرِّبَا بِالْقَصْرِ، وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيْعُ الرِّبَوِيَّاتِ، وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَإِذَا بِيعَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَا) أَيْ الطَّعَامُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (جِنْسًا) وَاحِدًا كَحِنْطَةٍ وَحِنْطَةٍ (اُشْتُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ (الْحُلُولُ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَقَوَائِمِهَا وَظَهْرِهَا) وَكَذَا بَطْنُهَا وَشَعْرُهَا لَا لِسَانُهَا وَأَسْنَانُهَا وَحَوَافِرُهَا وَمَشْيُهَا، وَمِنْهَا الرَّقِيقُ وَيُعْتَبَرُ فِي السَّفِينَةِ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ بَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ يُعَيِّنُهُ بَصِيرٌ بِقَبْضِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ) وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ رُؤْيَةٍ هُنَا. قَوْلُهُ: (يَشْتَرِي نَفْسَهُ) وَكَذَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَالَ الْعَابِدِيُّ وَلَوْ بِالْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ، وَتَصِحُّ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ فِي الْمُعَيَّنِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مِمَّا لَا تَتَغَيَّرُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ رُؤْيَتِهِ قَبْلَ الْعَمَى إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْبَصِيرِ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ حَالَةَ الْعَقْدِ. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ نِكَاحُهُ) أَيْ عَقْدُهُ النِّكَاحَ وَفِي قَبْضِ الْمَهْرِ وَإِقْبَاضِهِ مَا مَرَّ فِي عِوَضِ السَّلَمِ.

بَابُ الرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ وَيَرْسُمُ بِالْأَلِفِ وَالْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَيُقَالُ فِيهِ الرِّمَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَعَ الْمِيمِ وَالْمَدِّ، وَالرُّبْيَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَهُوَ حَيْثُ حُرِّمَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَالسَّرِقَةِ وَعَلَامَةٌ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْذَنْ بِالْمُحَارَبَةِ إلَّا فِيهِمَا وَحُرْمَتُهُ تَعَبُّدِيَّةٌ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ حُكْمٌ لَا عِلَلٌ وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ، وَآكِلُهُ فِي الْحَدِيثِ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ آخِذُ الزِّيَادَةِ وَمُوَكِّلُهُ دَافِعُهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمَلْعُونُ بِسَبَبِهِ عَشَرَةٌ كَمَا فِي الْخَمْرِ، وَهُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَلَوْ فِي الزَّمَنِ كَرِبَا الْيَدِ. وَشَرْعًا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَالْمُرَادُ بِالْعِوَضِ الْمَخْصُوصِ أَنْوَاعُ الرِّبَوِيَّاتِ وَيُقَيَّدُ غَيْرُ الْمَعْلُومِ بِمُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَلَوْ زَادَ فِي التَّعْرِيفِ لَفْظٌ فِي مَعْلُومِ الْجِنْسِ بَعْدَ لَفْظِ التَّمَاثُلِ لَأَغْنَى عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ فَيَشْمَلُ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ، وَأَقْسَامُهُ

ــ

[حاشية عميرة]

يُشْتَرَطُ فِي الْأَمَةِ رُؤْيَةُ الشَّعْرِ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِصِفَةِ السَّلَمِ) أَيْ وَلَوْ تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ نَظَرًا لِلْعِتْقِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ وَيُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ إذْ الْمُعَيَّنُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ كَالْبَيْعِ بِهِ.

[بَابُ الرِّبَا]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُشْتُرِطَ) أَيْ وَحَرُمَ تَعَاطِي مَا خَلَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ قَاصِرَةً عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ وَطَرِيقُهُمَا إذَا أَرَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>