وَاحِدٍ (وَ) مِثْلُ (أُنْمُوذَجِ الْمُتَمَاثِلِ) أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ، فَإِنَّ رُؤْيَتَهُ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِي الْمَبِيعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (أَوْ كَانَ صِوَانًا) بِكَسْرِ الصَّادِ (لِلْبَاقِي خِلْقَةً كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ وَالْقِشْرَةِ السُّفْلَى لِلْجَوْزِ وَاللَّوْزِ) أَيْ تَكْفِي رُؤْيَةُ الْقِشْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ إلَى آخِرِهِ قَسِيمُ قَوْلِهِ: إنْ دَلَّ إلَى آخِرِهِ، وَقَوْلُهُ كَالْمُحَرَّرِ خِلْقَةً مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ صِفَةٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ جِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ وَاحْتَرَزُوا بِوَصْفِ الْقِشْرَةِ بِالسُّفْلَى لِمَا ذُكِرَ وَهِيَ الَّتِي تُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ عَنْ الْعُلْيَا فَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهَا، فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَالْخُشْكَنَانُ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَعَ أَمْثِلَةِ الصِّوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَالْفُقَّاعِ، قَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَفْتَحُ رَأْسَ الْكُوزِ فَيَنْظُرُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُسَامَحَةَ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: الْأَصَحُّ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي الْكُوزِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ.
(وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ كُلِّ شَيْءٍ) غَيْرَ مَا ذَكَرَ (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) فَيُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ رُؤْيَةُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ، وَكَذَا بَاقِي الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ، وَقِيلَ:
ــ
[حاشية قليوبي]
فِي الضَّرْعِ، وَنَسْجُ بَعْضِ ثَوْبٍ دُونَ بَاقِيهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلُ) هُوَ فِي مَوْضِعِ الْكَافِ فَأُنْمُوذَجُ عَطْفٌ عَلَى ظَاهِرِ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي صِيغَتِهِ كَبِعْتُكَ كَذَا وَهَذَا مِنْهُ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ خَلْطِهِ بِهِ وَلَا تَلَفُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) أَيْ وَضْعُ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَامُوسِ بِجَعْلِ هَذَا مِنْ اللَّحْنِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ كَوْنُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَوْ بِلَا هَمْزَةٍ. قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الصَّادِ) وَيَجُوزُ ضَمُّهَا. قَوْلُهُ: (كَقِشْرِ الرُّمَّانِ) وَكَذَا كُوزُ الطَّلْعِ وَقِشْرُ الْقَصَبِ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُمَصُّ مَعَهُ، وَجَوْزُ الْقُطْنِ بَعْدَ تَفَتُّحِهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ قِشْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَخْ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (قَسِيمُ إلَخْ) فَهُوَ بَعْضُ الْمَبِيعِ أَيْ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي جَعْلِهِ عَطْفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْخُشْكَنَانُ) فَهُوَ مِنْ الصُّوَانِ غَيْرُ الْخِلْقِيِّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كُلُّ مَا تَوَقَّفَ بَقَاءُ مَا فِيهِ عَلَيْهِ كَالْجَوْزِ وَالْخُشْكَنَانِ الْمَحْشُوِّ أَوْ لَمْ يُقْصَدْ مَا فِيهِ كَالْمَحْشُوِّ مِنْ الْجُبَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْمُجَوَّزَةِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِهِ كَقُطْنِ الْفُرُشِ وَالْأَلْحِفَةِ.
فُرُوعٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ لُبِّ نَحْوَ الْجَوْزِ فِي قِشْرِهِ وَلَا بَيْعُ الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ إبَانَتِهَا، وَلَا مَذْبُوحٍ أَوْ جِلْدِهِ أَوْ لَحْمِهِ قَبْلَ سَلْخِهِ وَلَا مَسْلُوخٍ قَبْلَ تَنْقِيَةِ جَوْفِهِ إلَّا نَحْوَ سَمَكٍ لِقِلَّةِ مَا فِيهِ، وَلَا بَيْعُ صُوفٍ قَبْلَ جَزِّهِ أَوْ تَزْكِيَةِ حَيَوَانِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ نَعَمْ إنْ قُبِضَ عُفِيَ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ وَبَاعَهُ صَحَّ. وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ قَرَارِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْقَرَارِ وَيَتْبَعُهَا لِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَالْفُقَاعِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ كُوزِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورِ الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) وَهُوَ مَا يُخِلُّ عَدَمُ رُؤْيَتِهِ بِمُعْظَمِ الْمَالِيَّةِ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْعَوْرَةِ) وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.
[حاشية عميرة]
وَنَحْوِهِمَا، فَشِرَاءُ سَلَّةِ الْعِنَبِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رُؤْيَةِ وَاحِدٍ إلَخْ) لَوْ رَأَى أَحَدَ جَانِبَيْ الْبِطِّيخَةِ لَمْ يَكْفِ بَلْ هِيَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (وَمِثْلِ) يُرِيدُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ظَاهِرِ الصُّبْرَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاطَ إدْخَالِهِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَعْضِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) يَعْنِي لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمِثْلِيَّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْأُنْمُوذَجَ وَقَالَ بِعْتُك مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَالًا لِيَكُونَ بَيْعًا وَلَمْ يُرَاعِ شُرُوطَ السَّلَمِ وَلَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْوَصْفِ فِي السَّلَمِ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِاللَّفْظِ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ النِّزَاعِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك الْحِنْطَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَهَذَا أُنْمُوذَجُهَا فَإِنْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَشَرْطُ الْإِدْخَالِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الصُّبْرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ كَانَ كَبَيْعِ عَيْنَيْنِ رَأَى إحْدَاهُمَا وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْبَغَوِيِّ، وَاكْتَفَى الزَّرْكَشِيُّ بِالْإِدْخَالِ فِي الْبَيْعِ وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (صُوَانًا) هُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي يُصَانُ فِيهِ الشَّيْءُ، وَيُقَالُ الصِّيَانُ أَيْضًا بِالْيَاءِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الدَّقَائِقِ. قَوْلُهُ: (مَعَ أَمْثِلَةِ الصُّوَانِ إلَخْ) جَعْلُهُ مِنْ مَسَائِلِ الصُّوَانِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى بَاطِنِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتُعْتَبَرُ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرَى كُلَّ ضَبَّةٍ وَسِلْسِلَةٍ عَلَى بَابٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ وَصْفًا. قَوْلُهُ: (وَالْجُدْرَانِ) أَيْ دَاخِلًا وَخَارِجًا. قَوْلُهُ: (كَالْعَبْدِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute