للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ، كَسَقْيٍ وَتَنْقِيَةِ نَهْرٍ) أَيْ مَجْرَى الْمَاءِ مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ. (وَإِصْلَاحِ الْأَجَّاجِينَ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْمَاءُ) وَهِيَ الْحُفَرُ حَوْلَ الشَّجَرِ يُجْمَعُ فِيهَا الْمَاءُ لِتَشْرَبَهُ، شُبِّهَتْ بِإِجَّانَاتِ الْغَسِيلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْإِجَّانَةُ وَاحِدَةُ الْأَجَّاجِينَ. (وَتَلْقِيحٍ) لِلنَّخْلِ وَهُوَ وَضْعُ شَيْءٍ مِنْ طَلْعِ الذُّكُورِ فِي طَلْعِ الْإِنَاثِ. (وَتَنْحِيَةِ حَشِيشٍ وَقُضْبَانٍ مُضِرَّةٍ) بِالشَّجَرِ (وَتَعْرِيشٍ) لِلْعِنَبِ (جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ) وَهُوَ أَنْ يَنْصِبَ أَعْوَادًا وَيُظَلِّلَهَا وَيَرْفَعَهُ عَلَيْهَا. (وَكَذَا) عَلَيْهِ (حِفْظُ الثَّمَرِ) عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ. (وَجَدَادُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، وَإِهْمَالِ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ أَيْ قَطْعُهُ.

(وَتَجْفِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِهِ، وَالثَّانِي لَيْسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ عَنْ أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ وَكَذَا الْجَدَادُ، وَالتَّجْفِيفُ؛ لِأَنَّهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الثَّمَرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصِلْهَا كَالتَّتِمَّةِ حِكَايَةُ الثَّانِي فِي الْحِفْظِ، أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ بِحَسَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّمَرِ، وَفِي الْبَسِيطِ وَغَيْرِهِ حِكَايَةُ أَنَّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَفِي الْكِفَايَةِ حِكَايَةُ، أَنَّ الْجَدَادَ وَالتَّجْفِيفَ عَلَى الْمَالِكِ، وَالرَّوْضَةُ كَأَصْلِهَا سَاكِنَانِ عَنْ ذَلِكَ، وَفِيهِمَا بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي التَّجْفِيفِ، تَصْحِيحُ وُجُوبِهِ عَلَى الْعَامِلِ إذَا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِهِ، أَوْ شَرَطَاهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَيْدِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْبَاقِيَ لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ، أَوْ الشَّرْطِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْجَدَادِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا، لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحِفْظِ أَيْضًا وَيَأْتِي وَجْهُ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ فِي الْجَدَادِ وَالتَّجْفِيفِ.

(وَمَا يُعَدُّ بِهِ حِفْظُ الْأَصْلِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ، وَحَفْرِ نَهْرٍ جَدِيدٍ فَعَلَى الْمَالِكِ) فَلَوْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَكَذَا مَا عَلَى الْعَامِلِ لَوْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ.

تَتِمَّةٌ: يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ بِالْقِسْمَةِ كَالْقِرَاضِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ فَإِنَّ لِلرِّيحِ وِقَايَةً لِرَأْسِ الْمَالِ، وَالثَّمَرُ لَيْسَ وِقَايَةً لِلشَّجَرِ.

(وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) كَالْإِجَارَةِ (فَلَوْ) (هَرَبَ الْعَامِلُ قَبْلَ الْفَرَاغِ) مِنْ الْعَمَلِ (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

عَلَى أَنَّهُ كَالْأَجِيرِ، وَمَتَى حَصَلَ فَسْخٌ أَوْ انْفِسَاخٌ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا مِنْ الثَّمَرَةِ. قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (حَشِيشٌ) هُوَ اسْمٌ لِلرَّطْبِ وَالْيَابِسِ كَمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْحَشِيشُ وَالْهَشِيمُ اسْمٌ لِلْيَابِسِ فَقَطْ، وَالْعُشْبُ وَالْخَلَا بِالْقَصْرِ اسْمٌ لِلرَّطْبِ فَقَطْ، وَالْكَلَأُ يَعُمُّهُمَا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ السَّارِقِ وَالطَّيْرِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا وَأَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ عُنْقُودٍ قَوْصَرَّةً مَثَلًا وَلَوْ كَثُرَ السُّرَّاقُ أَوْ كَبُرَ الْبُسْتَانُ وَعَجَزَ عَنْ الْحِفْظِ ضَمَّ إلَيْهِ مُسَاعِدٌ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُهُ: (وَإِهْمَالُ الدَّالَيْنِ فِي الصِّحَاحِ) وَفِيهَا أَيْضًا جَوَازُ إعْجَامِهِمَا وَإِعْجَامِ إحْدَاهُمَا. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ) وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهَا عَادَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَيْسَتْ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ، كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا عَلَى الْعَامِلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَالْكِفَايَةِ وَلَيْسَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا وَالثَّالِثُ أَنَّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ مَعًا، وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالتَّتِمَّةُ فِي الْحِفْظِ وَحْدَهُ وَقَاسَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ الْجِدَادَ وَالتَّجْفِيفَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَظَهَرَ إلَخْ إلَى الرَّدِّ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي إجْرَاءِ الْخِلَافِ مَعَ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْمُنَاقَشَاتِ مِنْ هَذَا الْإِمَامِ مَعَ قُوَّةِ الِاخْتِصَارِ فِي الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةَ الْعَادَةِ) أَيْ الْمُوَافَقَةَ لِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ لَا الْمُخَالَفَةَ لَهُ وَإِلَّا لَزِمَ بُطْلَانُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ:

(كَبِنَاءِ الْحِيطَانِ) وَكَذَا مَا يُبْنَى بِهِ، وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (جَدِيدًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ انْهِيَارِهِ وَمِثْلُهُ نَصْبُ بَابٍ وَدُولَابٍ وَحَرْثٍ، وَمَا يَحْرُثُ مِنْ الْآلَاتِ وَمَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ كَبَقَرٍ وَخَرَجَ بِجَدِيدٍ تَرْقِيعُ النَّهْرِ وَالْحِيطَانِ. وَوَضْعُ نَحْوِ شَوْكٍ عَلَيْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِالظُّهُورِ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُمَلِّكُهَا الْعَقْدُ بَعْدَهُ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ هَذَا

قَوْلُهُ: (كَالْإِجَارَةِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ مَعَ بَقَائِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَرَبَ) أَوْ امْتَنَعَ أَوْ حَبَسَ أَوْ مَرِضَ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَمَلِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) أَيْ فَعَلَهُ وَلَوْ مِنْ ابْتِدَائِهِ كَمَا عُلِمَ آنِفًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَالِهِ أَوْ بِمُتَبَرِّعٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ أَوْ كَانَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِمَّا يَتَكَرَّرُ) مِنْ الْعَمَلِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ الطَّلْعِ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ مُتَكَرِّرٌ كُلَّ عَامٍ، وَهُوَ عَلَى الْمَالِكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْحَشِيشُ) أَطْلَقَهُ عَلَى الْأَخْضَرِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ لِلْيَابِسِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَلَأِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّهُمَا.

فَرْعٌ: وَضْعُ الشَّوْكِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَسَدُّ الثَّلَمِ الْيَسِيرَةِ فِي الْجِدَارِ يُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ. قَوْلُهُ: (حِفْظُ الثَّمَرِ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ بِنَفْسِهِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحِفْظَ خَارِجٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَعْمَالَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ تَنْمِيَةَ الثِّمَارِ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي وَجْهُ إلَخْ) وَجْهُهُ مَا سَلَفَ لَنَا فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَى الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ فِي الْحِفْظِ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَدِيدٍ) مِثْلُهُ مَا عَرَضَ انْهِيَارُهُ.

[تَتِمَّة يَمْلِكُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ فِي الْمُسَاقَاة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَالْجَامِعُ لَهَا مَعَ الْإِجَارَةِ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ عَلَى عَمَلٍ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مَعَ أَنَّهَا بِخِلَافِ الْقِرَاضِ، وَأَيْضًا لَوْ جَازَتْ وَفَسَخَ الْمَالِكُ قَبْلَ ظُهُورِ الثِّمَارِ فَاتَ عَمَلُ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ الْقِرَاضِ مِنْ فَسْخِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لَا يَضُرُّ، قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا فَسَخَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ هَلَّا صَحَّ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ كَالْجَعَالَةِ قَالَ، وَلَمْ يَبْنِ لِي دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى لُزُومِهَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَتَمَّهُ الْمَالِكُ) مِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>