أَوْ مَالِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ (فَإِنْ) حَضَرَ وَ (شَرَعَ فِي قِتَالٍ) ثُمَّ عَلِمَ الرُّجُوعَ، (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجِبُ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِانْصِرَافِ وَالْمُصَابَرَةِ وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْجُهٌ وَفِي أَصْلِهَا أَقْوَالٌ أَوْ أَوْجُهٌ، (الثَّانِي) مِنْ حَالِ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ بَلْدَةً لَنَا فَيَلْزَمُ) أَهْلَهَا الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجَبَ الْمُمْكِنُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ (حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَرَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ، (وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ) فِي الْعَبْدِ (إذْنُ سَيِّدِهِ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَالنِّسْوَةُ إنْ كَانَ فِيهِنَّ قُوَّةُ دِفَاعٍ كَالْعَبِيدِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْضُرْنَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ، (فَمَنْ قَصَدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَجُ وَالْمَرِيضُ، (وَإِنْ جُوِّزَ الْأَسْرُ) وَالْقَتْلُ (فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ) وَأَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ (وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلْدَةِ كَأَهْلِهَا) ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الْأَصَحِّ مُسَاعَدَةٌ لَهُمْ (وَمَنْ) هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ قِيلَ وَإِنْ كُفُوا) يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ مُسَاعَدَةً لَهُمْ
(وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) كَمَا يُنْهَضُ إلَيْهِمْ فِي دُخُولِهِمْ دَارَ الْإِسْلَامِ لِدَفْعِهِمْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ، وَالثَّانِي قَالَ إزْعَاجُ الْجُنُودِ لِخَلَاصِ أَسِيرٍ بَعِيدٌ. .
فَصْلٌ (يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) . الْأَمِيرِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ
(وَيُسَنُّ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) ، عَلَيْهِمْ (بِالثَّبَاتِ) وَيَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ وَيُوصِيهِ بِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ تُؤْمَنُ خِيَانَتُهُمْ) أَهْلِ ذِمَّةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: هَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ خَاصٌّ بِالْفَرْعِ وَالْمَدِينِ، كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَغَيْرُهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ وَالِانْصِرَافُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ الْفَشَلِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ آنِفًا.
قَوْلُهُ: (بَلْدَةً لَنَا) هُمَا مِثَالٌ إذْ غَيْرُ الْبَلَدِ كَالْجَبَلِ وَالْخَرَابُ الْقَرِيبُ مِنْهَا كَذَلِكَ، وَبِلَادُ الذِّمِّيِّينَ كَبِلَادِنَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُنَا الذَّبُّ عَنْهُمْ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إنْ عُلِمَ إلَخْ) أَوْ لَمْ تَأْمَنْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ فَاحِشَةً لَوْ أَخْذًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَوَّزَ إلَخْ) أَوْ أَمِنَ مِنْ ذِكْرِ الْفَاحِشَةِ وَلَوْ حَالَ الْقِتَالِ، وَلَهُ الدَّفْعُ إذَا أُرِيدَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْأَسْرِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ) لِأَنَّهُ قَدْ أَمِنَ الْمَحْذُورَ الْآنَ وَقَدْ يَسْتَمِرُّ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ كَافِرٌ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْكَلَامُ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لِمَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ تَأْخِيرٌ لِتَرَقُّبِ خُرُوجِ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ، قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ) فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّهِمْ وَفِيمَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ بِمَا عَلِمْت،.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) وَلَوْ عَلَى رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَوَقَّعْنَاهُ) أَيْ خَلَاصَهُ وَإِلَّا كَأَنْ تَوَغَّلُوا فِي بِلَادِهِمْ تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ.
[فَصْلٌ الْغَزْو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ]
فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ لَهُ وَمَا يَجُوزُ أَوْ يُسَنُّ فِعْلُهُ بِهِمْ، وَمَنْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْهُمْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَالْغَزْوُ لُغَةً الطَّلَبُ، لِأَنَّ الْغَازِي يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاصْطِلَاحًا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (يُكْرَهُ) أَيْ فِي الْمُتَطَوِّعَةِ وَيَحْرُمُ فِي الْمُرْتَزِقَةِ بِلَا إذْنٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْغَزْوِ لَكِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَجُنْدُهُ بِإِقْبَالِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فِيهِ أَوْ كَانَ انْتِظَارُ الْإِذْنِ يُفَوِّتُ مَقْصُودًا لَمْ يُكْرَهْ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يُؤْمَرَ إلَخْ) نَعَمْ إنْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِ الْإِمَارَةِ خَلَلٌ فِي الْقِتَالِ وَجَبَتْ وَيُسَنُّ مَنْعُ مُخَذِّلٍ أَوْ مُرْجِفٍ مِنْ الْخُرُوجِ وَمِنْ الْجِهَادِ بَلْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَى خُرُوجِهِ فَسَادٌ فِي الْقِتَالِ أَوْ طَمَعٌ فِي الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ: (إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ سِرًّا أَوْ لَيْلًا غَالِبًا، وَتَعُودُ إلَى الْجَيْشِ وَأَقَلُّهَا مِائَةٌ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ الْجَمَاعَةِ الشَّامِلَةِ لِلْبَعْثِ وَالْكَتِيبَةِ وَالْفِئَةِ، وَهِيَ مَا دُونَهَا إلَى الْوَاحِدِ وَلِمَا فَوْقَهَا وَيُسَمَّى بِالْمَنْسَرِ إلَى ثَمَانمِائَةٍ ثُمَّ بِالْجَيْشِ وَالْخَمِيسِ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ ثُمَّ بِالْجَحْفَلِ لِمَا زَادَ بِلَا نِهَايَةٍ. قَوْلُهُ: (الْبَيْعَةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ. قَوْلُهُ: (بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ) وَيَحْرُمُ كَوْنُهُ مُبْتَدِعًا نَحْوَ فَاسِقٍ.
تَنْبِيهٌ: يَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ أَرَادُوا سَفَرًا وَلَوْ قَصِيرًا أَنْ يُؤَمِّرُوا عَلَيْهِمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُفَّارٍ) وَإِنْ لَمْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسَوَاءٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِمْ أَوْ لَا وَيُرَادُ بِالْمُقَاوَمَةِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ وَشَمِلَ الْكُفَّارَ مَا لَوْ كَانُوا نِسَاءً بِإِذْنِ أَزْوَاجِهِنَّ.
ــ
[حاشية عميرة]
لَكِنَّ قَائِلَهُ يُوجِبُهُ عَلَى الْأَقْرَبِينَ، فَالْأَقْرَبِينَ بِلَا ضَبْطٍ حَتَّى يَصِلَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ كَفَوْا وَأُخْرِجُوا.
قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ) لَمْ يَقُلْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لِئَلَّا يَتَدَافَعَ.
فَصْلٌ يُكْرَهُ غَزْوٌ قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ) قِيلَ: مَحِلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُرْتَزِقَةِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ بِصَدَدِ مُهِمَّاتِ الدِّينِ الَّتِي تَعْرِضُ فَلَا يَغْزُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (الْبَيْعَةَ) هِيَ الْيَمِينُ وَالْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَسُمِّيَتْ السَّرِيَّةُ سَرِيَّةً لِأَنَّهَا تَسْرِي لَيْلًا وَقِيلَ مِنْ الشَّيْءِ السَّرِيِّ، أَيْ النَّفِيسِ