للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ كَالْإِعْتَاقِ وَعَلَى التَّمْلِيكِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ، وَقِيلَ: يَحْتَاجُ إلَيْهِ (إلَّا مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا؛ لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي الْإِبْرَاءِ تَبَعًا لَهُ (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الْأَصَحِّ) عَلَى الْجَدِيدِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى جَهْلِ صِفَتِهَا (وَلَوْ قَالَ: ضَمِنْت مِمَّا لَك عَلَى زَيْدٍ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشْرَةٍ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ، وَدَفَعْت بِذِكْرِ الْغَايَةِ. (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِعَشْرَةٍ قُلْت: الْأَصَحُّ لِتِسْعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقِيلَ: لِثَمَانِيَةٍ إخْرَاجًا لِلطَّرَفَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَدْخَلُهُمَا، وَالثَّانِي أَدْخَلَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَنَقَلَ فِي الشَّرْحِ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ عَنْ الْبَغَوِيّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. فَرْعٌ يَجُوزُ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ كَالْأَمْوَالِ. .

فَصْلٌ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ

ــ

[حاشية قليوبي]

بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا وَتَعَيُّنِ حَاضِرِهَا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ الْغَرَضُ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ بَرِئَ فِيهِمَا لَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ إبِلِ الدِّيَةِ) وَمِثْلُهَا الْأَرْشُ وَالْحُكُومَةُ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُمْ أَيْضًا، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا نَظَرٌ مِمَّا يَأْتِي بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا) عَنْ الْجَانِي مُطْلَقًا وَعَنْ الْعَاقِلَةِ بَعْدَ حُلُولِهَا لَا قَبْلَهُ لِسُقُوطِهَا عَنْهُمْ، بِنَحْوِ فَقْرٍ وَيَرْجِعُ ضَامِنُهَا بِالْإِذْنِ بِمِثْلِهَا لَا قِيمَتِهَا كَالْقَرْضِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْحُكُومَةِ وَالْأَرْشِ لِبُعْدِهِ، وَإِنْ آلَ إلَى اللُّزُومِ حَرَّرَهُ. قَوْلُهُ: (ضَمِنْت) أَيْ مَثَلًا فَالْإِقْرَارُ وَالْعِتْقُ وَالنَّذْرُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْيَمِينُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي طَلَّقْتُكِ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ، فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ الْأَشْجَارَ مِنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ دَخَلَتْ الْغَايَةُ أَوْ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ لَمْ تَدْخُلْ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى صِيغَةُ عُمُومٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَيَشْمَلُ الْعَيْنَ أَيْضًا وَتَأْخِيرُ الشَّارِحِ لَهَا إلَى الْكَفَالَةِ لِلْمُنَاسَبَةِ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْبَدَنَ.

فَصْلٌ فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي هِيَ ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْبَدَنِيَّةِ. قَوْلُهُ: (الْبَدَنِ) أَيْ بَدَنِ مَنْ يَسْتَحِقُّ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَشَرْحُ الرَّوْضِ

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ قَالَ لَهُ: قَدْ أَغْتَبْتُكَ فَاعْفُ عَنِّي، فَفَعَلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ، وَاعْلَمْ أَنَّ السُّبْكِيَّ اخْتَارَ أَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَرَجَّحَهُ وَعَضَّدَهُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ. وَقَالَ: لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَصَحَّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَعْيَانِ. قَوْلُهُ: (وَمَعَ الْجَهْلِ بِصِفَتِهَا) أَيْ أَلْوَانِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ ضَمَانُهَا) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِبْرَاءِ، وَكَانَ وَجْهُ ثُبُوتِ الْخِلَافِ هُنَا دُونَ الْإِبْرَاءِ، أَنَّ الضَّمَانَ نَقْلُ دَيْنٍ وَذَاكَ إسْقَاطٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِمَّا لَكَ) مِثْلُهُ مَالَكَ. قَوْلُهُ: (أَدْخَلَ الْأَوَّلَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ الِالْتِزَامِ. فَائِدَةٌ قَالَا: ضَمِنَّا مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْجَمِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ، كَمَا لَوْ رَهَنَا عَبْدَهُمَا بِأَلْفٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ رَهْنُ الْجَمِيعِ وَخَالَفَ الْمُتَوَلِّي غَيْرَهُ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ) وَافَقَهُ السُّبْكِيُّ. قَالَ: لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشْرَةٍ فَتَدْخُلُ الْغَايَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا وَبَيَانٍ لَهُ، كَمَا فِي قَرَأْت الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ. قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ بِعْتُكَ الْأَشْجَارَ مِنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ، بِخِلَافِ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَإِنَّ الْغَايَةَ لَمْ تُجْعَلْ بَيَانًا لِمَا قَبْلَهَا. قَالَ: وَالْفَرْقُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ قَاضٍ بِمَا قُلْتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا صِيغَةُ عُمُومٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأَشْجَارِ فَإِنَّهَا صِيغَةُ عُمُومٍ.

[فَصْلٌ كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

فَصْلٌ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ كَفَالَةِ الْبَدَنِ اعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ، هِيَ ضَعِيفَةٌ فَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَعِيفَةٌ فِي الْقِيَامِ، وَلِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ ضَمَانَ الْمَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>