للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنِّكَاحُ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ قُدِّمَ شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ.

(وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) كَالْكَافُورِ فِي غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ. (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ: لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الَّتِي كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ وَهُوَ التَّفَجُّعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي يُسْتَصْحَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ فِي الْمُحْرِمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالرُّويَانِيِّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَوْ الْكَثِيرِينَ الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى. (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ، بِهَذَا قَالَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ فِيهِ شَيْءٌ مُعْتَمَدٌ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَرَاهَتَهُ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَظْهَرِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَتُفْعَلُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَبْلَ الْغُسْلِ.

(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِ حَرِيرٍ لِلرَّجُلِ، وَيَحْرُمُ تَكْفِينُهُ بِالْحَرِيرِ، وَيُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِهِ لِلسَّرَفِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ وَسَطِهَا، أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ -

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَجْنَبِيَّاتِ. قَوْلُهُ: (شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ) وَالْحُرِّيَّةُ الْكَامِلَةُ وَعَدَمُ الْقَتْلِ، وَعَدَمُ عَدَاوَةٍ وَفِسْقٍ وَصِبًا وَجُنُونٌ وَوِصَايَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمَ إلَخْ) أَيْ فَيَحْرُمُ تَطْيِيبُهُ لَا الْبَخُورُ عِنْدَهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ شَعْرِهِ. وَلَوْ مِنْ رَأْسِهِ فَلَا يَحْلِقُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ مَا ذَكَرَ. وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَعْدَهُ كَغَيْرِهِ وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْقُلْفَةِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُحْرِمٍ، وَإِنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ إزَالَةُ مَا تَحْتَهَا أَوْ غَسْلُهُ، دُفِنَ بَعْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِلَا صَلَاةٍ، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، حَيْثُ قَالَ: يُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ، عَمَّا تَحْتَهَا أَوْ تُزَالُ، نَعَمْ يُزَالُ شَعْرٌ وَظُفْرٌ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ، زَوَالُ نَجَاسَةٍ، أَوْ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ وَلَوْ مِنْ مُحْرِمٍ.

(فَصْلٌ فِي التَّكْفِينِ) أَيْ كَيْفِيَّتِهِ، وَمَا يُكَفَّنُ بِهِ وَمَا يَتْبَعُهُمَا. قَوْلُهُ: (يُكَفَّنُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا. قَوْلُهُ: (بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا) أَيْ بِمَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ، لَا لِحَاجَةٍ فَلَا يُكَفَّنُ بِالْحَرِيرِ مِنْ لُبْسِهِ، لِحَكَّةٍ أَوْ قَمْلٍ، وَكَذَا الْقِتَالُ وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا فِي الشَّهِيدِ فِي الْقِتَالِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ، وَيُكَفَّنُ بِهِ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَإِنْ كُرِهَ كَالْمَرْأَةِ وَيُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى الْجِلْدِ، وَهُوَ عَلَى الْحَشِيشِ وَهُوَ عَلَى الطِّينِ وَالْمُزَعْفَرِ، كَالْحَرِيرِ وَيُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ، وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ وَيُكَفَّنُ بِالنَّجَسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، عَارِيًّا إنْ لَمْ يُوجَدْ نَحْوَ طِينٍ، وَكُلُّ كَفَنٍ نَقَصَ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ تُمِّمَ مِمَّا بَعْدَهُ، وَسِتْرُ التَّابُوتِ كَالتَّكْفِينِ. قَوْلُهُ: (الْعَوْرَةَ) وَهِيَ هُنَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي الذَّكَرِ، وَمَا عَدَا الْوَجْهَ، وَالْكَفَّيْنِ فِي الْأُنْثَى وَلَوْ رَقِيقَةً، لِأَنَّ الرِّقَّ يَزُولُ هُنَا بِالْمَوْتِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ) قَالَ شَيْخُنَا: نَدْبًا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِلَّةِ وَالتَّوَسُّطِ، -

ــ

[حاشية عميرة]

وَهُوَ عَكْسُ مَا سَلَفَ فِي غُسْلِ الرَّجُلِ، فَمَا الْفَرْقُ؟ وَلَعَلَّهُ قُوَّةُ الذُّكُورِ بِدَلِيلِ عَقْلِهِمْ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ كُلُّ مَنْ قَدَّمَ شَرْطَهُ الْإِسْلَامُ) لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَقَدُّمِهِ الْبُلُوغُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا الْعَدَالَةُ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ أَحَالُوا عَلَى الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْحُرَّ الْبَعِيدَ يُقَدَّمُ عَلَى الرَّقِيقِ الْقَرِيبِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَيْضًا

. قَوْلُهُ: (لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَأَيْضًا فَقِيَاسًا عَلَى عَدَمِ خَتْنِهِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ) أَيْ فَهُوَ جَدِيدٌ أَيْضًا، وَلِذَا عَبَّرَ بِالْأَظْهَرِ، وَلَمْ يَقُلْ: قُلْت: الْقَدِيمُ أَظْهَرُ.

[فَصْلٌ يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا]

(فَصْلٌ: يُكَفَّنُ إلَخْ) قَوْلُهُ: (بِالْحَرِيرِ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْحَرِيرِ إذَا كَانَ عَلَى قَتِيلِ الْمَعْرَكَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا تَلَطَّخَ بِالدَّمِ فَيُدْفَنُ فِيهِ كَمَا هُوَ.

(فَرْعٌ) يَجُوزُ تَكْفِينُ الْمُحَدَّةِ فِيمَا حَرُمَ عَلَيْهَا لُبْسُهُ كَمَا يَجُوزُ تَطْيِيبُهَا. قَوْلُهُ: (فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ) لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>