للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَمْلُ نَصِّ الْهَرَبِ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ النَّجَاةَ بِهِ وَنَصِّ عَدَمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ

(وَلَوْ عُضَّتْ يَدُهُ) (خَلَّصَهَا بِالْأَسْهَلِ مِنْ ذَلِكَ لَحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ (فَإِنْ عَجَزَ فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ) بِالنُّونِ أَيْ سَقَطَتْ (فَهَدَرٌ) لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ

(وَمَنْ نَظَرَ) بِضَمِّ الْحَاء وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْهَاءِ (فِي دَارِهِ مِنْ كُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ طَاقَةٌ (أَوْ ثَقْبٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (عَمْدًا فَرَمَاهُ) ، أَيْ النَّاظِرَ صَاحِبُ الدَّارِ (بِخَفِيفٍ كَحَصَاةٍ فَأَعْمَاهُ أَوْ أَصَابَ قُرْبَ عَيْنِهِ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ فَهَدَرٌ بِشَرْطِ عَدَمِ مَحْرَمٍ وَزَوْجَةٍ لِلنَّاظِرِ) ، لِأَنَّ لَهُ مَعَهُمَا شُبْهَةً فِي النَّظَرِ (قِيلَ وَ) عَدَمُ (اسْتِتَارِ الْجِرْمِ) بِالثِّيَابِ لِأَنَّهُ مَعَ اسْتِتَارِهِنَّ لَا يَطَّلِعُ عَلَى شَيْءٍ، فَلَا يُرْمَى وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى يَسْتَتِرْنَ وَيَتَكَشَّفْنَ فَيَحْسِمُ بَابَ النَّظَرِ.

(قِيلَ وَ) شُرِطَ (إنْذَارٌ) بِالْمُعْجَمَةِ (قَبْلَ رَمْيِهِ) عَلَى قِيَاسِ دَفْعِ الصَّائِلِ أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ وَعُورِضَ، بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ ابْتِدَاؤُهُ بِالْقَوْلِ بَلْ يَجُوزُ بِالْفِعْلِ.

(وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ) وَلَدَهُ (وَوَالٍ) مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ (وَزَوْجٌ) زَوْجَتَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ نُشُوزٍ وَغَيْرِهِ، (وَمُعَلِّمٌ) حَبِيَّةُ وَيُسَمَّى فِي غَيْرِ الْوَالِي تَأْدِيبًا أَيْضًا (فَمَضْمُونُ) تَعْزِيرِهِمْ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ

(وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا) بِالنَّصِّ كَحَدِّ الْقَذْفِ دُونَ الشُّرْبِ فَهَلَكَ، (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ وَالْحَقُّ قَتْلُهُ

(وَلَوْ ضُرِبَ شَارِبٌ بِنِعَالٍ وَثِيَابٍ) فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضْرَبَ هَكَذَا بِأَنْ يَتَعَيَّنَ السَّوْطُ، (وَكَذَا أَرْبَعُونَ سَوْطًا)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (بِالْأَسْهَلِ) فَيُقَدَّمُ الْإِنْذَارُ ثُمَّ الزَّجْرُ ثُمَّ الْفَكُّ ثُمَّ نَحْوُ بَعْجِ بَطْنِهِ، أَوْ عَصْرِ خُصْيَتِهِ ثُمَّ ضَرْبِ شِدْقَيْهِ، ثُمَّ فَقْءِ عَيْنِهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى الْفَاءِ. قَوْلُهُ: (فَهُدِرَ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَعْضُوضُ مَعْصُومًا أَوْ حَرْبِيًّا وَإِنْ كَانَ الْعَاضُّ مَظْلُومًا، وَإِلَّا كَتَارِكِ صَلَاةٍ بَعْدَ الْأَمْرِ بِهَا وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَمُرْتَدٍّ فَلَا يُهْدَرُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعَضَّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ حَقُّهُ فَلَهُ فِعْلُهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ نُظِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لِأَنَّ بِنَاءَهُ لِلْفَاعِلِ فَاسِدٌ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ النَّظَرِ لَا لِغَرَضٍ كَخِطْبَةٍ، وَلَيْسَ النَّظَرُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِلْمَنْظُورِ إلَيْهِ، وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى غَرَضًا مُمْكِنًا، قَوْلُهُ: (إلَى حُرَمِهِ) جَمْعُ حُرْمَةٍ مِنْ الِاحْتِرَامِ وَلَوْ خُنْثَى أَوْ أَمْرَدَ وَلَوْ مَسْتُورَةً. قَوْلُهُ: (فِي دَارِهِ) وَلَوْ مُعَارَةً أَوْ مُؤَجَّرَةً وَمِثْلُهَا الْخَيْمَةُ فِي الصَّحْرَاءِ، وَخَرَجَ بِهِمَا غَيْرُهُمَا كَالْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ كُوَّةٍ) أَيْ غَيْرِ وَاسِعَةٍ وَكَذَا مِنْ نَحْوِ مَنَارَةٍ مِمَّا لَا يُعَدُّ صَاحِبُ الدَّارِ مُقَصِّرًا بِفَتْحِهِ بِخِلَافِ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَيْ بِغَيْرِ فَتْحِ النَّاظِرِ، قَوْلُهُ: (عَمْدًا) خَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ خَطَأً، وَيُصَدَّقُ الرَّامِي فِي ذَلِكَ لَوْ خَالَفَهُ النَّاظِرُ وَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ النَّاظِرُ مَجْنُونًا، أَوْ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ فَهُوَ مَضْمُونٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الرَّمْيِ. قَوْلُهُ: (أَيْ النَّاظِرِ) وَلَوْ مُؤَجَّرًا وَمُعِيرًا وَامْرَأَةً وَصَبِيًّا قَوْلُهُ: (بِخَفِيفٍ) لَا بِثَقِيلٍ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَلَهُ رَمْيُهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ اسْتَغَاثَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ سُلْطَانٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ ضَرْبُهُ بِسِلَاحٍ وَرَمْيُهُ بِنَبْلٍ، قَوْلُهُ: (وَزَوْجَةٌ) أَيْ حَلِيلَةٌ وَلَوْ أَمَةً أَوْ مَتَاعًا. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَعَدَمُ اسْتِتَارِ إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ فَيُرْمَى وَلَوْ مَسْتُورَةً كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (قِيلَ وَشُرِطَ إنْذَارٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُفِيدُ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ جَمْعٌ لِلتَّنَاقُضِ.

تَنْبِيهٌ: مَتَى قَصَّرَ الرَّامِي فَهُوَ ضَامِنٌ مَالًا أَوْ قَوَدًا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَزَّرَ وَلِيٌّ وَلَدَهُ) أَيْ مُوَلِّيهِ قَوْلُهُ: (وَزَوْجٌ زَوْجَتَهُ) أَيْ الْحُرَّةَ وَكَذَا الْأَمَةُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا قَوْلُهُ: (وَمُعَلِّمٌ صَبِيَّةً) الْأَوْلَى مُتَعَلِّمًا مِنْهُ وَلَوْ غَيْرَ صَبِيٍّ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا إذْ لَهُ التَّأْدِيبُ، وَلَوْ بِالضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونٌ) نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى سَيِّدٍ أَوْ مَأْذُونِهِ فِي عَبْدِهِ بِالضَّرْبِ أَوْ بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ: عَزَّرَهُ وَأَطْلَقَ فَهُوَ مَضْمُونٌ، وَلَا عَلَى مَنْ عَزَّرَ غَيْرَهُ، بِإِذْنِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِنَوْعٍ مَخْصُوصٍ وَلَا عَلَى مَنْ عَزَّرَ مُمْتَنِعًا مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَا عَلَى مُكْتِرٍ دَابَّةً بِضَرْبِهَا الْمُعْتَادِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَاقِلَةِ) فَهُوَ ضَمَانٌ شِبْهُ عَمْدٍ، نَعَمْ إنْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، أَوْ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (إذَا حَصَلَ بِهِ هَلَاكٌ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ بِنَحْوِ تَوْبِيخٍ بِكَلَامٍ وَصَفْعٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَّ مُقَدَّرًا فَلَا ضَمَانَ) وَلَوْ فِي حُرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ قَوْلُهُ: (بِالنَّصِّ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمُقَدَّرِ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا بِالِاجْتِهَادِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (دُونَ الشُّرْبِ) قُيِّدَ لِعَدَمِ الْخِلَافِ لَا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ الْحُكْمِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (ضُرِبَ) مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَكَذَا ضَرْبُهَا الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَتَعَيَّنَ السَّوْطُ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَقْرِيرِ الْخِلَافِ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّحِيحِ، طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِعَدَمِ الضَّمَانِ

ــ

[حاشية عميرة]

لَا يَجِبُ) لِأَنَّ إقَامَتَهُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ جَائِزَةٌ، فَلَا تُوجِبُ مُفَارَقَتَهُ

وَقَوْلُهُ: (فَأَعْمَاهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ التَّخْيِيرُ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْعَيْنَ، ثُمَّ لَا يَضُرُّ إصَابَتُهُ مَا بِقُرْبِهَا خَطَأً، قَوْلُهُ: (فَهَدَرٌ) خَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَوْلُهُ: (وَاسْتِتَارِ الْجِرْمِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَحْرَمٍ، قَوْلُهُ: (وَإِنْذَارٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدَمِ

قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونُ تَعْزِيرِهِمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ كَانَ الضَّرْبُ يَقْتُلُ غَالِبًا وَجَبَ الْقِصَاصُ

[حَدَّ مُقَدَّرًا بِالنَّصِّ كَحَدِّ الْقَذْفِ دُونَ الشُّرْبِ فَهَلَكَ]

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَدَّ) أَيْ الْإِمَامُ وَلَوْ جَلَدَ الْمَقْذُوفُ الْقَاذِفَ بِإِذْنِهِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا وَجَبَ الضَّمَانُ بِالْقَوَدِ، قَوْلُهُ: (مُقَدَّرًا) هُوَ تَأْكِيدٌ فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَكُونُ إلَّا مُقَدَّرًا لَكِنْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ بِالنَّصِّ، قَوْلُهُ: (بِالنَّصِّ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ ذِكْرُ التَّقْدِيرِ فِي الْمَتْنِ مُسْتَدْرَكٌ،

قَوْلُهُ (فَمَاتَ) أَيْ بِالْجَمِيعِ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>