للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَبَ أَنْ يَنْقُصَ فِي عَبْدٍ عَنْ عِشْرِينَ جَلْدَةً وَ) فِي (حُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً أَدْنَى حُدُودِهِمَا، (وَقَبْلَ عِشْرِينَ) أَدْنَى الْحُدُودِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (وَيَسْتَوِي فِي هَذَا جَمِيعُ الْمَعَاصِي) السَّابِقَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُعْتَبَرُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنْهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فَتَعْزِيرُ مُقَدِّمَاتِ الزِّنَى، أَوْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الزِّنَى لَا عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ لَا عَنْ حَدِّ الشُّرْبِ، وَتَعْزِيرُ سَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ يُعْتَبَرُ بِأَغْلَبِ حُدُودِ الْجَلْدِ وَهُوَ مِائَةُ جَلْدَةٍ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَبْلَغُ مِنْهَا.

(وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ) عَنْهُ كَحَدِّ الْقَذْفِ (فَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ. (أَوْ) مُسْتَحِقُّ (تَعْزِيرٍ فَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصَحَّيْنِ أَنَّ الْحَدَّ مُقَدَّرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ، بَعْدَ سُقُوطِهِ وَالتَّعْزِيرُ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ.

كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ (دَفْعُ كُلِّ صَائِلٍ) مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ (عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرْفٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ مَالٍ) وَإِنْ قَلَّ إذَا كَانَتْ الْمَذْكُورَاتُ مَعْصُومَةً، (فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ، (وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) لَا رُوحَ فِيهِ (وَيَجِبُ عَنْ بُضْعٍ) قَالَ الْبَغَوِيّ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، (وَكَذَا نَفْسٌ قَصَدَهَا كَافِرٌ أَوْ بَهِيمَةٌ) أَيْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا (لَا مُسْلِمٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

أَوْ كَانَ الْمَحْدُودُ صَاحِبَ شَرٍّ، وَإِلَّا جَازَتْ وَتَجُوزُ الشَّفَاعَةُ فِي التَّعْزِيرِ مُطْلَقًا إلَّا لِذِي شَرٍّ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَهُ إلَخْ) أَيْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ مَنْ لَزِمَهُ التَّعْزِيرُ بَعْدَ عَفْوِ مُسْتَحِقِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ وَقَدْ فَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِّ.

كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ وَكَذَا ضَمَانُ غَيْرِهِمْ، وَحُكْمُ الْخَتْنِ وَسُكُوتُهُ عَنْهُمَا غَيْرُ مَعِيبٍ، وَالصِّيَالُ لُغَةً الِاسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ وَشَرْعًا اسْتِطَالَةٌ مَخْصُوصَةٌ. قَوْلُهُ: (لَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوُلَاةِ وَإِلَّا وَجَبَ الدَّفْعُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ عَنْ الْمَالِ وَفِي غَيْرِ الصِّيَالِ وَلَهُمْ وَكَذَا لِغَيْرِهِمْ، عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْهَجْمُ عَلَى فَاعِلِ الْمَعْصِيَةِ كَشُرْبِ خَمْرٍ فِي بَيْتِهِ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَفْسِيرُ الضَّمِيرِ بِالشَّخْصِ يَشْمَلُ دَفْعَ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ مُسْلِمٍ صَالَ عَلَى كَافِرٍ، وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ، أَوْ عَلَى بُضْعٍ أَوْ مَالٍ وَلَوْ لِحَرْبِيَّةٍ أَوْ حَرْبِيٍّ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمَعْصُومِ نَحْوُ الْقَتْلِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ إلَخْ) سَوَاءٌ الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى وَلَوْ آدَمِيَّةً حَامِلًا وَالْأَصْلُ وَالْفَرْعُ نَعَمْ لَا يَدْفَعُ مُضْطَرٌّ، وَلَا مُكْرَهٌ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِالْقَتْلِ، أَوْ الْقَطْعِ فَإِنْ كَانَ بِإِتْلَافِ مَالٍ لَهُ جَازَ لِلْمَالِكِ دَفْعُهُ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمَصُولِ عَلَيْهِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ ظَهَرَ الْإِكْرَاهُ بَعْدَ الْقَتْلِ مَثَلًا.

تَنْبِيهٌ: لَا يَخْفَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ كَالْمَالِ فِيمَا ذَكَرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى نَفْسٍ) وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِلصَّائِلِ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا، فَمَنْ رَأَى شَخْصًا يُحْرِقُ مَالَهُ نَفْسَهُ جَازَ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ أَوْ رَآهُ يُرِيدُ قَتْلَ مَمْلُوكِهِ، أَوْ رَآهُ يَزْنِي بِمَمْلُوكِهِ وَجَبَ دَفْعُهُ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (أَوْ بُضْعٍ) وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ قَوْلُهُ: (إذَا كَانَتْ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، إلَّا بِنَحْوِ قَطْعٍ أَوْ تَلَفِ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ. نَعَمْ قَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ بُضْعِ الْحَرْبِيَّةِ، وَلَوْ بِالْقَتْلِ قَالَ: وَدَخَلَ فِي الْمَعْصُومِ الْكَلْبُ الْمُحْتَرَمُ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِلُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا مَعْصُومًا وَأَدَّى إلَى قَتْلِهِ وَنَقَلَ عَنْ الْخَادِمِ مَا يُخَالِفُهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ الدَّافِعُ الصَّائِلَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَعَكْسُهُ بِأَنْ قَتَلَ الصَّائِلُ الدَّافِعَ فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ بِالْقَوَدِ وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ الدَّفْعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) وَفَارَقَ قَلِيلُ الْمَالِ هُنَا مَا فِي السَّرِقَةِ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ عَلَى غَيْرِ الْوُلَاةِ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) إلَّا لِمُقْتَصِّ كَوَلِيٍّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَوَدِيعٍ وَكَمَالٍ مَرْهُونٍ، وَلَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَكَمَا لَوْ لَزِمَ عَلَى عَدَمِ الدَّفْعِ نَقْصُ جَاهٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ خَسَارَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَنْ الْمَالِ مُطْلَقًا، كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَالِاخْتِصَاصُ كَالْمَالِ، وَيُشْتَرَطُ الْأَمْنُ كَمَا يَأْتِي فِي نَحْوِ النَّفْسِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا نَفْسٌ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ مَنْفَعَةً وَلَوْ لِذِمِّيٍّ. قَوْلُهُ: (كَافِرٌ) وَمِثْلُهُ مُسْلِمٌ غَيْرُ مَعْصُومٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (أَوْ بَهِيمَةٌ) أَيْ صَائِلَةٌ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَفِي حُرٍّ عَنْ أَرْبَعِينَ) لَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا مَا سَلَفَ مِنْ بُلُوغِ حَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ لِأَنَّهَا تَعْزِيرَاتٌ لَا تَعْزِيرٌ وَاحِدٌ.

[كِتَابُ الصِّيَالِ وَضَمَانُ الْوُلَاةِ لَهُ]

كِتَابُ الصِّيَالِ قَوْلُهُ: (كُلِّ صَائِلٍ) دَخَّلَ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْرِيجَهَا عَلَى تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ وَكَذَا يَأْتِي مِثْلُ هَذَا فِي دَفْعِ الْهِرَّةِ الْحَامِلِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ الْحَامِلِ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ جَوَازُ الْقَتْلِ يُنَافِي ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْطَلَ حُرْمَةَ دَمِهِ بِصِيَالِهِ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا نَفْسٌ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ اسْتِثْنَاءَ النَّفْسِ الْكَافِرَةِ فَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمُوجِبِ هُنَا، قَوْلُهُ: (فَيَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ) مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>