للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلَاءَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (أَوْ شَرَطَ تَدْبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعْتَاقَهُ بَعْدَ شَهْرٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ) أَمَّا فِي شَرْطِ الْوَلَاءِ فَلِمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي وَاحِدٍ مِمَّا مَا تَشَوَّفَ إلَيْهِ الشَّارِعُ مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ أَوْ مُخَرَّجٌ

(وَلَوْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا كَذَا صَحَّ) الْعَقْدُ فِيهِمَا وَلَغَا الشَّرْطُ فِي الثَّانِي. وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِ التَّتِمَّةِ، وَنَصَّ فِي الْأُمِّ فَسَادَ الْعَقْدِ فِي الثَّانِي (وَلَوْ شَرَطَ وَصْفًا يُقْصَدُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الدَّابَّةِ حَامِلًا أَوْ لَبُونًا صَحَّ) الشَّرْطُ مَعَ الْعَقْدِ، (وَلَوْ الْخِيَارُ إنْ أَخْلَفَ) الشَّرْطَ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَعْمِيمِ الْأَوَّلِ، نَعَمْ فِيهِ إبْهَامُ جَرَيَانِ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْبَائِعِ) وَكَذَا لِلْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَا لَوْ شُرِطَ عِتْقُهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَرْطُ تَدْبِيرِهِ) وَكَذَا تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِصِفَةٍ أَوْ وَقْفُهُ لَمْ يَصِحَّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ إلَخْ) فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ عَنْ مُقَابِلِهِ بِالْأَصَحِّ صَحِيحٌ سَالِمٌ مِنْ الِاعْتِرَاضِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا لِصِحَّتِهِ كَشَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرَةِ، أَوْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ كَالْقَبْضِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَوْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ، أَوْ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ كَأَكْلِ الْهَرِيسَةِ أَوْ مُخَالِفٍ لِمُقْتَضَاهُ كَعَدَمِ الْقَبْضِ فَهَذَا الْأَخِيرُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَتَأْكِيدٌ فِي الثَّانِي وَمُثْبِتٌ لِلْخِيَارِ فِي الثَّالِثَةِ وَلَاغٍ فِي الرَّابِعِ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ إذَا كَانَ الشَّارِطُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ هُوَ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ شَرَطَ لِلرَّفْعِ فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا، وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُطْعِمَهُ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لَا إنْ شَرَطَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِمْرَارِ ضَمَانِ الْبَائِعِ هُنَا وَعَدَمِ وُثُوقِهِ بِمِلْكِ الثَّمَنِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَبِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ وَهِيَ الْقَبْضُ فَشَرْطُ عَدَمِهِ مُفْسِدٌ، وَلَيْسَ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ أَكْلُ الْمَبِيعِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ كَمَا يَأْتِي فِيهِ فَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (لَا غَرَضَ فِيهِ) أَيْ عُرْفًا وَلَا نَظَرَ لِغَرَضِ الْعَاقِدَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِ إلَخْ) قَدْ نَازَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي عَدَمِ الْغَرَضِ فِي هَذَا بِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِلْعَبْدِ فَيَنْبَغِي فِيهِ الصِّحَّةُ وَرُدَّ بِأَنَّ نَصَّ الْأُمِّ يُخَالِفُهُمَا، وَيُصَرِّحُ بِالْفَسَادِ وَلَفْظُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِقَوْلِهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ إذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَخْدِمَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا فَالْبَيْعُ كُلُّهُ فِيهِ فَاسِدٌ اهـ.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ عَنْ النَّصِّ صَحِيحٌ، وَأَنَّ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الصِّحَّةِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ مَا جَمَعَ بِهِ شَيْخُنَا م ر بَيْنَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. وَنَصِّ الْأُمِّ غَيْرُ صَحِيحٍ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مَا فِي الْأُمِّ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كَأَنْ قَالَ: تُطْعِمُهُ كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ دَائِمًا كَشَرَطَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ أَوَّلَ وَقْتِهَا فَهُوَ مُفْسِدٌ، وَمَا فِي غَيْرِ الْأُمِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَجْمَعْ كَشَرَطَ أَنْ يُطْعِمَهُ كَذَا كَالْهَرِيسَةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَلْزَمُ السَّيِّدَ دَائِمًا إذْ لَا يُمْكِنُ أَقَلَّ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمَطْعُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْمَذْكُورِ بَلْ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَهُ فَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ اهـ. فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (يُقْصَدُ) أَيْ عُرْفًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْعَاقِدَانِ أَوْ عَكْسَهُ، كَمَا فِي الثُّيُوبَةِ فَإِنَّهَا لَا تُقْصَدُ عُرْفًا وَخَرَجَ بِيُقْصَدُ نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ فَلَا خِيَارَ بِفَوْتِهِمَا.

فَرْعٌ: لَوْ شَرَطَهَا ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا، أَوْ شَرَطَهُ مُسْلِمًا فَبَانَ كَافِرًا أَوْ شَرَطَهُ فَحْلًا فَبَانَ مَمْسُوحًا فَلَا خِيَارَ فِي الْجَمِيعِ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْأَصَحُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَ الْعِتْقِ) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لِي فَإِنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ جَزْمًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِتْقِ النَّاجِزِ) وَأَيْضًا فَعَقْدُ الْبَيْعِ قَدْ يَقْتَضِي الْعِتْقَ كَمَا فِي شِرَاءِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأُمُورِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلَاءِ قَوْلٌ مَنْصُوصٌ) فِيهِ نَقْدٌ عَلَى الْمُؤَلِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَصَحِّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا ثُمَّ حُجَّةُ هَذَا مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتُرِطَ لَهُمْ الْوَلَاءُ، وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ لَهُمْ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧] قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى إنْكَارِهِ طَلَبُهُمْ لِهَذَا الشَّرْطِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ خَاصٌّ صَدَرَ لِمَصْلَحَةِ قَطْعِ عَادَتِهِمْ كَفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَة، وَأَجَابَ الْأَكْثَرُ بِأَنَّ الشَّرْطَ كَانَ خَارِجَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الْوَلَاءِ فَحُصُولُ الْمَفْضُولِ ثُمَّ الْوَقْفُ كَالتَّدْبِيرِ.

[مُقْتَضَى الْعَقْدِ]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا يَأْكُلُ إلَّا كَذَا) أَمَّا فِيمَا يَقْتَضِيهِ فَلِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا لَا غَرَضَ فِيهِ فَلِأَنَّ ذِكْرَهُ لَا يُورِثُ نِزَاعًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوَّلُ هَلْ الشَّرْطُ لَاغٍ كَالثَّانِي، أَمْ هُوَ صَحِيحٌ مُؤَكَّدٌ وَعَضَّدَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا أَوْجَبَ زِيَادَةً عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُقْصَدُ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا الشَّرْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>