للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يُعْطَى مَا يَشْتَرِيهِمَا بِهِ. (وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَا لَهُ، (وَيُهَيَّأُ لَهُ وَلِابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ كَانَ) هُوَ (ضَعِيفًا لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ، وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ) ، فَلَا وَكَذَا لَوْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَالْمُؤَلَّفَةُ يُعْطَوْنَ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، قَالَ الْمَسْعُودِيُّ عَلَى قَدْرِ كُلْفَتِهِمْ، وَكِفَايَتِهِمْ، وَالْعَامِلُ يُعْطَى أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ، فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ عَلَيْهَا رُدَّ الْفَاضِلُ عَلَى سَائِرِ الْأَصْنَافِ، وَإِنْ نَقَصَ كُمِّلَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُكَمَّلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، (وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ) كَفَقِيرٍ غَارِمٍ (يُعْطَى بِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ عَطْفَ بَعْضِ الْمُسْتَحَقِّينَ عَلَى بَعْضٍ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ، وَالثَّانِي يُعْطَى بِهِمَا بِجَعْلِ تَعَدُّدِ الْوَصْفِ كَتَعَدُّدِ الشَّخْصِ.

فَصْلٌ: يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ (إنْ قَسَمَ الْإِمَامُ، وَهُنَاكَ عَامِلٌ وَإِلَّا) ، بِأَنْ عَامَلَ بِأَنْ حَمَلَ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ زَكَاتَهُمْ إلَى الْإِمَامِ، (فَالْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْضًا (فَعَلَى الْمَوْجُودِينَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْ بَعْضِ الْمَسَافَةِ، وَقَدْ أَنْفَقَ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ فَإِنْ كَانَ لِنَحْوِ غَيْرِ الْأَسْعَارِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يُقَابَلُ مَا لَمْ يُسَافِرْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَدْرَ حَاجَتِهِ) لَهُ وَلِعِيَالِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الثَّغْرِ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَوَّلُهُ مَحَلُّ الْمَخَافَةِ وَالْمُرَادُ بِقَدْرِ إقَامَتِهِ بِحَيْثُ مَا تُظَنُّ فِيهِ الْإِقَامَةُ فَإِنْ زَادَتْ زِيدَ لَهُ وَلَوْ قَصَدَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَمْ يُعْطَ مُؤْنَةَ الْإِيَابِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى لِمُدَّةِ الْإِقَامَةِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِلْغَزْوِ دُونَ مَا زَادَ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَيَصِيرُ ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا يُعْطَاهُ، وَمِنْهُ الْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ التَّمْلِيكِ فَإِنْ أُعْطِيَ قِيمَتَهَا فَكَالْأَوَّلِ فَذَكَرَ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُحَرَّرِ وَالْحُكْمُ بِمِلْكِهِ لِمَا ذُكِرَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ حِينَ الْإِعْطَاءِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْفَاضِلِ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَا لَهُ) أَيْ الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ أَيْ يَسْتَأْجِرَهُمَا الْإِمَامُ، يُعْطِيَهُمَا لَهُ، يَجُوزُ أَنْ يُعِيرَهُمَا لَهُ إذَا اشْتَرَاهُمَا مِنْ هَذَا السَّهْمِ سَوَاءٌ وَقَفَهُمَا أَوْ لَا؛ إذْ لَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ عَارِيَّةً حَقِيقَةً؛ إذْ الْإِمَامُ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَا ضَمَانَ لَوْ تَلِفَا وَيُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِمَا بِيَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُهَيَّأُ لَهُمَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَلَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِتَمْلِيكِ الْإِمَامِ فَيَسْتَرِدُّ مِنْهُمَا إذَا رَجَعَا. قَوْلُهُ: (مَرْكُوبٌ) أَيْ غَيْرُ الَّذِي يُقَاتِلُ عَلَيْهِ الْغَازِي. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا) أَيْ وَلَيْسَ سَفَرَ نُزْهَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ وَاعْتَمَدَ الْخَطِيبُ الْإِعْطَاءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يَنْقُلُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَرْكُوبٍ وَهُوَ نَحْوُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ. قَوْلُهُ: (مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ إنْ فَرَّقَ فَإِنْ فَرَّقَ الْمَالِكُ فَمَا يَرَاهُ الْمَالِكُ.

قَوْلُهُ: (يُعْطَى) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ) فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَادَ سَهْمُهُ) اُنْظُرْ مَا سَهْمُ الْعَامِلِ الَّذِي تُعْتَبَرُ زِيَادَتُهُ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوْ نَقْصُهُ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (كَفَقِيرٍ غَارِمٍ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ كَيَتِيمٍ مِسْكِينٍ فَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ إعْطَائِهِ الْفَقْرُ. قَوْلُهُ: (يُعْطَى) أَيْ يَأْخُذُ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: (بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ مِنْ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَبَقِيَ مَعَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ بِصِفَةٍ مِنْ زَكَاةٍ وَبِأُخْرَى مِنْ أُخْرَى، وَلَوْ أَخَذَ بِصِفَةِ الْغُرْمِ، وَدَفَعَ مَا أَخَذَهُ لِغَرِيمِهِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِصِفَةِ الْفَقْرِ أَيْضًا. نَعَمْ إنْ كَانَتْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ غَزْوًا أُعْطِيَ بِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَيْنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُقَسَّمُ) أَيْ مَالُ الزَّكَاةِ بَعْدَ تَتْمِيمِ أُجْرَةِ الْعَامِلِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) أَيْ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ لِلْفُقَرَاءِ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْخُمُسِ وَالْكَفَّارَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَتْنِ: (وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا رَجَعَ وَبِهِ صَرَّحَ الْفَارِقِيُّ قَالَ: لِأَنَّهُ أَعْطَى لِتَحْصِيلِ غَرَضٍ، وَهُوَ تَحْقِيقُ الْغَزْوِ، وَقَدْ وُجِدَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَلَفَ فِي فَاضِلِ النَّفَقَةِ انْتَهَى. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُهَيَّأُ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَيَسْتَرِدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا رَجَعَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قُوَّةِ الْعِبَارَةِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَهْيِئَةُ ذَلِكَ لِابْنِ السَّبِيلِ حَتَّى فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي الْأَظْهَرِ) الْمَسْأَلَةُ فِيهَا طُرُقٌ ثَلَاثٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ طَرِيقَةُ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى. قُلْت هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ إنَّمَا يَكُونُ أَوْ يَحْسُنُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّرِيقَةُ الْقَاطِعَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ حُكْمُ الصِّفَاتِ كَالصِّفَتَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ الْمُرَادُ مَنْعُ الْإِعْطَاءِ بِهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ بِالْغُرْمِ فَأَدَّاهُ لِغَرِيمِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْفَقْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ قَالَ أَخَذَ بِإِحْدَاهُمَا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَهُ لَا لِلْمُعْطِي ثُمَّ الْمُرَادُ صِفَاتُ اسْتِحْقَاقِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَالْهَاشِمِيُّ الْغَازِي يَأْخُذُ مِنْ الْفَيْءِ بِهِمَا قَطْعًا كَمَا سَلَفَ فِي بَابِهِ.

[فَصْل يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْقَسْمِ فِي الصدقات]

فَصْلٌ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ صُرِفَ سَهْمُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إلَى الْفُقَرَاءِ نَظَرًا إلَى أَنَّ احْتِيَاجَ الْفُقَرَاءِ أَشَدُّ، فَهُوَ نَظَرٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّرْعِ أَنْ تَزُولَ حَاجَةُ الْمُحْتَاجِينَ، وَالْمَسَاكِينُ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ، فِيهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُ الشَّارِعِ صَرْفَ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ حَتَّى يَتَمَاسَكُوا، وَلَا يَصِيرُوا إلَى حَدِّ الْفَقْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ قَسَّمَ الْإِمَامُ) مِثْلُهُ الْعَامِلُ يُقَسِّمُ فَيَعْزِلُ نَفْسَهُ، ثُمَّ يُفَرِّقُ الْبَاقِيَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>