للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُدَيَّنُ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تُعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، (وَيَدِينُ مَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) بِخِلَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِأَنَّهُ يُرْجِعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَمُقْبِلُهُ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ ذَلِكَ، (وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ) كَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ دُونَ فُلَانَةَ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا) لِمُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ أَفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ، (إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ خَاصَمَتْهُ) زَوْجَتُهُ (وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) مُنْكِرًا لِذَلِكَ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصِمَةِ) فَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِلْقَرِينَةِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَامِّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ شَائِعٌ وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَالْقَرِينَةُ الْحَالِيَّةُ لَا تَصْرِفُ مِثْلَ هَذَا الْعَامِّ عَنْ عُمُومِهِ، وَإِنَّمَا تَصْرِفُهُ اللَّفْظِيَّةُ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَعَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ يُدَيَّنُ.

فَصْلٌ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ) أَوْ رَأْسِهِ، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) ، وَهُوَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ وَوَجَّهَ فِي شَهْرِ كَذَا بِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا، وَمَجِيئُهُ يَتَحَقَّقُ بِمَجِيئِهِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ، (أَوْ فِي نَهَارِهِ أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ) مِنْهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ (أَوْ آخِرَهُ فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ وَقِيلَ بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخِرِ) إذْ كُلُّهُ الشَّهْرُ فَيَقَعُ بِأَوَّلِهِ وَرُدَّ بِسَبْقِ الْأَوَّلِ إلَى الْفَهْمِ.

(وَلَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ) فَأَنْتِ طَالِقٌ، (فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الشَّافِعِيُّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (لَهُ الطَّلَبُ) شَامِلٌ لِمَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ، مِمَّنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّانِي لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ لَا تَتَغَيَّرُ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا. وَإِنْ حَكَمَ قَاضٍ بِخِلَافِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (وَمَا قَبْلَهُ يُخَصِّصُهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُهُ نَحْوُ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مَا يُطْلَبُ مُرَاجَعَتُهُ.

تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ كَلَامُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاصَمَةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِي الِاسْتِغْرَاقِ حُكْمُهَا فَرَاجِعْهُ.

فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ. قَوْلُهُ (أَوْ رَأْسِهِ) أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ أَجْزَائِهِ. قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) إنْ عَلَّقَ قَبْلَهُ فَإِنْ عَلَّقَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْجُزْءِ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ، وَيَثْبُتُ الشَّهْرُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي بَلَدِ التَّعْلِيقِ، وَإِنْ انْتَقَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ بِتَمَامِ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ فِيهِ، أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِيهِ أَيْضًا نَعَمْ اعْتِبَارُ بَلَدِ التَّعْلِيقِ هُنَا يُخَالِفُ مَا فِي الصَّوْمِ مِنْ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْبَلَدِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي أَمْرٍ مُسْتَقْبِلٍ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِمَنْ تَأَمَّلَ.

قَوْلُهُ: (وَوَجَّهَ فِي شَهْرِ كَذَا) وَمِثْلُهُ يُوَجِّهُ غُرَّةَ كَذَا لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ. قَوْلُهُ: (فَبِفَجْرِ أَوَّلِهِ) وَفَارَقَ الِاعْتِكَافُ بِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى نِيَّتِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ عَيَّنَ أَوَّلَهُ هُنَا كَانَ كَالِاعْتِكَافِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. قَوْلُهُ: (إذَا مَضَى) لَوْ أَسْقَطَهُ طَلُقَتْ حَالًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَصَبَ الْيَوْمَ أَوْ رَفَعَهُ أَوْ لَا نَعَمْ لَوْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَالَ أَرَدْت الْيَوْمَ الَّذِي بَعْدَهُ قُبِلَ، وَلَوْ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً حَالًا وَبِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةً أَوْ بِنِصْفِ يَوْمٍ كَذَا فَبِزَوَالِهِ أَوْ بِنِصْفِ شَهْرِ كَذَا، فَبِغُرُوبِ خَامِسَ عَشَرِهِ أَوْ نِصْفِ الشَّهْرِ فَبِفَجْرِ ثَامِنِهِ، أَوْ بِأَوَّلِ آخِرِهِ فَبِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ بِآخِرِ أَوَّلِهِ، فَبِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَبِآخِرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ عِنْدَ الْعَلَّامَةِ السَّنْبَاطِيِّ، أَوْ بِأَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ فَبِزَوَالِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، أَوْ بِأَوَّلِ نِصْفِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى عِنْدَ السَّنْبَاطِيِّ أَوْ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ فَعِنْدَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْهُ، وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ بِخِلَافِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ.

وَلَوْ قَالَ بِآخِرِ يَوْمِ مَوْتِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ بِمَوْتِي فَإِنْ قَالَ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ عُمُرِي فَقَبِيلُ مَوْتِهِ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَمَاتَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَأَكْثَرَ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ بِقَدْرِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا إرْثَ لَهَا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَمَتُّعِهِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَوْ قَالَ إذَا مَضَتْ أَيَّامٌ أَوْ الْأَيَّامُ فَثَلَاثَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِمَا وَلَوْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِي

ــ

[حاشية عميرة]

يُدَيَّنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رَفْعٌ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُشْعِرُ بِهِ وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَادًا فِي مَوْضُوعِهِ مَحِلُّهُ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) لَكِنْ لَوْ شَكَّتْ كُرِهَ التَّمْكِينُ. قَوْلُهُ: (وَيَدِينُ مَنْ قَالَ إلَخْ) بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَهُ قَبْلَ فَرَاغِ النُّطْقِ بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (مِثْلُ هَذَا الْعَامُّ) أَيْ مِمَّا لَهُ أَفْرَادٌ قَلِيلَةٌ مَحْصُورَةٌ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ]

فَصْلٌ: قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (بِأَوَّلِ جُزْءٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِدُخُولِ الدَّارِ تَحْصُلُ فِيهِ الصِّفَةُ، بِأَوَّلِ الدُّخُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَسَطُ الدَّارِ وَلَا أَقْصَاهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي نَهَارِهِ) اعْلَمْ أَنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّ النَّهَارَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، بِخِلَافِ الْيَوْمِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْفَجْرِ قَطْعًا وَضَمِيرُ نَهَارِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ عَلَى الشَّهْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>