للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: صَحِيحٌ وَيَلْغُو الْإِسْنَادُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلًا تَعْقِيبُ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ وَفِي الشَّرْحِ تَصْحِيحُ الطَّرِيقِ الثَّانِي وَتُشْبِهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْبُطْلَانُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ. (وَإِنْ أُطْلِقَ) أَيْ لَمْ يُسْنَدْ إلَى شَيْءٍ (صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ) . وَيُحْمَلُ عَلَى الْجِهَةِ الْمُمْكِنَةِ فِي حَقِّهِ وَالثَّانِي يَقُولُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذَلِكَ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْلُ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوَّلُهَا فَأَكْثَرُ إلَى دُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَأُمُّهُ غَيْرُ فِرَاشٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَصَايَا ثُمَّ إنْ اُسْتُحِقَّ بِوَصِيَّةٍ فَلَهُ الْكُلُّ أَوْ بِإِرْثٍ عَنْ الْأَبِ وَهُوَ ذَكَرٌ فَكَذَلِكَ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ

(إذَا كَذَّبَ الْمُقِرُّ لَهُ الْمُقِرَّ) بِمَالٍ كَثُوَّبٍ (تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ تُشْعِرُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرٌ أَوْ سَقَطَ إقْرَارُهُ بِمُعَارَضَةِ الْإِنْكَارِ، وَالثَّانِي يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ. (فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ وَقَالَ: غَلِطْت) فِي الْإِقْرَارِ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ وَالثَّانِي لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُ وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ، وَبَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي يَدِهِ لَا يُسْلَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ، وَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْتَزِعُهُ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ تُسْمَعْ

فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ: كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي (صِيغَةُ إقْرَارٍ. وَقَوْلُهُ: عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي لِلدَّيْنِ وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَيْنِ) أَيْ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ حَتَّى إذَا ادَّعَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ

ــ

[حاشية قليوبي]

ثَالِثٌ. قَوْلُهُ: (حَيًّا) فَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَالْوَجْهُ أَنْ يُسْأَلَ الْمُقِرُّ، فَإِنْ أَسْنَدَهُ لِنَحْوِ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عُمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَطَلَ وَلَوْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَالْمَيِّتُ كَالْعَدَمِ. قَوْلُهُ: (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْمَوْتِ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ. قَوْلُهُ: (إلَى دُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ) صَوَابُهُ إلَى فَوْقِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ) أَوْ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَأَثْلَاثٌ إلَّا فِي نَحْوِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ، فَإِنْ أُطْلِقَ الْإِرْثُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ سَأَلَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ جُعِلَ سَوِيَّةً، كَمَا لَوْ كَانَ عَنْ نَحْوِ وَصِيَّةٍ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (الْمُقَرُّ لَهُ) وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ. قَوْلُهُ: (بِمَالٍ) عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) عَلَى جِهَةِ الْمِلْكِيَّةِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لَوْ كَانَ عَيْنًا حَتَّى لَوْ كَانَ أَمَةً فَلَهُ وَطْؤُهَا إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَسَقَطَ إقْرَارُهُ) أَيْ بَطَلَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يُنَافِيهِ صِحَّةُ الرُّجُوعِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فَبَعْدَ رُجُوعِ الْمُقَرِّ لَهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ تَابِعٌ لَهَا كَمَا فِي الْخُلْعِ.

فَصْلٌ فِي صِيغَةِ الْإِقْرَارِ

الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمَنْهَجِ اهْتِمَامًا بِهَا؛ لِأَنَّهَا سَابِقَةٌ عَلَى وَصْفِهِ بِالْإِقْرَارِ. قَوْلُهُ: (لِزَيْدٍ كَذَا صِيغَةُ إقْرَارٍ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ صِيَغِ الْإِقْرَارِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا صَدَّقَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) وَكَذَا هَذَا الثَّوْبُ مَثَلًا. وَخَرَجَ بِعَلَيَّ أَوْ عِنْدِي الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ لَفْظُ كَذَا وَحْدَهُ فَلَيْسَ صِيغَةَ إقْرَارٍ أَيْ صَرِيحَةٍ فَهِيَ كِنَايَةٌ. قَوْلُهُ: (صِيغَةُ إقْرَارٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ أَظُنُّ، وَإِلَّا فَلَغْوٌ. قَوْلُهُ: (لِلدَّيْنِ) وَلَهُ تَفْسِيرُ عَلَيَّ بِالْعَيْنِ وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لِلْعَيْنِ) وَلَهُ تَفْسِيرُهُمَا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى إلَخْ) ظَاهِرُهُ حَمْلُ

ــ

[حاشية عميرة]

عَلَى مَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الصِّيغَةِ. قَوْلُهُ: (تَصْحِيحُ الطَّرِيقِ الثَّانِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (لَا ضَرُورَةَ) عُلِّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَالِبَ وُجُوبُ الْمَالِ بِالْمُعَامَلَةِ، وَهِيَ مُسْتَحِيلَةٌ هُنَا. قَوْلُهُ: (إذَا انْفَصَلَ حَيًّا) أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمَالِ لِوَرَثَةِ مَنْ ذَكَرَ الْمُقِرُّ أَنَّهُ وَرَّثَهُ مِنْهُ، أَوْ لِلْمُوصِي أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ أَسْنَدَهُ إلَى وَصِيَّةٍ، هَذَا حُكْمُ الْحَالِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَسْأَلُ حِسْبَةً عَنْ جِهَةِ إقْرَارِهِ وَيُعْلِمُ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَكَمَا لَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ فَكَذَّبَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ اُسْتُحِقَّ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا الْحُكْمُ يَخْتَصُّ بِالْحَالِ الْأَوَّلِ وَكَذَا بِالْأَخِيرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا بَيَّنَ الْجِهَةَ كَذَلِكَ، أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ فَالْكُلُّ لِلْحَمْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَبَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذْ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ تَكُونَ الْجِهَةُ وَصِيَّةً، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُرِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ) هَلْ يُتْرَكُ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّا لَا نَعْرِفُ مَالِكَهُ؟ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلِ، وَكَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الثَّانِي: وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَيَحْفَظُهُ إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ جَازَ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُقَرِّ لَهُ لَا يُفِيدُ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فُرِضَ فِيهَا التَّكْذِيبُ.

فَرْعٌ: يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ مَنْ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ حَقًّا ثُمَّ رَجَعَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً إلَخْ) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.

[فَصْلٌ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ كَذَا عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي صِيغَةُ إقْرَارٍ]

فَصْلٌ: قَوْلُهُ لِزَيْدٍ كَذَا إلَخْ

قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُنْكَرًا نَحْوُ لِزَيْدٍ ثَوْبٌ مَثَلًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي يَدِهِ أَوْ غَائِبًا، نَحْوَ: لِزَيْدٍ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الثَّوْبُ الْفُلَانِيُّ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى عِنْدِي وَعَلَيَّ؛ لِأَنَّ اللَّامَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَعَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَمَعِي عَشْرَةٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ بَعْضِ الْعَشَرَةِ بِالدَّيْنِ وَبَعْضِهَا بِالْعَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْرَدَهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>