للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ فِيهِ التَّحْرِيمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

(وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً (مُؤَقَّتًا) أَيْ يَصِحُّ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا عَمَلًا بِالتَّأْقِيتِ (وَفِي قَوْلٍ) يَصِحُّ ظِهَارًا (مُؤَبَّدًا) وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (لَغْوٌ) لِأَنَّهُ بِانْتِفَاءِ التَّأْبِيدِ فِيهِ كَالتَّشْبِيهِ بِمَنْ لَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا (فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ أَنَّ عَوْدَهُ) أَيْ الْعَوْدَ فِيهِ (لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ بَلْ بِوَطْءٍ فِي الْمُدَّةِ) لِحُصُولِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا قَالَهُ بِهِ دُونَ الْإِمْسَاكِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ الْحِلَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ.

(وَيَجِبُ النَّزْعُ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ) لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ، وَالْوَطْءُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُكَفِّرْ جَازَ الْوَطْءُ وَبَقِيَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْعَوْدَ فِي الْمُؤَقَّتِ يَحْصُلُ بِالْإِمْسَاكِ كَالْمُطْلَقِ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا: الْمُؤَقَّتُ يَتَأَبَّدُ.

(وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَمُظَاهِرٌ مِنْهُنَّ فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) ، كَمَا لَوْ ظَاهَرَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ (وَفِي الْقَدِيمِ كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ، لِأَنَّهُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَعَائِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْأَكْثَرِينَ وَغَيْرِهِمْ لَيْسَ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ مَا قَالَهُ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى الْوَطْءِ أَلْحَقَ بِهِ غَيْرَهُ، مِنْ التَّمَتُّعَاتِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَمِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ اللَّمْسِ، وَنَحْوِهِ عَقِبَ الْوَطْءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لَا يُسَمَّى مُبَاشَرَةً، وَمِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ قَطْعًا، وَلَا قَائِلَ بِهِ وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ فِيهِ التَّحْرِيمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِنْهُ عَدَمُ حُرْمَةِ النَّظَرِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَنْهَجِ وَإِلْحَاقُ الظِّهَارِ بِالْحَيْضِ لِشَبَهِهِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ سَنَةً) وَهُوَ فِي هَذَا إيلَاءٌ أَيْضًا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا وَطِئَ فِي السَّنَةِ وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ مُطْلَقًا وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ كَانَ قَدْ حَلَفَ بِاَللَّهِ كَوَاللَّهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً.

قَوْلُهُ: (مُوَقَّتًا) وَالْمَكَانُ كَالزَّمَانِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي مَكَانِ كَذَا، وَالْعَوْدُ فِيهِ بِالْوَطْءِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ دُونَ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِثْمُ.

قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ) هُوَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الشَّرْحِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمُدَّةِ) لَا مَا بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَا مَا قَبْلَهَا إذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِظِهَارِهِ.

قَوْلُهُ: (الْحَشَفَةِ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا قَوْلُهُ: (أَوْ انْقِضَاءِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ لِاقْتِضَائِهِ حِلَّ الْوَطْءِ بَعْدَ التَّكْفِيرِ مَعَ بَقَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَسَيَذْكُرُهُ كَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ، أَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَفَّرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ وَطْءٌ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوُجُوبِ النَّزْعِ عَدَمُ الِاسْتِمْرَارِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا بِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ اسْتِمْرَارَ الْوَطْءِ لَا يَحْنَثُ بِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ، وَهُوَ مُجَامِعٌ وَاسْتَمَرَّ، وَقَالُوا: اسْتِمْرَارُ الْوَطْءِ لَا يُسَمَّى وَطْئًا وَبِمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا حَيْثُ لَمْ يُحَرِّمُوا عَلَيْهِ الِاسْتِدَامَةَ، وَقَالُوا إنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا وَقَدْ يُقَالُ بِسُقُوطِ هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ؛ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَا يُسَمَّى وَطْئًا وَمَا لَهُ حُكْمُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدَامَةِ مِنْ الثَّانِي بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَطْئًا، وَقَوْلُهُمْ اسْتِدَامَةُ الْوَطْءِ وَطْءٌ أَيْ حُكْمًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا تُسَمَّى وَطْئًا، وَلَمَّا كَانَ الْمَذْكُورُ فِي لَفْظِ الْحَالِفِ، وَالْمُعَلِّقِ لَفْظَ الْوَطْءِ حُمِلَ عَلَى مَا يَسُمَّاهُ، فَلَا يَشْمَلُ الِاسْتِدَامَةَ، وَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْمُظَاهِرُ حُمِلَ عَلَى الْأَعَمِّ، وَأَيْضًا يُقَالُ هُنَا إنَّ الْمُظَاهِرَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ، وَبِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ حَصَلَ الْعَوْدُ وَالِاسْتِدَامَةُ لَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَغْلَظَ مِنْهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَعَضَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ يَنْبُوعِ الْكَلَامِ وَمِمَّا عَثَرَتْ عَلَيْهِ الْأَفْهَامُ.

قَوْلُهُ: (وَالْوَطْءُ الْأَوَّلُ) أَيْ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْعَوْدُ وَكَذَا النَّزْعُ مِنْهُ وَبَقِيَّةُ الْمُبَاشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْعَوْدِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ فَإِنْ أَمْسَكَ بَعْضَهُ فَعَائِدٌ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ جَمَاعَةً وَكَلَّمَهُمْ حَيْثُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ هُنَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: (مُتَوَالِيَةٍ) تَصْوِيرٌ لِلْعَوْدِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِظِهَارِ مَنْ بَعْدَهَا لَا أَنَّهُ شَرْطٌ، لِأَنَّ غَيْرَهُ بِالْأَوْلَى مِنْهُ، وَوَهَمَ مَنْ جَعَلَ لَهُ مُحْتَرَزًا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية عميرة]

بِذَلِكَ لِطُولِ زَمَنِ الصَّوْمِ

[الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ]

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ) أَيْ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْيَمِينِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الظِّهَارِ نَظَرًا لِذَلِكَ أَيْضًا، وَدَلِيلُ هَذَا أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَوَطِئَهَا فِي الْمُدَّةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّكْفِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ مُؤَبَّدًا) أَيْ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الطَّلَاقِ وَيَلْغُو التَّأْقِيتُ، قَوْلُهُ: (لَغْوٌ) أَيْ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِثْمُ ثَابِتًا قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَخْ) أَيْ وَبِالْوَطْءِ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ

قَوْلُهُ: (جَازَ الْوَطْءُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ النَّصِّ يُخَالِفُهُ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَيْضًا، أَقُولُ: وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الظِّهَارَ وَقَعَ مُقَيَّدًا بِالْمُدَّةِ فَلَا يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ بَعْدَهَا، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَقَدْ اسْتَقَرَّتْ بِالْعَوْدِ

قَوْلُهُ: (وَفِي الْقَدِيمِ كَفَّارَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَلَّدَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ.

أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الظِّهَارِ شَائِبَةُ الطَّلَاقِ أَمْ شَائِبَةُ الْيَمِينِ.؟

<<  <  ج: ص:  >  >>