للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) وَهِيَ فِي الْأُولَى لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ وَقِيلَ لَا نَفَقَةَ لَهَا، لِأَنَّهَا أَحْدَثَتْ الْمَانِعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا أَتَتْ بِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ صَلَّتْ أَوْ صَامَتْ.

(وَإِنْ ارْتَدَّتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (وَإِنْ أَسْلَمْت فِي الْعِدَّةِ) ، لِنُشُوزِهَا بِالرِّدَّةِ وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ.

(وَإِنْ ارْتَدَّ) الزَّوْجُ (فَلَهَا) عَلَيْهِ (نَفَقَةُ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا) ، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ الرِّدَّةَ، وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَلَا نَفَقَةَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ وَسَكَتَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ إذَا (وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ جُنُونًا) ، مُطْبِقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا (أَوْ جُذَامًا) ، وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ، (أَوْ بَرَصًا) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ (أَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ أَوْ قُرَنَاءَ) أَيْ مُنْسَدًّا مَحَلَّ الْجِمَاعِ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ، وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ، وَقِيلَ بِلَحْمِ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةٍ ضَيِّقَةٍ فِيهِ (أَوْ وَجَدَتْهُ عِنِّينًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ (أَوْ مَجْبُوبًا) أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ (ثَبَتَ) لِلْوَاحِدِ (الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ، أَنَّ أَوَائِلَ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ رَجَعَتْ عَنْ النُّشُوزِ، وَهُوَ غَائِبٌ حَيْثُ لَا تَسْتَحِقُّ الْبَقَاءَ الْمَانِعَ وَهُوَ عَدَمُ التَّمَتُّعِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَصَرَّ) أَيْ وَلَوْ لِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأُولَى) وَهُوَ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي سَبْقِ الْإِسْلَامِ صُدِّقَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُسْقِطِ، أَوْ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّخَلُّفِ صُدِّقَ هُوَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتٍ فَكَالرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) وَهُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَلَا نَفَقَةَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ) أَيْ فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَرْضَاهُ. بَابُ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ وَذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةً: الْعَيْبَ وَالتَّغْرِيرَ وَالْعِتْقَ، وَذِكْرُ شَرْطِ الْخِيَارِ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ الْمَعِيبِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْخِيَارَ عَنْ الْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ لَكَانَ أَنْسَبَ لِدُخُولِهِ فِيهِمَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ رَاعَى الْأَعْلَى أَوْ لِقُوَّةِ مُنَاسَبَةِ الْخِيَارِ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُ نِكَاحٍ.

بَابُ الْخِيَارِ وَذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِهِ ثَلَاثَةً خِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْعِتْقِ وَذَكَرَ شَرْطَ الْخِيَارِ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ الْعَيْبِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْخِيَارَ عَنْ الْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ لَكَانَ أَنْسَبَ لِدُخُولِهِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ قَدْ رَاعَى الْأَعْلَى أَوْ لِقُوَّةِ مُنَاسَبَةِ الْخِيَارِ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ قَوْلُهُ: (وَجَدَ) يُفِيدُ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ فَمَعَ الْعِلْمِ لَا خِيَارَ، لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِامْرَأَةٍ دُونَ الْأُخْرَى، وَفِي نِكَاحٍ دُونَ آخَرَ.

قَوْلُهُ: (جُنُونًا) وَمِنْهُ الصَّرَعُ وَالْخَبَلُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَمِثْلُهُ الْإِغْمَاءُ إذَا أَيِسَ مِنْهُ بِقَوْلِ الْأَطِبَّاءِ. قَوْلُهُ (مُطْبِقًا أَوْ مُنْقَطِعًا) مُسْتَحْكِمًا أَوْ لَا وَفَارَقَ غَيْرَهُ بِإِفْضَائِهِ إلَى الْبَطْشِ بِالْآخَرِ، غَالِبًا نَعَمْ إنْ قَلَّ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَلَا خِيَارَ بِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعَافُهُ النَّفْسُ وَيُعْدِي فِي الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ) وَإِنْ كَانَ هُوَ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تُجْبَرُ هِيَ عَلَى إزَالَةِ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَتْهُ وَأَمْكَنَ الْوَطْءُ فَلَا خِيَارَ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَمَةِ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا. قَوْلُهُ: (وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا صَاحِبَ الْكِفَايَةِ، وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ تَوَهُّمِ أَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ، وَمَدْخَلَ الذَّكَرِ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَخْرَجُ الْبَوْلِ مُسْتَقِلٌّ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ. قَوْلُهُ: (عِنِّينًا) وَلَيْسَ صَبِيًّا وَلَا مَجْنُونًا وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ لِانْعِطَافِهِ وَالْتِوَائِهِ وَمِثْلُهُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ مُزْمِنٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْوَطْءِ. قَوْلُهُ: (عَنْ الْوَطْءِ) أَيْ وَطْئِهَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا، وَشَمَلَ مَا ذَكَرَ نِكَاحَ الْأَمَةِ، لِأَنَّ لِلْعِنِّينِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا كَمَا مَرَّ. مَعَ احْتِمَالِ طُرُوُّ الْعُنَّةِ فَلَا تُبْطِلُهُ. قَوْلُهُ: (مَقْطُوعَ الذَّكَرِ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ وَتُعْتَبَرُ حَشَفَتُهُ بِأَقْرَانِهِ فِي غَيْرِ مَقْطُوعِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَشَفَتُهُ وَإِنْ جَاوَزَتْ الْعَادَةَ

ــ

[حاشية عميرة]

لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ لِلزَّوْجِ عُذْرٌ مِنْ صِغَرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْقَدِيمُ الْمُتَقَدِّمُ، لِأَنَّهَا هُنَاكَ أَقَامَتْ عَلَى دِينِهَا وَلَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَطَرَدَهُ جَمَاعَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ خِلَافٌ) أَيْ كَمَا فِي تَشْطِيرِ الْمَهْرِ بِرِدَّتِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ بَابَ النَّفَقَاتِ لَا يُبْنَى عَلَى مَسَائِلِ التَّشْطِيرِ.

[بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ]

بَابُ الْخِيَارِ ذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِهِ ثَلَاثَةً: خِيَارَ الْعَيْبِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْعِتْقِ ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْخِيَارِ بِالْبَرَصِ حَدِيثُ الْغِفَارِيَّةِ الَّتِي وَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَشْحِهَا بَيَاضًا، وَفِعْلُ عُمَرَ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ وَفِعْلُ عُمَرَ وَقَعَ فِي الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ) يُفْهِمُ أَنَّ الْعَالِمَ لَا خِيَارَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْعُنَّةِ قَوْلُهُ: (وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ) يَذْهَبُ مَعَهُ دَمُ الْجِلْدِ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَعْصِرَ الْمَكَانَ فَلَا يَحْمَرُّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِلَحْمٍ) أَيْ فَيَكُونُ الرَّتْقُ وَالْقَرْنُ وَاحِدًا وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ.

رَاجِعٌ لِلْكُلِّ قَوْلُهُ: (أَيْ عَاجِزًا عَنْ الْوَطْءِ) مُنْشَؤُهُ ضَعْفٌ فِي الْقَلْبِ أَوْ الدِّمَاغِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ الْآلَاتِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثَبَتَ الْخِيَارُ) ، قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ فَمَا دُونَهَا لِفَوَاتِ مَالِيَّةٍ يَسِيرَةٍ فَفَوَاتُ مَقْصُودِ النِّكَاحِ أَوْلَى انْتَهَى وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَ الْخِيَارِ، لِلْمَرْأَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَالتَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ مَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ، فَإِذَا هُوَ مَعِيبٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَالْمُرَابَحَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>