للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ اجْتَهَدَ مُقَلَّدُهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (إنْ كَانَ مُقَلِّدًا) بِكَسْرِهَا حَيْثُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمُقَلِّدِ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ خِلَافَهُ) أَيْ خِلَافَ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادَ مُقَلِّدِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ لَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِخْلَافُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ فِي تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ. .

(وَلَوْ حَكَّمَ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ (خَصْمَانِ رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى جَازَ مُطْلَقًا) عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي (بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) مُطْلَقًا (وَقِيلَ) يَجُوزُ (بِشَرْطِ عِدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ) الْجَوَازُ (بِمَالٍ دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا) كَاللِّعَانِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَكُلٌّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةِ حَاكِيَةِ لِلْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ، وَالْمَنْعُ مِنْهَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلُ وَالْجَوَازُ مِنْهَا زَائِدٌ عَلَيْهِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ وَلَا يُجْزِئُ التَّحْكِيمُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ. .

(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيْ الْمُحَكِّمُ (إلَّا عَلَى رَاضٍ بِهِ فَلَا يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ) بِحُكْمِهِ. (فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمْ بِهِ (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ اُمْتُنِعَ الْحُكْمُ وَلَا يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَقَبْلِ الْحُكْمِ. .

(وَلَوْ نَصَبَ) الْإِمَامُ (قَاضِيَيْنِ بِبَلَدٍ وَخَصَّ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِمَكَانٍ) مِنْهُ (أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ) كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ (جَازَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ) بِمَا ذَكَرَ بَلْ عَمَّمَ وِلَايَتَهُمَا مَكَانًا وَزَمَانًا وَحَادِثَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ (فِي الْأَصَحِّ) كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْحُكْمِ) فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْإِمَامِ لَا يَتَعَدَّدُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ: لَوْ وَلَّاهُ الْقَضَاءُ فِي بَلَدٍ وَسَكَتَ عَنْ صَوَاحِبِهَا عَمِلَ بِالْعُرْفِ فِيهَا مِنْ دُخُولٍ وَعَدَمِهِ وَيُرَاعَى فِي اخْتِلَافِ الْعُرْفِ الْأَكْثَرُ فَالْأَقْرَبُ عَهْدًا.

[وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ]

قَوْلُهُ: (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلِّدِهِ) أَيْ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ عِنْدَ مُقَلِّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُتَبَحِّرًا وَإِلَّا فَبِاعْتِمَادِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْرِطَ) خَرَجَ بِالشَّرْطِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، نَحْوُ اُحْكُمْ بِمَذْهَبِ كَذَا، أَوْ لَا تَحْكُمْ بِهِ فَيَلْغُو وَلَا تَبْطُلُ التَّوْلِيَةُ وَيُعْتَبَرَانِ فِي التَّفْوِيضِ. قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ حَكَّمَ خَصْمَانِ) أَيْ رَشِيدَانِ يَتَصَرَّفَانِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلَيْسَ الْمُحَكِّمُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا لِأَحَدِهِمَا وَلَا عَدُوًّا لَهُ. قَوْلُهُ: (جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ وَلَوْ مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَبِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ) أَيْ غَيْرِ الِاجْتِهَادِ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ أَعْمًى وَلَا أَصَمَّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى وَلَا رَقِيقٍ، وَلَا كَافِرٍ وَلَوْ فِي خَصْمِ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يَجُوزُ بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ بِالْبَلَدِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَهْلِ فَيُمْتَنَعُ تَحْكِيمُ غَيْرِ الْأَهْلِ، مَعَ عَدَمِ وُجُودِ قَاضِي الضَّرُورَةِ إلَّا إنْ كَانَ يَأْخُذُ مَالًا لَهُ وَقَعَ بِحَيْثُ يَضُرُّ حَالَ الْغَارِمِ فَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا وَهَذَا مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُمَا مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّهُ أَحَدُ وَجْهَيْنِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ وَالْجَوَابُ بِخِلَافِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَمَقْصُودُ الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ التَّحْكِيمُ فِي حُدُودِ اللَّهِ) وَكَذَا حُقُوقُ اللَّهِ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا طَالِبٌ مُعَيَّنٌ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ.

قَوْلُهُ: (رَاضٍ بِهِ) أَيْ لَفْظًا فِي غَيْرِ بِكْرٍ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُحَكِّمَيْنِ لَهُ قَاضِيًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى رِضًا لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ لِلْمُحَكِّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسٌ وَلَا تَرْسِيمٌ وَلَا اسْتِيفَاءُ قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ وَلَا يَنْقَضِ حُكْمُهُ وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى نَفْسِهِ لَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالتَّفَرُّقِ.

قَوْلُهُ: (قَاضِيَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمَكَانٍ) وَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا فِي بَعْضِهِ الَّذِي مَنَعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِيهِ كَخَارِجِ مَجْلِسِهِ الْمُعَيَّنِ، قَوْلُهُ: (بَلْ عَمَّمَ) أَيْ صَرِيحًا أَوْ تَنْزِيلًا كَأَنْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ) وَمِثْلُهُ اخْتِلَافُ الِاعْتِمَادِ فِي الْمُقَلِّدِينَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ شَرْطُ الِاجْتِمَاعِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ.

تَنْبِيهٌ: يُقَدَّمُ فِي الطَّلَبِ الْأَصْلُ عَلَى خَلِيفَتِهِ ثُمَّ الْأَسْبَقُ طَلَبًا ثُمَّ يُقْرَعُ وَيُقَدَّمُ فِي اخْتِيَارِ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ التَّنَازُعِ عَلَى الْحُضُورِ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهِ كَمَا فِي التَّحَالُفِ أُجِيبَ طَالِبُ الْأَقْرَبِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَقْرَعَ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ) أَيْ بِخِلَافِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ رِضَا الْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَجِيءُ. هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِ الْأَهْلِ لِلضَّرُورَةِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ وِلَايَةُ ذِي الشَّوْكَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ) دَلِيلُهُ تَحَاكَمَ عُمَرُ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ إلَى جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَلَمْ يُخَالِفُوا فَكَانَ إجْمَاعًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَالِ أَمْرِ الْحُكَّامِ وَقُصُورِ نَظَرِهِمْ وَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الطَّرِيقَةُ، غَايَةُ الْأَمْرِ إنْ شَقَّ الْمَنْعُ مِنْهَا لَمَّا دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ.

[تَنْفِيذ حُكْم المحكم]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَإِذَا أَرْسَلَا لِخَصْمٍ يُجَابُ مَنْ سَبَقَ دَاعِيَةً فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا.

فَرْعٌ: وَلَا هُمَا وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى تَعْمِيمٍ وَلَا غَيْرِهِ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَلَا كَذَلِكَ نَظِيرُهُ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَوْ شُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَى الْعَمَلِ. صَحَّ بِخِلَافِ هَذَا، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَكِيلَيْنِ كَالْوَصِيَّيْنِ نَعَمْ اُسْتُشْكِلَ بِمَا لَوْ قَالَ الْمُوصِي أَوْصِ إلَيَّ مَنْ شِئْت وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَنْك، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَمْ يَنْزِلُوهُ عَلَى الْوِصَايَةِ عَنْ الْمُوصِي كَيْ يَصِحُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ وِصَايَةِ الْوَصِيِّ حَتَّى يُصَرِّحَ الْمُوصِي بِأَنَّهُ يُوصِي عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>