للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارُ فِي خَمْسٍ انْدَفَعَ مَنْ زَادَ) ، لِجَوَازِ هَذَا الْحَصْرِ إذْ يَخِفُّ بِهِ الْإِبْهَامُ، (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ) لِأَرْبَعٍ مِنْ الْخَمْسِ، (وَنَفَقَتُهُنَّ) أَيْ الْخَمْسِ (حَتَّى يَخْتَارَ) ، أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِسَبَبِ النِّكَاحِ.

(فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ حُبِسَ) إلَى أَنْ يَخْتَارَ فَإِنْ أَصَرَّ عُزِّرَ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ.

(فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ) أَيْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ (وَذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَذَاتُ أَقْرَاءٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَقْرَاء وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ عَلَى انْفِرَادِهَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً، بِأَنْ تَخْتَارَ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَأَنْ لَا تَكُون زَوْجَةً بِأَنْ تُفَارِقَ، فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَاحْتِيطَ بِمَا ذُكِرَ، فَفِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ إنْ مَضَتْ الْأَقْرَاءُ مِنْ الثَّلَاثَة قَبْلِ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أُكْمِلَتْ، وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ وَعَشْرٌ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، أَتَمَّتْ وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ إسْلَامُهُمَا مَعًا أَوْ إسْلَامُ السَّابِقِ مِنْهُمَا.

(وَيُوقَفُ نَصِيبُ زَوْجَاتٍ) مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحَقِّهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَ الزَّوْجَاتِ لِلْإِرْثِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ، وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ لِلزَّوْجَاتِ شَيْءٌ لِجَوَازِ أَنْ يَخْتَارَ الْكِتَابِيَّاتِ، وَيُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَيْنَ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَقِيلَ يُوقِفُ لَهُنَّ، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ غَيْرِهِنَّ نَصِيبَهُنَّ غَيْرُ مَعْلُومٍ. .

فَصْلٌ: أَسْلَمَا مَعًا اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ لِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ.

(وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) وَهِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ (فَلَا) نَفَقَةَ لِنُشُوزِهَا بِالتَّخَلُّفِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا ذُكِرَ وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ، لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ شَيْئًا، وَالزَّوْجُ هُوَ الَّذِي بَدَّلَ الدِّينَ، وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ قَطْعًا.

(وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَوَّلًا فَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَصَرَّ) إلَى انْقِضَائِهَا،

ــ

[حاشية قليوبي]

صَغِيرًا وَسَفِيهًا وَغَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْخَمْسُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ مُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى الْمَوْقُوفَاتِ لَكَانَ أَكْثَرَ فَائِدَةً.

قَوْلُهُ: (حُبِسَ) وَلَوْ بِلَا طَلَبٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا يَنُوبُ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِي الِاخْتِيَارِ كَالْوَلِيِّ وَلَوْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ جَازَ إمْهَالُهُ الْمُدَّةَ الْمَشْرُوعَةَ. قَوْلُهُ: (عُزِّرَ بِضَرْبٍ) وَكُلَّمَا بَرِئَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ زِيدَ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَبْسَ لِلتَّرَوِّي لَا تَعْزِيرٌ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ جُنَّ فِيهِ أُطْلِقَ حَتَّى يَبْرَأَ.

قَوْلُهُ: (بِوَضْعِ الْحَمْلِ) وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَقَرَاءً. قَوْلُهُ: (وَذَاتُ أَقَرَاءً) مَدْخُولٌ بِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْفِرَاقِ لِعَدَمِ شُمُولِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَكْمَلَتْ) وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَوْتِ وَبِنَاءً أَكْمَلَتْ لِلْمَجْهُولِ أَوْلَى وَمِثْلُهُ أَتَمَّتْ. قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاءُ الْأَقْرَاءِ إلَخْ) فَالْمُرَادُ مَا بَقِيَ وَقْتَ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَصْطَلِحْنَ) وَلَهُنَّ الْقِسْمَةُ بِتَسَاوٍ أَوْ تَفَاوُتٍ. نَعَمْ لَيْسَ لِوَلِيِّ مَحْجُورَةٍ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَنْ يُصَالِحَ بِدُونِ مَا يَخُصُّهُمَا مِنْ عَدَدِهِنَّ كَعَشْرٍ مِنْ عَشْرَةٍ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَطَرِيقُ الصُّلْحِ لِيَقَعَ عَنْ إقْرَارِ أَنْ تُقِرَّ كُلٌّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَتَسْأَلَهَا تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهَا لَهَا، وَلَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى مَالٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ مَالِكٍ وَحَيْثُ وَقَعَ الصُّلْحُ، فَفِيهِ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لَا تَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ وَلَا قَبُولٍ وَلَا قَبْضٍ وَخَرَجَ بِالصُّلْحِ مَا قَبْلَهُ، فَلَا تُعْطَى وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ شَيْئًا إلَّا إنْ طَلَبَ مِنْهُنَّ مَنْ فِيهِ وَارِثَةٌ يَقِينًا فَيُعْطَيْنَ بِقَدْرِهَا، فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَطَلَبَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ فَأَقَلُّ لَمْ يُعْطَيْنَ شَيْئًا أَوْ خَمْسٌ أُعْطِينَ رُبْعَ الْمَوْقُوفِ أَوْ سِتٌّ فَنِصْفَهُ، أَوْ سَبْعٌ فَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَجْرِي فِي الصُّلْحِ هُنَا مَا مَرَّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَرَاجِعْهُ.

[فَصْلٌ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا]

فَصْلٌ فِي حُكْمِ مُؤْنَةِ الزَّوْجَةِ مَعَ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهِ

قَوْلُهُ: (أَسْلَمَا مَعًا) بِقَوْلِهِمَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُمَا أَسْلَمَا حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لَا مَعَ طُلُوعِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُقَارَنَةِ لِطُلُوعِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ.

قَوْلُهُ: (وَأَصَرَّتْ) وَلَوْ لِعُذْرٍ كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الْعِدَّةَ. قَوْلُهُ: (وَتَسْتَحِقُّ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ) الزَّوْجُ وَإِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

اخْتِيَارَ الْأُخْرَى وَكَأَنَّهُ عَلَّقَ وَأَيْضًا الْعُقُودُ الَّتِي يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهَا يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُ فَسْخِهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا فَسْخَ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ الْمُخْتَارَاتِ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْعِبَارَةِ بِدُونِهِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَ حَصَرْت الْمُخْتَارَاتِ فِي الْعَدَدِ الْفُلَانِيِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ إلَخْ) جُوِّزَ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ مِنْ تَمَامِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُحَرِّرِ فَيَنْدَفِعُ غَيْرُهُنَّ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ فِيهِنَّ، وَلِأَنَّ وُجُوبَ أَصْلِ التَّعْيِينِ قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُبْتَدَأً وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَمِلَ بِخُطَّةٍ فَاصِلَةٍ قَبْلَهُ، وَأَنَّ حُكْمَ النَّفَقَةِ وَمَا بَعْدَهَا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ ذِكْرٌ، قَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالتَّعْيِينِ سِرٌّ وَهُوَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِسْلَامِ زَالَ نِكَاحُ مَا زَادَ فَالِاخْتِيَارُ تَعْيِينٌ لِأَمْرٍ سَابِقٍ لَا إنْشَاءُ إزَالَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ) عِبَارَتُهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ إذْ لَوْ قَالَ بَدَلَهَا فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْفِرَاقِ لَلَزِمَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَعْتَدُّ عَنْ الْفِرَاقِ وَهُوَ فَاسِدٌ.

فَصْلٌ: أَسْلَمَا مَعًا إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَسْلَمَتْ إلَخْ) يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا كَانَ التَّخَلُّفُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ) هُوَ بِعُمُومِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>