للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ إذَا (قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ (بِدَارَ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) لِلْعُذْرِ وَالثَّانِي عَلَيْهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، (أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا) أَيْ الْقِصَاصُ ابْتِدَاءً وَالدِّيَةُ بَدَلًا عَنْهُ. (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ

(أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ، وَفِيمَا عَدَا الْأُولَى قَوْلٌ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ طَرْدٌ فِي الْأُولَى وَفِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالْوُجُوبِ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ مَجِيئَهُ فِي الْأَخِيرَةِ

(وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ) ، دُونَ الصَّحِيحِ (وَجَبَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّ جَهْلَهُ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ.

ــ

[حاشية قليوبي]

تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْنُهُ.

نَعَمْ تُعْتَبَرُ أَفْعَالُ الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ مَثَلًا، وَلَا يَنْتَقِلُ مَالُهُ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ الْجَرِيحِ فِيهِمَا فَرَاجِعْهُ.

فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ حَالِ الْمَقْتُولِ وَفِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ فِي الْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي قَوْلُهُ: (قَتَلَ) أَيْ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ اسْتَعَنَّا بِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ.

قَوْلُهُ: (مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) أَيْ حِرَابَتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي حِرَابَتِهِ وَعَدَمِهَا كَإِسْلَامِهِ أَوْ ذِمِّيَّتِهِ فَالْمُرَادُ بِالظَّنِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ ادَّعَاهُ.

قَوْلُهُ: (زِيُّ الْكُفَّارِ) بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الْحَرْبِيِّينَ لِأَنَّهُمْ الْمُرَادُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِرِدَّةٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بِدَارِنَا وَمِثْلُهُ تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ بِدَارِهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِدَارِ الْحَرْبِ) وَمِثْلُهُ صَفُّهُمْ فِي دَارِنَا لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ فَهُوَ هَدَرٌ أَيْضًا قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) أَيْ بِالتَّرَدُّدِ الْمَذْكُورِ وَخَرَجَ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا فَإِنْ قَتَلَهُ بِدَارِهِمْ فَهُوَ هَدَرٌ بِالْأَوْلَى مِنْ الظَّنِّ أَوْ بِدَارِنَا وَجَبَتْ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ لَا قِصَاصٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ فِي هَذِهِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا) أَيْ وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ مَحَلُّ هَذَا فِيمَا لَوْ عَهِدَ حِرَابَتَهُ، فَإِنْ ظَنَّهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا وَصَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا) أَوْ ظَنَّهُ بِالْأَوْلَى قَوْلُهُ: (أَوْ ذِمِّيًّا) الْمُرَادُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ) وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ خَلْفُ الْعَهْدِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ ظَنَّ أَوْ عَهِدَ إسْلَامَهُ فَقَتَلَهُ، وَلَوْ بِدَارِهِمْ فَفِيهِ الْقَوَدُ قَطْعًا، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ وَقَتَلَهُ بِدَارِنَا مُطْلَقًا أَوْ بِدَارِهِمْ وَعَلِمَ مَكَانَهُ، فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَهَدَرٌ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عُمُومِ التَّرَدُّدِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْهُ.

فَإِنَّهُ فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسْلِمِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا عَدَا الْأَوَّلَ قَوْلُ إلَخْ) فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الْمُوَافِقُ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فِي الْجَمِيعِ أَصْلًا وَطَرْدًا. قَوْلُهُ: (بَحَثَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فَإِجْرَاءُ الْمُصَنِّفِ الطُّرُقَ فِيهَا نَظَرًا لِذَلِكَ الْبَحْثِ أَوْ تَغْلِيبًا وَهُوَ الْوَجْهُ إذْ الرَّافِعِيُّ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ كَانَ قَاتِلُ الْمُرْتَدِّ هُوَ الْإِمَامَ وَبِهِ قَالَ الْخَطِيبُ وَهُوَ الْوَجْهُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ.

فَرْعٌ: لَوْ تَتَرَّسَ الْحَرْبِيُّونَ بِمُسْلِمٍ فَإِنْ قَتَلَهُ مَنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ بِدَارِهِمْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ.

ــ

[حاشية عميرة]

أَنَّهُ فِي مِثْلِ حَالَةِ الْمَقْدُودِ اهـ. هَذَا وَلَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْوَصَايَا قَدْ يُخَالِفُ هَذَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَوْ شَرِبَ سُمًّا انْتَهَى بِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْجَرِيحِ.

[فَصْلٌ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ بِدَارِ الْحَرْبِ]

فَصْلٌ قَتَلَ مُسْلِمًا قَوْلُهُ: (لَا قِصَاصَ وَكَذَا دِيَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِلَافِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا أَمْ لَا، وَلَكِنَّ طَرِيقَةَ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ الْجَزْمُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا مُسْلِمًا، أَوْ قَصَدَ عَيْنَ شَخْصٍ يَظُنُّهُ كَافِرًا أَوْ إنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ فَلَا دِيَةَ جَزْمًا وَإِنْ وَجَدَ أَحَدَهُمَا فَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ وَنَفَى الدِّيَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي عَدُوٍّ لَكُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ سِوَى الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَتَهُ بِإِقَامَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَوُجُوبِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ مَنْ فِي الدَّارِ الْعِصْمَةُ، قَوْلُهُ: (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) هَذَا الْقَوْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ الْأَقْيَسُ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ فِي دَارِنَا عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ لَا نَرْتَابُ فِي كَوْنِهِمْ مِنْهُمْ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَرْبِيِّينَ وَاَلَّذِي فِي دَارِنَا يَغْلِبُ أَنْ يَكُونَ بِأَمَانٍ فَاتُّجِهَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عِنْدَ تَبَيُّنِ الْإِسْلَامِ،

قَوْلُهُ: (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا) لَوْ كَانَ بَدَلُ الْعَهْدِ فِيهِمَا الظَّنَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَالْمُتَّجَهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ظَنِّ قَاتِلِ أَبِيهِ فِي الْقَطْعِ أَوْ إثْبَاتِ الْقَوْلَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا إلَخْ) مِنْ نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ سَرَقَ نِصَابًا يَظُنُّهُ دُونَهُ بَلْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ، يَقْطَعُ قَطْعًا وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ خِلَافِ الْقِصَاصِ فِيهَا وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُؤَدَّبِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ كَمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>