للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقِيلَ لَا) يَجِبُ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِمُهْلِكٍ عِنْدَهُ وَلَوْ عَلِمَ مَرَضَهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا.

(وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ) كَمَا فِي الذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ (فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ) لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ (وَالْمُرْتَدُّ) فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لِذَلِكَ وَسَيَذْكُرُ فِي حَقِّ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ، (وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فَيَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْقِصَاصُ

(وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ بِهِ) لَأَنْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ، (أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى اسْتِيفَائِهِ حَدًّا لِلَّهِ. وَالثَّانِي قَالَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ لِلْإِمَامِ دُونَ الْآحَادِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ، فَإِنْ قُتِلَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا.

(وَ) يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ (فِي الْقَاتِلِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) لِتَعَدِّيهِ وَأَلْحَقَ بِهِ مَنْ تَعَدَّى بِشُرْبِ دَوَاءٍ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْعَقْلِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ وَفِي قَوْلٍ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي تَصَرُّفِهِ (وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صَدَقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعَهِدَ الْجُنُونَ) قَبْلَهُ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ) الْآنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) أَنَّهُ صَبِيٌّ

(وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ (وَيَجِبُ) الْقِصَاصُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِعَهْدٍ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَالْمُرْتَدِّ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) وَمِثْلُهُ الدِّيَةُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِعَطْفِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ) أَيْ مُطْلَقًا وَالْقَيْدُ بَعْدَهُ فِي الْمُرْتَدِّ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ

قَوْلُهُ: (وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ بِهِ) وَكَذَا إنْ قَتَلَهُ مُرْتَدٌّ أَوْ زَانٍ مُحْصَنٌ مِثْلُهُ وَالْعِلَّةُ قَاصِرَةٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُحْصَنٍ، وَلَوْ زَانِيًا وَلَا مُحْصَنَ غَيْرُ زَانٍ وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ كَافِرٌ غَيْرُ مُحْصَنٍ بِقَتْلِهِ كَافِرًا مُحْصَنًا.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ مَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ رَجَعَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ، وَعَلِمَ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ. قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى اسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) أَيْ فِي الْوَاقِع وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ، وَإِنْ قَصَدَ خِلَافَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ، وَلِذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ كَذِمِّيٍّ قُتِلَ بِهِ

قَوْلُهُ: (وَمَجْنُونٌ) نَعَمْ إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَجَنَى حَالَ إفَاقَتِهِ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ، وَسَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ، وَالْقِيَاسُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا، وَوُجُوبُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ لِعَدَمِ الطُّرُقِ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ قَوْلُهُ: (لِتَعَدِّيهِ) فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ سَكِرَ تَعَدِّيًا أَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَنْ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَثْنَى) وَلَيْسَ مُسْتَثْنًى حَقِيقَةً لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ. قَوْلُهُ: (كَالْمَجْنُونِ) يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَصَلَ إلَى حَالَةِ الْجُنُونِ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقَوَدُ قَطْعًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ جُنُونٌ أَوْ سُكْرٌ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ. قَوْلُهُ: (وَعَهِدَ الْجُنُونَ) وَلَوْ مَرَّةً وَإِنْ طَالَ عَهْدُهَا وَلَوْ تَعَارَضَا بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَسَاقَطَا وَوَجَبَ الْقَوَدُ نَظَرًا لِحَالَةِ التَّكْلِيفِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (أَنَا صَبِيٌّ الْآنَ) أَيْ وَأَمْكَنَ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ وَحَيْثُ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَجَبَ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَلَا دِيَةَ قَوْلُهُ: (عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ بِلَا أَمَانٍ وَإِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

جَوَّعَهُ جُوعًا لَا يَقْتُلُهُ وَكَانَ هُنَاكَ جُوعٌ سَابِقٌ جَهِلَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّرْبَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَرَضِ بِخِلَافِ الْجُوعِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْجُوعِ السَّابِقِ، وَأَيْضًا الْجُوعُ يَخْفَى بِخِلَافِ الْمَرَضِ السَّابِقِ

قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) ، لَوْ قَالَ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ كَانَ أَوْلَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَهَدَرٌ وَلَكِنْ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ بَعْدُ وَفِي الْقَاتِلِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمُكَافَأَةٌ وَقَوْلُهُ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ مُرَادُهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ مَحْصُورَةٌ فِي هَذَيْنِ وَيَرِدُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسِيرِ الْوَثَنِيِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْبِيهِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ، بِالْأَوَّلِ ثُمَّ حَاصِلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) أَيْ لِيَدْخُلَ فِي أَدِلَّةِ الْقِصَاصِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ وَطَرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَوْفَى مِنْهُ حَالَ الْجُنُونِ وَلَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِإِقْرَارِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَعِصْمَةٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْحَرْبِيِّ قَوْلُهُ: (أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ وَهُوَ انْتِفَاءُ الْفَهْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَأَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ عَدَمُ خِطَابِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْلِيفُهُ قِيلَ وَهِيَ أَحْسَنُ لِإِشْعَارِهَا بِالْعِلَّةِ

قَوْلُهُ: (عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ عَقَدَ لَهُ ذِمَّةً وَلَوْ كَانَ إسْلَامُهُ بَيْنَ جُرْحِهِ وَمَوْتِ الْمَجْرُوحِ قَوْلُهُ: (يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمَعْصُومِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ وَأَمَّا فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ فَسَيَأْتِي قَالَ وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ «مَنْ اعْتَقَلَ مُسْلِمًا وَقَتَلَهُ فَهُوَ بِهِ قَوَدٌ» .

قَوْلُهُ: (وَالْمُرْتَدُّ) هَذَا الْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>