للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِالْتِزَامِ الْأَوَّلِ وَبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّانِي (وَمُكَافَأَةً) بِالْهَمْزِ مِنْ الْمَقْتُولِ لِلْقَاتِلِ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِهِ) أَيْ بِمُسْلِمٍ (وَبِذِمِّيٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَكَذَا) أَيْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الْجُرْحِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى الْمُكَافَأَةِ وَقْتَ الزُّهُوقِ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) ، وَلَا يُفَوِّضُهُ إلَيْهِ حَذَرًا مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) وَالثَّانِي لَا لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُرْتَدِّ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَرَّرٍ بِالْجِزْيَةِ (وَبِمُرْتَدٍّ) ، وَالثَّانِي لَا إذْ الْمَقْتُولُ مُبَاحُ الدَّمِ (لَا ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ) ، وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ وَعُورِضَ بِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ (وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَكَافُئِهِمْ بِتَشَارُكِهِمْ فِي الْمَمْلُوكِيَّةِ

(وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ أَوْ) جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ (عَتَقَ) الْجَارِحُ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلذِّمِّيِّ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ عَدَمُ سُقُوطِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَكَذَا فِي الْجُرْحِ فِي الْأَصَحِّ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ وَقِيلَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) عَلَى حُرِّيَّةِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (وَجَبَ) الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ حِينَئِذٍ مُسَاوٍ أَوْ فَاضِلٌ وَعَارَضَ نَافِيَ الْقِصَاصِ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ، وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ حُرِّيَّةً، وَرِقًا شَائِعًا فَيَلْزَمُ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ عَانَتُهُ نَابِتَةً بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ لِأَنَّ الْقَتْلَ فِيهِ مُعَلَّقٌ بِالْبُلُوغِ،

قَوْلُهُ: (وَبَقَاءُ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ) فَهُوَ مُلْتَزِمٌ لِلْأَحْكَامِ حُكْمًا، وَلَيْسَ لَهُ تَأْوِيلٌ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَتَلَ بَاغٍ عَادِلًا فِي الْقِتَالِ حَيْثُ يُهْدَرُ.

قَوْلُهُ: (وَمُكَافَأَةٌ) وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْمُسَاوَاةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِإِيمَانٍ. أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوْ سِيَادَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ رَقِيقًا. قَوْلُهُ: (بِذِمِّيٍّ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ بِالْأَوْلَى، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ. نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَبِذِمِّيٍّ) وَبِمُعَاهَدٍ وَمُؤَمَّنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ) خَرَجَ مَا لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْجُرْحِ وَلَوْ بِدَعْوَاهُ لِأَنَّهُ الْمُصَدَّقُ فِيهَا، فَلَا قِصَاصَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الرَّمْيِ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ أَيْضًا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُكَافَأَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ إلَى الزُّهُوقِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) وَبِمُعَاهَدٍ كَمَا مَرَّ، وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قِصَاصًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ، وَلَا أَرْشَ وَلَا دِيَةَ لِلْعَافِي لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ عَفَا بَعْدَ إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ إلَخْ) بَلْ هُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ بَقَاءَ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ تُوجِبُ زِيَادَةً فِي إهْدَارِهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مُرْتَدَّةٍ، وَعَدَمِ صِحَّةِ تَزْوِيجِهَا مِنْ كَافِرٍ، وَشَمِلَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ بَعْدَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

قولهُ: (وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) وَلَوْ ذِمِّيًّا بِرَقِيقٍ وَلَوْ مُسْلِمًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ كَمَا مَرَّ، وَدَلِيلُ عَدَمِ الْقَتْلِ حَدِيثُ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَمَا وَرَدَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَثْبُتْ أَوْ مَنْسُوخٌ أَوْ مُقَيَّدٌ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَلَوْ بِالشَّكِّ فَلَوْ قَتَلَ حُرٌّ عَبْدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ عَتَقَ أَحَدُهُمْ مُبْهَمًا وَخَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ لِلْمَقْتُولِ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ نَعَمْ إنْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا وَجَبَ الْقَوَدُ وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ. قَوْلُهُ: (وَمُكَاتَبٌ) نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقَتْلِهِ عَبْدَهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ نَظَرًا لِلسِّيَادَةِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَوْ قَتَلَ مِثْلُهُ لَا قِصَاصَ) وَالْمِثْلِيَّةُ مِنْ حَيْثُ التَّبْعِيضُ لَا الْمِقْدَارُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَفِي التَّسَاوِي، قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يَتَعَلَّقُ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَرُبُعُ الْقِيمَةِ بِمَالِهِ وَرُبُعُهُمَا بِرَقَبَتِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْمَعْصُومِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ) نَصَّ عَلَيْهِ لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَا يُقْتَلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) أَيْ هُوَ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ عَنْ الْعِصْمَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، قَوْلُهُ: (قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) قَدْ يُؤَيَّدُ بِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ قَوْلُهُ: (وَبِمُرْتَدٍّ) فَتَكُونُ عِصْمَتُهُ بِالنَّظَرِ إلَى إسْلَامِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يَقْدَحُ فِي قَصْرِ الْعِصْمَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَمَانِ، قَوْلُهُ: (لَا ذِمِّيٌّ بِمُرْتَدٍّ) الْخِلَافُ فِي هَذِهِ بَنَاهُ الْقَفَّالُ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَكْسِهَا وَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ لَا يَضْمَنُهَا، قَوْلُهُ: (يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ وَطَلَبُهُ لِلْإِمَامِ قَوْلُهُ: (وَعُورِضَ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُهْدَرٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَعْصُومٌ عَنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ قَتْلَهُ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَعَارَضَ نَافِي الْقِصَاصِ إلَخْ) ، مِمَّا يَدُلُّ لَهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وَكَانَا نِصْفَيْنِ تَعَلَّقَ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ بِمَالِهِ وَمِثْلُهُمَا بِرَقَبَتِهِ.

فَرْعٌ: شَخْصٌ لَهُ عَبِيدٌ ثَلَاثَةُ أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَمَاتَ وَاحِدٌ وَقُتِلَ وَاحِدٌ قَبْلَ مَوْتِهِ يَقْرَعُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِأَحَدِ الْحَيَّيْنِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْمَقْتُولِ بَانَ أَنَّهُ قُتِلَ حُرًّا وَكَانَتْ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا قِصَاصَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ جُرْحِ فُلَانٍ لَك بِيَوْمٍ فَإِذَا جُرِحَ وَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>