للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا قَبْلَ النِّكَاحِ

، (وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ حَقُّهَا (فَإِنْ رَضِيَتْ) بِإِعْسَارِهِ (فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي النَّفَقَةِ لَهُ وَضَرَرُ فَوَاتِهَا يَعُودُ إلَيْهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لَهَا وَيَتَلَقَّاهَا السَّيِّدُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُمْلَكُ، (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ بِنَاءً عَلَى الْفَسْخِ (أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْفَسْخِ، (بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولُ) لَهَا (افْسَخِي أَوْ جُوعِي) فَإِذَا فَسَخَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَفَى نَفْسَهُ مُؤْنَتَهَا.

فَصْلٌ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] وَقِيسَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِأَنَّ حُرْمَةَ الْوَالِدِ أَعْظَمُ، وَالْوَالِدُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةِ أَلْيَقُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا) فَتَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ الْكَافِرِ وَالْعَكْسُ لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ، (بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ) .

وَلَيْلَتِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى مَنْ ذَكَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ، (وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِشَبَهِهَا بِهِ، وَفِي كَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْعَقَارِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُبَاعُ كُلُّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَشُقُّ وَلَكِنْ يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُ الْعَقَارِ لَهُ، (وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، (وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتُهُ وَلَا مُكْتَسِبِهَا) لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَى غَيْرِهِ (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ بِالزَّمِنِ الْمَرِيضَ وَالْأَعْمَى، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: تُصَدَّقُ الْأَمَةُ فِي عَدَمِ قَبْضِهَا مِنْ الزَّوْجِ إذَا ادَّعَاهُ وَفِي قَبْضِهَا مِنْهُ إذَا أَنْكَرَهُ السَّيِّدُ، وَالْكِسْوَةُ وَغَيْرُهَا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَالنَّفَقَةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَضِيَتْ) أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً. قَوْلُهُ: (أَنْ يُلْجِئَهَا) مَا لَمْ تَكُنْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ) .

فَرْعٌ: لَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ مُسْتَوْلَدَةٍ وَلَا عِتْقُهَا وَلَا بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَيُجْبَرُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلُّ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي تَرْجِعُ إلَى تَزْوِيجِهَا، وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ سَيِّدِهَا، وَأَقَرَّ ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ.

[فَصْلٌ يَلْزَمُهُ أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا]

فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ أَيْ فِي لُزُومِهَا وَقَدْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهُ أَيْ الشَّخْصَ) دَفَعَ بِهِ إرَادَةَ الذَّكَرِ فَقَطْ، أَوْ الْفَرْعِ فَقَطْ أَوْ الْأَصْلِ فَقَطْ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ أَوْ الْمُبَعَّضُ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ، لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ. نَعَمْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ وَلَيْسَتْ مُكَاتَبَةً لَهُ. قَوْلُهُ: (نَفَقَةُ) وَكَذَا كِسْوَةٌ وَأُدْمٌ وَسُكْنَى وَغَيْرُهَا، وَلَوْ نَحْوَ دَوَاءٍ وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَخَادِمٍ احْتَاجَهُ، وَلَوْ لِمَنْصِبٍ وَمُؤْنَتِهِ وَزَوْجَةٍ لَزِمَ إعْفَافُهُ بِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُؤْنَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ آلَةِ تَنْظِيفٍ وَنَحْوِ مَاءِ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ وَتَفَكُّهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْوَالِدِ) أَيْ الْمَعْصُومِ الْحُرِّ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَكَذَا الْوَلَدُ فَخَرَجَ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالزَّانِي الْمُحْصِنُ وَالْمُرْتَدُّ وَنَحْوُهُمْ، وَخَرَجَ الْحَوَاشِي فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ إرْضَاعِهِ، فَنَفَقَتُهُ أَلْزَمُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَلْزَمُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (الْمُنْفِقِ) مِنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ قَوْلُهُ: عَنْ (قُوتِهِ) أَيْ الْمُنْفِقِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْقُوتِ الْمُؤْنَةُ الشَّامِلَةُ لِلْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى وَالْأُدْمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ لَا عَنْ دَيْنِهِ، قَوْلُهُ: (عِيَالِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُمْ زَوْجَتُهُ وَخَادِمُهَا وَأَمُّ وَلَدِهِ، قَوْلُهُ: (يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ) الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ كَمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْيَسَارُ عِنْدَ فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَكْفِي لِلْعُمُرِ الْغَالِبِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ نَظَرًا لِحُرْمَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَلِعَدَمِ الدِّينِيَّةِ بِفَوَاتِهَا كَمَا يَأْتِي فَكُلُّ مُوسِرٍ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ هُنَا وَلَا عَكْسَ. قَوْلُهُ: (مَا يَصْرِفُهُ) سَوَاءٌ كَفَاهُ أَوْ لَا وَمَا بَدَلَ مِنْ فَاضِلٍ أَوْ مَعْمُولٍ لَهُ بِتَأْوِيلِ أَنْ يَفْضُلَ، قَوْلُهُ: (مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ) كَالْخَادِمِ أَيْ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي بَابِ الْمُفْلِسِ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ مَحَلِّهِ. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الثَّانِي فِي كَلَامِهِ قَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُ إلَخْ) هُوَ فِي النَّفَقَةِ الْحَالَّةِ إذَا طُلِبَتْ كَالدَّيْنِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ حَلِيلَةُ

ــ

[حاشية عميرة]

فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ

وَكَذَا عَبْدُهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَزَوْجَتُهُ وَغَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي أَمْرِ الْمُضَارَّةِ، قَالَ كَذَا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدِ) خَرَجَ بِهِ الْحَمْلُ قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ) أَيْ وَأَحْكَامِهَا كَالْعِتْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَلِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، قَوْلُهُ: (عِيَالِهِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ إلَّا الزَّوْجَةُ وَلَفْظُ الْعِيَالِ يُوهِمُ خِلَافَهُ اهـ. أَقُولُ مِثْلُهَا خَادِمُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ الدَّلِيلُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ «ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِك شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِك» ثُمَّ الَّذِي بَحَثَهُ رَأَيْته فِي الْخَادِمِ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْقُولًا وَالْمُسْتَوْلَدَةُ كَالزَّوْجَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ) كَالْخَادِمِ قَوْلُهُ: (وَلَا مُكْتَسِبِهَا) إنْ أُرِيدَ مَنْ حَصَّلَهَا بِالْكَسْبِ رَجَعَ إلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أُرِيدَ الْقَادِرُ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>