للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ، (وَكَذَا الْكِنَايَةُ) إذَا نَوَى فِيهَا عَدَدًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا كَمَا زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ، (وَنَوَى عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ (وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ) عَمَلًا بِالنِّيَّةِ وَصَحَّحَ الثَّانِي فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ فِيهِ رَجَّحَ، (قُلْت وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ (وَنَوَى عَدَدًا فَالْمَنْوِيُّ) حَمْلًا لِلتَّوَحُّدِ عَلَى التَّفَرُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ اللَّفْظِ، (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ ذَلِكَ التَّطْلِيقُ بِوَاحِدَةٍ، وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَ وَاحِدَةٍ طَالِقٌ فَفِيهِ الْخِلَافُ، (وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٍ لَمْ يَقَعْ) لِخُرُوجِهَا عَنْ مَحِلِّ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ لَفْظِهِ (أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ لِقَصْدِ الثَّلَاثِ وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي حَيَاتِهَا (وَقِيلَ وَاحِدَةٌ) ، كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ الَّذِي صَادَفَ الْحَيَاةَ (وَقِيلَ لَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يُفْصَلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فِي الْحُكْمِ وَلَا يُعْطَى بَعْضُهُ حُكْمَ كُلِّهِ وَحَقَّقَ إسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ فَقَالَ إنْ نَوَى الثَّلَاثَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ

(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ أَنْت طَالِقٌ وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ) ، بَيْنَ هَذِهِ الصِّيَغِ كَأَنْ سَكَتَ بَيْنَهَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَنَوَى) أَيْ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّفْظِ. قَوْلُهُ: (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ فَمَتَى اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالنِّيَّةُ عُمِلَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُمَا فِي الصَّرِيحِ، وَبِالنِّيَّةِ مُطْلَقًا فِي الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الرَّفْعُ وَالْجَرُّ وَالسُّكُونُ كَذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالنَّصْبِ لِكَوْنِهِ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.

قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ فِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَتْ) أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ أَسْلَمَتْ كَذَلِكَ أَوْ أَمْسَكَ عَلَى فِيهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٌ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْقَافِ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الْمَعِيَّةَ، قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ الْحَقِيقِيِّ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ثَلَاثًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَيَشْمَلُ الْمَعِيَّةَ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَحُقِّقَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَفْظِ أَنْتِ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَلَا كَوْنُ أَلْفَاظِهِ كَالصَّرِيحِ وَلَا اتِّحَادُ لَفْظِهِ وَالْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، إلَّا فِي الْإِطْلَاقِ فَيَقَعُ فِي الْمُعَلَّقِ فِيهِ وَاحِدَةً، وَيَقَعُ الثَّلَاثُ فِي غَيْرِهِ بِدُخُولٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ التَّكْرَارَ فِي الْأَيْمَانِ لَا فِي الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ) فِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ يُعِدْ لَفْظَ طَالِقٍ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَطُولُ الْفَصْلِ يَقْطَعُهُ عَمَّا قَبْلَهُ فَلَعَلَّ التَّعْمِيمَ فِي كَلَامِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ، لَا يُقَالُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَصَرَ الزَّمَانُ عُرْفًا لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ التَّأْكِيدُ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَنَحْوُهَا) كَالْعِيِّ.

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ]

فَصْلٌ: قَالَ طَلَّقْتُك إلَخْ قَوْلُهُ: (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) قَدْ جَزَمُوا بِذَلِكَ هُنَا، وَأَجْرَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ وَنَوَى أَيَّامًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ الْفَارِقُ دُخُولَ الْغَايَةِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الِاعْتِكَافِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ) . عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَالِاسْمَ الْمُشْتَقَّيْنِ مِنْ الْمَصْدَرِ يُشْعِرَانِ بِهِ وَيَدُلَّانِ عَلَيْهِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدَةِ وَلِلْجِنْسِ فَكَانَا مُحْتَمَلَيْنِ لِلْعَدَدِ، وَإِذَا جَازَ الِاحْتِمَالُ وَانْضَمَّتْ النِّيَّةُ وَجَبَ أَنْ يَقَعَ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (بِالنَّصْبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ هُنَا بِالرَّفْعِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُمَا إذْ ذَاكَ وُقُوعُ الْمَنْوِيِّ. قَوْلُهُ: (بِظَاهِرِ اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ وَاحِدَةٍ صِفَةٌ لِلطَّلْقَةِ الْمُقَدَّرَةِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَاقِضُ الْمَنْوِيَّ وَالنِّيَّةَ مَعَ اللَّفْظِ الَّذِي يُحْتَمَلُ لَا تُعْمَلُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِالنِّيَّةِ) أَيْ وَالْمَعْنَى حَالَةَ كَوْنِك وَاحِدَةً أَيْ مُتَوَحِّدَةً مِنْ الزَّوْجِ بِسَبَبِ الْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ زَعَمَ إرَادَةَ ذَلِكَ قُبِلَ، كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ بِمِثْلِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مُلَفَّقَةً مِنْ أَجْزَاءٍ ثَلَاثٍ قَوْلُهُ: (بِالرَّفْعِ) أَيْ وَأَمَّا أَنْتِ وَاحِدَةٌ بِالنِّصْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ بِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَلَفَ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنِ الْفِرْكَاحِ الظَّاهِرُ صِحَّةُ قِرَاءَةِ الْمُؤَلِّفِ بِالْأَوْجُهِ كُلِّهَا، وَكُلٌّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ السَّابِقَ إلَخْ) . أَيْ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَنْتِ ذَاتُ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَتْ صِفَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِ الْخِلَافُ) أَيْ وَالتَّعْلِيلُ مَا سَبَقَ وَإِنَّمَا كَانَ حُكْمُ النِّصْفِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ فِيمَا سَبَقَ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الرَّفْعِ هُنَا، لِأَنَّ النَّصِيبَ يَجْعَلُ وَاحِدَةً بِحَسَبِ الظَّاهِرِ صِفَةً لِلْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَالرَّفْعَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ يَجْعَلُهَا صِفَةً لِلْمَرْأَةِ فَافْتَرَقَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ قَالَ أَنْت وَاحِدَةٍ بِالْجَرِّ أَيْ ذَاتُ وَاحِدَةٍ أَوْ بِالسُّكُونِ عَلَى الْوَقْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ مَا نَوَاهُ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَمَاتَتْ قَبْلَهُ) مِثْلُهُ مَا لَوْ سَدَّ شَخْصٌ فَمَه أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ ثَلَاثًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا كَمَا لَوْ اقْتَصَرَ. قُلْت إنْ كَانَ ذَلِكَ مَعَ نِيَّةٍ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ عَدَمِهَا لَمْ يُلَاقِ تَعْلِيلَ الْأَوَّلِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ تَحْقِيقُ الْبُوشَنْجِيِّ الْآتِي قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يَفْصِلُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ وَاحِدَةٌ قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى بَعْضُهُ حُكْمَ كُلِّهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فَثَلَاثٌ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>