بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (وَكَذَا الْوَارِثُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي الِاعْتِبَارُ فِي كَوْنِهِ وَارِثًا بِحَالِ الْمَوْتِ، وَفِي قَوْلٍ بِحَالِ الْإِقْرَارِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا وَمَاتَ لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ) لِإِنْسَانٍ (وَفِي مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ) بَلْ يَتَسَاوَيَانِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، (وَلَوْ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ) بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ (وَأَقَرَّ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) بِدَيْنٍ (لِآخَرَ لَمْ يُقَدَّمْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَارِثِ كَإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ، فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنَيْنِ. وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ تَعَلَّقَ بِالتَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ صَرْفُهَا عَنْهُ
(وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) عَلَى الْإِقْرَارِ
(وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ لَهُ أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ الْمُقِرِّ بِهِ فَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ الدَّابَّةُ عَلَيَّ كَذَا فَلَغْوٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ (فَلَوْ قَالَ) : عَلَيَّ (بِسَبَبِهَا لِمَالِكِهَا) كَذَا (وَجَبَ) . وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ اكْتَرَاهَا (وَلَوْ قَالَ لِحَمْلِ هِنْدٍ) عَلَيَّ أَوْ عِنْدَهُ (وَكَذَا بِإِرْثٍ) عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا (أَوْ وَصِيَّةٍ) لَهُ مِنْ فُلَانٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَسْنَدَ إلَيْهِ مُمْكِنٌ (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ) كَقَوْلِهِ: أَقْرَضَنِيهِ أَوْ بَاعَنِي بِهِ شَيْئًا (فَلَغْوٌ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (بَلْ يَتَسَاوَيَانِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ يُقَدَّمُ إقْرَارٌ بِعَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ وَلَوْ قَضَى دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُشَارِكْهُ غَيْرُهُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ) قُيِّدَ بِالدَّيْنِ فِي هَذَا، وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مُرَاعَاةً لِأَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا لِأَجْلِ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ وَعَكْسِهِ، وَيُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ الِاحْتِبَاكُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُقَدَّمْ إلَخْ) أَيْ فَيَتَسَاوَيَانِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْعَيْنِ يُقَدَّمُ بِأَخْذِهَا وَلَوْ عَلَى نَحْوِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (بِالدَّيْنَيْنِ) فَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ دَيْنًا وَاحِدًا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ لِشَخْصٍ، وَالْوَارِثُ لِشَخْصٍ آخَرَ، لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ لِلثَّانِي وَلَا غُرْمَ لَهُ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَيْنِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِعَيْنٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ لِآخَرَ، وَلَا غُرْمَ لِلثَّانِي أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
فَرْعٌ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ حَائِزَيْنِ لِلْآخَرِ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ، أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ ضَارَبَتْ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِسَبْعَةِ أَثْمَانِ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِصُدُورِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ عِبَارَتُهُ نَافِذَةٌ فِي سَبْعَةِ أَثْمَانِ الْمِيرَاثِ.
[إقْرَارُ مُكْرَهٍ]
قَوْلُهُ: (مُكْرَهٍ عَلَى الْإِقْرَارِ) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْإِكْرَاهِ مَعَ قَرِينَةٍ، وَتُقَدَّمُ بِبَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الِاخْتِيَارِ إنْ لَمْ تَشْهَدْ بِتَقَدُّمِ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ. وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِ نَحْوَ مَحْبُوسٍ وَذِي تَرْسِيمٍ لِوُجُودِ إمَارَةِ الْإِكْرَاهِ وَتَثْبُتُ الْإِمَارَةُ بِإِقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ وَبِالْبَيِّنَةِ بِهَا وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالطَّوَاعِيَةِ فِي نَحْوَ بَيْعٍ ثُمَّ ادَّعَى الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ وَكَالْمُكْرَهِ النَّائِمُ وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَإِقْرَارُهُ بِعُقُوبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مَقْبُولٌ وَبِالْمَالِ مَوْقُوفٌ، وَقُيِّدَ الْإِقْرَارُ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: بِغَيْرِ حَقٍّ فَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ بِالْحَقِّ. وَخَرَجَ بِالْإِقْرَارِ مَا لَوْ أُكْرِهَ لِيُصَدَّقَ وَلَوْ بِالضَّرْبِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِشْكَالِ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي فَسَدَ فِيهِ أَمْرُ الْوُلَاةِ.
قَوْلُهُ: (أَهْلِيَّةُ اسْتِحْقَاقِ) وَكَذَا تَعْيِينُهُ وَلَوْ فِي مَحْصُورٍ كَأَحَدِ هَؤُلَاءِ أَوْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُمْ مَحْصُورُونَ، وَيُعَيَّنُ مَنْ شَاءَ مِمَّنْ ذُكِرَ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ هُوَ أَنَا وَخَالَفَهُ الْمُقِرُّ صُدِّقَ الْمُقِرُّ وَلَوْ لَمْ يَنْحَصِرْ وَلَمْ يَصِحَّ، وَيَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ لُقَطَةٌ. قَوْلُهُ: (لِهَذِهِ الدَّابَّةِ) أَيْ الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا نَحْوُ خَيْلٍ مُسَبَّلَةٍ وَنَحْوُ مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِمَالِكِهَا) أَيْ حَالَ الْإِقْرَارِ إنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ عَيَّنَهُ فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ وَرَجَعَ وَعَمِلَ بِتَفْسِيرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وُقِفَ بَيْنَ مُلَّاكِهَا لِلِاصْطِلَاحِ.
تَنْبِيهٌ: الْإِقْرَارُ لِعَبْدٍ إنْ كَانَ مُكَاتَبًا فَلَهُ أَوْ مُوصًى بِهِ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَوْ مَوْقُوفًا فَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، أَوْ مُبَعَّضًا فَلِذِي التَّوْبَةِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، أَوْ قِنًّا فَلِسَيِّدِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ، وَإِلَّا فَلِمَنْ عَيَّنَهُ فَإِنْ أَطْلَقَ رُوجِعَ وَعُمِلَ بِتَفْسِيرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَقْتٌ بَيْنَ مُلَّاكِهِ حِينَ يَصْطَلِحُوا كَمَا مَرَّ فِي الدَّابَّةِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ فَلَهُ إنْ عَتَقَ وَإِلَّا فَهُوَ فَيْءٌ، وَلَوْ رَدَّ الْعَبْدُ الْإِقْرَارَ لَمْ يَرْتَدَّ وَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِسَيِّدِهِ. نَعَمْ يَصِحُّ رَدُّهُ فِي الْوَصِيَّةِ وَانْظُرْهُ فِي نَحْوِ الْمُكَاتَبِ مِمَّنْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَخْ) مِنْهُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ عَقِبَ الثُّبُوتِ لِغَيْرِهِ، أَوْ بِذَلِكَ الْعَبْدِ عَقِبَ عِتْقِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَغْوٌ) أَيْ الْإِقْرَارُ مِنْ أَصْلِهِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَإِلْغَاءِ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَيُصَرِّحُ بِكَوْنِ اللَّاغِي هُوَ الْإِقْرَارُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ بَعْدَهُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ الْمُقْتَضِي لِلْقَطْعِ بِإِلْغَائِهِ فِي حَالَةِ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي الشَّارِحِ مِنْ تَخْرِيجِ الْأَصْحَابِ وَكَانَ حَقُّ الشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ صَحِيحٌ) هَذِهِ الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي كَلَامِهِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِ) أَيْ الْإِقْرَارُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ فَهَذَا طَرِيقٌ
ــ
[حاشية عميرة]
تَنْبِيهٌ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَقْدِيمُ دَيْنِ الصِّحَّةِ
[إقْرَارُ الْمَرِيضِ]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مُكْرَهٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] فَإِذَا أُسْقِطَ أَثَرُ الْكُفْرِ فَبِالْأَوْلَى غَيْرُهُ، وَلَوْ أُكْرِهَ لِيُصَدَّقَ صَحَّ إقْرَارُهُ.
[شُرُوط الْمُقِرّ لَهُ]
قَوْلُهُ: (عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي) هَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارًا وَاعْتِمَادًا