لَا حُرْمَةَ لِلْعَقْدِ الْفَاسِدِ (فَإِنْ تَكَرَّرَ) الْوَطْءُ (فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَكِنْ (فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ) لِلْمَوْطُوءَةِ مِنْ أَحْوَالِ الْوَطَآتِ، فَيَجِبُ مَهْرُ تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ إلَّا الْوَطْأَةُ، فِيهَا لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ، فَالْوَطَآتُ الزَّائِدَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقْصًا.
(قُلْت وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ) ، بِعَدَدِ الْوَطَآتِ.
(وَلَوْ كُرِّرَ وَطْءُ مَغْصُوبَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ عَلَى زِنًا تَكَرُّرُ الْمَهْرِ) بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ.
(وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ) جَارِيَةَ ابْنِهِ، (وَالشَّرِيكِ) الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ، (وَسَيِّدٍ مُكَاتَبَةً فَمَهْرٌ) وَاحِدٌ لِشُمُولِ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ وَالْمِلْكِ لِجَمِيعِ الْوَطَآتِ (وَقِيلَ مُهُورٌ) بِعَدَدِ الْوَطَآتِ (وَقِيلَ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَمَهْرٌ وَإِلَّا فَمُهُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . .
فَصْلٌ. الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا كَفَسْخِهَا، بِعَيْبِهِ أَوْ بِعِتْقِهَا تَحْتَ رَقِيقٍ، أَوْ إسْلَامِهَا أَوْ رِدَّتِهَا، أَوْ إرْضَاعِهَا زَوْجَةً لَهُ صَغِيرَةً (أَوْ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسْقِطُ الْمَهْرَ) ،
ــ
[حاشية قليوبي]
فَعَالِمٌ وَصَالِحٌ وَنَحْوُهُمَا، كَذَلِكَ وَالْمُشَاحَّةُ كَالْمُسَامَحَةِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَهْرُ مِثْلٍ) أَيْ مَهْرُ ثَيِّبٍ فِي الثَّيِّبِ وَمَهْرُ بِكْرٍ فِي الْبِكْرِ لَا أَرْشُ بَكَارَةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا سَائِرُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا فِي وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ إمَّا تَابِعٌ لِابْنِ حَجَرٍ هُنَا وَهُوَ مَرْجُوحٌ أَوْ مُسْتَثْنًى فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَكَرَّرَ) وَتَكَرُّرُهُ إمَّا بِقَضَاءِ الْوَطَرِ، أَوْ بِانْفِصَالٍ مَعَ قَصْدِ التَّرْكِ، فَمَعَ تَوَاصُلِ الْأَفْعَالِ كَالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ. قَوْلُهُ: (فَمَهْرٌ وَاحِدٌ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَهْرَ وَإِلَّا تَكَرَّرَ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا فِي وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ عَدَمُ تَكَرُّرِ الْمَهْرِ بِوَطْئِهِ الشَّامِلِ، لِمَا لَوْ أَدَّاهُ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا هُنَا فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَذْكُورِ هُنَا وَسَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا) كَظَنِّهَا تَارَةً زَوْجَتَهُ وَتَارَةً أَمَتَهُ وَتَارَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَهَكَذَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ، وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ، كَأَنْ نَكَحَهَا فَاسِدًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ نَكَحَهَا، كَذَلِكَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ جِنْسِهَا لَكَانَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (تَعَدَّدَ الْمَهْرُ) بِعَدَدِ الْوَطَآتِ وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ كُلِّ مَرَّةٍ، بِوَقْتِهَا وَفِي كَلَامِ الْخَطِيبِ مَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ أَعْلَى الْأَحْوَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي شُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَطْءُ مَغْصُوبَةٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ الشُّبْهَةِ وَكَذَا نَائِمَةٌ وَكَذَا مُطَاوِعَةٌ لِشُبْهَةٍ اخْتَصَّتْ بِهَا وَمُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ عَالِمًا بِالْغَصْبِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ) أَيْ بِلَا إحْبَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَمَهْرٌ. قَوْلُهُ: (وَسَيِّدِ مُكَاتَبَةٍ) أَيْ بِلَا إحْبَالٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَحْبَلَهَا خُيِّرَتْ بَيْنَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَلَهَا الْمَهْرُ، أَوْ فَسْخِهَا لِتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا مَهْرَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ ثُمَّ وَطِئَهَا خُيِّرَتْ أَيْضًا فَإِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ لَزِمَهُ مَهْرٌ آخَرُ، وَهَكَذَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْأُمِّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ النَّصِّ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ الْمَهْرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ.
فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَمَا يُنْصِفُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةُ) هِيَ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَصْدَرٍ لِفَارَقَ فَمُفَادُهُمَا وَاحِدٌ، فَمَا قِيلَ إنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَوْلَى مِنْهَا مَمْنُوعٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا فُرْقَةُ الْحَيَاةِ، وَمِنْهَا الْمَسْخُ حَيَوَانًا، فَمَسْخُهَا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ وَيُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَهُ أَيْضًا، وَلَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ بِعَوْدِهَا آدَمِيَّةً، وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ كَعَكْسِهِ الْآتِي، وَفَارَقَ الرِّدَّةَ بِبَقَاءِ الْجِنْسِيَّةِ فِيهَا وَمَسْخُهُ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ أَيْضًا وَلَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ يَشْطُرُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْأَمْرُ فِي النِّصْفِ الْعَائِدِ إلَيْهِ لِرَأْيِ الْإِمَامِ كَبَاقِي أَمْوَالِهِ، وَأَمَّا الْمَسْخُ حَجَرًا فَكَالْمَوْتِ وَلَوْ بَعْدَ مَسْخِهِ حَيَوَانًا، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ آدَمِيًّا فَحُكْمُ الْآدَمِيِّ بَاقٍ لَهُ مُطْلَقًا وَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ حَيَوَانًا وَبَعْضُهُ حَجَرًا فَالْحُكْمُ لِلْأَعْلَى، فَإِنْ كَانَ طُولًا فَهُوَ حَيَوَانٌ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا دَامَ حَيَوَانًا فَإِنْ عَادَ آدَمِيًّا عَادَ إلَيْهِ مِلْكُهُ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ انْقَلَبَ حَجَرًا وَرِثَ عَنْهُ، وَلَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ امْرَأَةً، وَعَكْسُهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ وَلَا تَعُودُ، وَإِنْ عَادَ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ انْقِلَابُهُمَا مُجَرَّدَ تَخَيُّلٍ فَلَا فُرْقَةَ.
فَائِدَةٌ: قَالُوا إنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ لَا عَقِبَ لَهُ وَمَا وُجِدَ مِنْ جِنْسِ الْمَمْسُوخِ فَمِنْ نَسْلِ غَيْرِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَقِيلَ مِمَّا وَلَدَهُ الْمَمْسُوخُ قَبْلَ مَوْتِهِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجُمْلَةُ الْمَمْسُوخَاتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، لِمَا أَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْتَنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْمَمْسُوخِ فَقَالَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: الْفِيلُ، وَكَانَ رَجُلًا
ــ
[حاشية عميرة]
الْيَسَارِ وَالْعِلْمِ وَالْعِفَّةِ وَالنَّسَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (الْعَشِيرَةِ) هِيَ الْأَقَارِبُ
قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَيَّ يَوْمِ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ) كَمَا فِي الْمُفَوِّضَةِ قَوْلُهُ: (فَمَهْرٌ) أَيْ فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ مَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَالُ عِنْدَ عَدَمِ الشُّبْهَةِ لَا مَهْرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ مُتَعَدِّدًا، فَالْحَالُ مُسْتَمِرٌّ وَلَا أَثَرَ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى ظَنِّ الْحِلِّ فَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت وَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاضِي عَجْلُونَ قَالَ إنَّ وَطْءَ الْمَغْصُوبَةِ فِي حَالِ الْجَهْدِ لَا يُعَدِّدُ الْمَهْرُ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٌ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَاسِدِ فِي الضَّمَانِ كَحُكْمِ الصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا) لَوْ قَالَ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (مَغْصُوبَةٌ) صُورَتُهُ أَنْ يُكْرِهَهَا فَهُوَ مُغْنٍ عَمَّا بَعْدَهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ مَا لَوْ وَطِئَهَا وَهُنَاكَ شُبْهَةٌ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ نَائِمَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَطْءُ الْأَبِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْبَالٍ
[فَصْلٌ الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا]
فَصْلٌ قَوْلُهُ: (الْفُرْقَةَ) أَيْ فِي الْحَيَاةِ قَوْلُهُ: (بِعَيْبِهِ) مِثْلُهُ الْإِعْسَارُ فِيمَا يُظْهِرُهُ. قَوْلُهُ: (إسْلَامِهَا) أَيْ وَلَوْ تَبَعًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مِنْ جِهَتِهَا) أَيْ وَهُوَ