للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوْلَى فَإِنَّ أَفْعَالَ الْمُتَمَتِّعِ أَكْثَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَتْ: وَكُنَّ قَارِنَاتٍ» وَلَوْ دَخَلَ الْقَارِنُ مَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَمَتِّعِ إذَا عَادَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْمَ الْقِرَانِ لَا يَزُولُ بِالْعَوْدِ إلَى الْمِيقَاتِ بِخِلَافِ التَّمَتُّعِ.

بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ (أَحَدُهَا سَتْرُ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ) مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوَّلًا (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) مِنْ مَخِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَخِرْقَةٍ وَعِصَابَةٍ وَكَذَا طِينٌ ثَخِينٌ فِي الْأَصَحِّ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَمُدَاوَاةٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيَجُوزُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ وَاحْتُرِزَ بِالرَّجُلِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَبِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا عَمَّا لَا يُعَدُّ كَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ يَدِ غَيْرِهِ أَوْ زِنْبِيلٍ أَوْ حِمْلٍ وَالتَّوَسُّدِ بِوِسَادَةٍ أَوْ عِمَامَةٍ وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَاءِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالْمَحْمِلِ، وَإِنْ مَسَّ رَأْسَهُ وَشَدَّهُ بِخَيْطٍ لِمَنْعِ الشَّعْرِ مِنْ الِانْتِشَارِ وَغَيْرِهِ (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) كَالْقَمِيصِ (أَوْ الْمَنْسُوجِ) كَالزَّرْدِ (أَوْ الْمَعْقُودِ) كَجُبَّةِ اللَّبَدِ (فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (بَدَنِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (إلَّا

ــ

[حاشية قليوبي]

التَّفْرِيقِ، لُزُومُهُ بِيَوْمٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ، لُزُومُهُ بِمُدَّةِ سَيْرِهِ، لُزُومُهُ بِالْأَخِيرَيْنِ مَعًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ) الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّمَتُّعِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي أَيُّ مِيقَاتٍ مِنْ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِمَّا أَحْرَمَ مِنْهُ، وَفَارَقَ لُزُومَ عَوْدِ الْمُجَاوِزِ لِمَا أَحْرَمَ مِنْهُ لِإِسَاءَتِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ شَرَعَ الْمُتَمَتِّعُ أَوْ الْقَارِنُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَجَبَ الْعَوْدُ إلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَجِّ وَالْوَاجِبُ هَدْيٌ لَمْ يَسْقُطْ، وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ أَوْ صَوْمٌ فَكَرَمَضَانَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ، لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ، وَيُسَنُّ صَرْفُهُ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ.

بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ أَيْ بَيَانُ الْأُمُورِ الَّتِي تَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَزِيَادَةُ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَالْمَذْكُورُ فِيهِ الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَعَدَّهَا الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً وَبَعْضُهُمْ ثَمَانِيَةً وَبَعْضُهُمْ عَشْرَةً وَبَعْضُهُمْ عِشْرِينَ، وَهُوَ اخْتِلَافٌ لَفْظِيٌّ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ التَّرْجَمَةِ، وَالْأَنْسَبُ لِخُصُوصِ الْمُحَرَّمِ، الثَّانِي وَلِلْأَعَمِّ، الثَّالِثُ أَوْ الرَّابِعُ لِمُوَافَقَتِهِ لِلنَّظْمِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (رَأْسِ الرَّجُلِ) أَيْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَ الْخَامِسِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ بِيَوْمٍ وَفِي الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ وَالْخَمْسَةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ.

قَوْلُهُ: (الْمُلْحَقِ بِهِ الْقَارِنُ) أَيْ فَدَمُهُ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ، لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فَالْحَالَةُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ، لَا يَجِبُ عَلَى الْفَرْعِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُلْحَقِ يَعْنِي أَنَّ الْقَارِنَ الْحَقُّ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ بِالْمُتَمَتِّعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ أَعْمَالَ التَّمَتُّعِ أَكْثَرُ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَالَ: لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعٌ عَنْ دَمِ التَّمَتُّعِ فَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي الْأَصْلِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَظُنُّ مَنْشَأَهُ عَدَمُ فَهْمِ الْعِبَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَهِمْنَاهُ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ. وَهُوَ مَوْجُودٌ فَقَطْ قَالُوا لَوْ عَادَ الْقَارِنُ الْغَرِيبُ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، فَالْمَذْهَبُ لَا دَمَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا فِي الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَعَادَ لِلْمِيقَاتِ لَا يَسْقُطُ فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ فَوَجْهَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِرَانَ فِي حُكْمِ نُسُكٍ وَاحِدٍ فَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهِ اهـ.

وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ. قَوْلُهُ: (سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ) أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَقُولَ، وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ.

[بَابُ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ]

ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلُبْسُ الْمَخِيطِ) أَيْ عَلَى الْعَادَةِ فِي لُبْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْمَنْسُوجِ أَوْ الْمَعْقُودِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>