للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْرُهُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ (وَلَا يُقِيمُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (وَيُمْنَعُ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ فَإِنْ كَانَ رَسُولًا) وَالْإِمَامُ فِي الْحَرَمِ (خَرَجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ يَسْمَعُهُ) وَيُخْبِرُ الْإِمَامَ (وَإِنْ) دَخَلَهُ وَ (مَرِضَ فِيهِ نُقِلَ وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ) مِنْ نَقْلِهِ (فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (لَمْ يُدْفَنْ فِيهِ فَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ) مِنْهُ (وَإِنْ مَرِضَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْحِجَازِ وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ فِي نَقْلِهِ تُرِكَ وَإِلَّا نُقِلَ فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ (وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ دُفِنَ هُنَاكَ) وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالنُّسُكِ وَفِيهِ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ» وَغَيْرُ الْحِجَازِ لِكُلِّ كَافِرٍ دُخُولُهُ بِالْأَمَانِ.

فَصْلٌ (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ) عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ أَيْ مُحْتَلِمٍ دِينَارًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مُمَاكَسَةٌ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ مُتَوَسِّطٍ دِينَارَيْنِ وَغَنِيٍّ أَرْبَعَةً) وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ فِي

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) مَرَّةً فِي السَّنَةِ فَقَطْ كَالْجِزْيَةِ نَعَمْ إنْ بَاعَ مَا دَخَلَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ.

أَوْ مِثْلَهُ بِثَمَنِهِ ثُمَّ دَخَلَ بِهِ أَيْضًا، أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ ثَانِيًا، وَكَذَا ثَالِثًا وَهَكَذَا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَبِعْهُ، وَرَجَعَ بِهِ ثُمَّ عَادَ بِهِ وَدَخَلَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ ثَانِيًا. قَوْلُهُ: (وَقَدْرُهُ) أَيْ الْمَأْخُوذِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ ظَاهِرُهُ قَدْرُ الْعَشْرِ وَفَوْقَهُ وَدُونَهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقِيمُ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَهُ الْإِقَامَةُ إنْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ مَوْضِعَيْنِ مَسَافَةُ قَصْرٍ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ دُخُولَ الْحَرَمِ) وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ. قَوْلُهُ: (وَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ) فَإِنْ امْتَنَعَ إلَّا مِنْ أَدَائِهَا مُشَافَهَةً تَعَيَّنَ خُرُوجُ الْإِمَامِ لَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ بِهَا أَوْ أَسْمَعَهَا مَنْ يُخْبِرُ الْإِمَامَ بِهَا، وَلَوْ كَانَ طَبِيبًا وَجَبَ إخْرَاجُ الْمَرِيضِ إلَيْهِ مَحْمُولًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ رُدَّ أَوْ وَصَفَ لَهُ مَرَضَهُ وَهُوَ خَارِجٌ وَلَا تَجُوزُ إجَابَتُهُ وَإِنْ بَذَلَ مَالًا كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (نُبِشَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَهَرَّى. قَوْلُهُ: (وَعَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ) أَوْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ نَقْلِهِ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يَجِبُ نَقْلُهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ: لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ كَحَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ وَلَكِنَّهُ يُنْدَبُ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْحِجَازِ دُخُولُ كُلِّ كَافِرٍ لَهُ بِأَمَانٍ وَلَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا ذَكَرَهُ.

فَصْلٌ فِي مِقْدَارِ مَالِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ) أَيْ عِنْدَ قُوَّتِنَا، وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْعَقْدُ مَعَهُمْ بِدُونِهِ، وَالدِّينَارُ هُوَ الْمَضْرُوبُ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، فَلَا يَجُوزُ لَنَا الْعَقْدُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَخْذُ غَيْرِهِ عَنْهُ عِوَضًا بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ مَغْشُوشًا غَيْرَ رَائِجٍ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زِيَادَةٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ إلَّا بِنَحْوِ عَقْدٍ كَهِبَةٍ، قَوْلُهُ: (مُمَاكَسَةٌ) أَيْ مُشَاحَّةٌ وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِدُونِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِسَفِيهٍ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ احْتِيَاطًا وَلَوْ بِوَلِيِّهِ لِوُجُودِ حَقْنِ الدَّمِ بِهِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ صُلْحُهُ عَلَى الْقِصَاصِ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَكْثَرَ لَزِمَ مَا عَقَدَ بِهِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (حَتَّى يَأْخُذَ مِنْ مُتَوَسِّطٍ دِينَارَيْنِ) وَضَبَطَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ الْمُتَوَسِّطَ وَالْغَنِيَّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَفِي بِبَقِيَّةِ عُمْرِهِ الْغَالِبُ أَكْثَرُ مِنْ مُدٍّ وَنِصْفٍ إلَى مُدَّيْنِ، فَإِنْ مَلَكَهُمَا أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ غَنِيٌّ وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا وَاعْتَمَدَ ضَبْطَهُمَا بِالْعَاقِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَوَسِّطَ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَفِي بِبَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبُ أَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ إلَى عِشْرِينَ دِينَارًا، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ غَنِيٌّ، قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ إلَخْ) هَذَا إنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ كَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ مِنْكُمْ كَذَا وَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْكُمْ كَذَا فَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ بِالْمُمَاكَسَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَطْ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِمَّا عَقَدَ بِهِ فَدَيْنٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ

ــ

[حاشية عميرة]

بِشَرْطِ إلَخْ) . قَالَ الْغَزَالِيُّ مَحِلُّ ذَلِكَ فِي الذِّمِّيِّ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْحِجَازِ لِلتِّجَارَةِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

[فَصْلٌ أَقَلُّ الْجِزْيَةِ]

ِ دِينَارٌ أَيْ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ فِضَّةً تَعْدِلُهُ، وَإِنْ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِفِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَوْلُهُ: (عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ فَقِيرًا أَوْ سَفِيهًا، قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ مَحِلُّ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ صُدُورِهِ فَلَا مُمَاكَسَةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اهـ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْضًا، وَلَوْ شَرَطَ إلَخْ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ غَرَضَ الشَّارِحِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، أَنَّ مَعْنَى الْمَتْنِ تُسْتَحَبُّ الْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَةُ الْكَافِرِ إلَى طَلَبِ الْعَقْدِ بِدِينَارٍ بَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ، وَيُمَاكِسَهُ حَتَّى يَعْقِدَ لَهُ بِأَرْبَعَةٍ مَثَلًا فَيَكُونُ الْعَقْدُ صَادِرًا مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ جَازَ) مَعْنَاهُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَيَشْرِطَ فِي الْعَقْدِ إنْ كَانَ غَنِيًّا آخِرَ الْحَوْلِ أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعَةً أَوْ يَقُولُ مَثَلًا عَاقَدْتُكُمْ عَلَى أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ كَذَا وَالْمُتَوَسِّطِ كَذَا وَالْفَقِيرِ دِينَارًا ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لِهَذَا، قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ جَازَ.

قَوْلُهُ: (نَاقِضُونَ) فَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبُوا الْعَقْدَ بِدِينَارٍ بَعْدَ النَّقْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>