للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِفَاقَةِ فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ) وَالثَّانِي لَا تَجِبُ وَالثَّالِثُ تَجِبُ كَالْعَاقِلِ وَالرَّابِعُ يُحْكَمُ بِمُوجِبِ الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَى الزَّمَانُ وَجَبَتْ

(وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ وَلَمْ يَبْذُلْ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُعْطِ (جِزْيَةً أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ لِأَنَّ بَذْلَهَا عَقْدٌ لَهُ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ إعْطَاءَهَا بِمَعْنَى الْتِزَامِهَا (وَقِيلَ عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ اكْتِفَاءً بِعَقْدِ أَبِيهِ.

(وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ وَشَيْخٍ هَرِمٍ وَأَعْمَى وَرَاهِبٍ وَأَجِيرٍ) لِأَنَّهَا كَأُجْرَةِ الدَّارِ (وَفَقِيرٍ عَجَزَ عَنْ كَسْبٍ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةٌ) لِلْفَقِيرِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُوسِرَ) وَكَذَا حُكْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ الْفَقِيرِ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ إنْ قُلْنَا لَا يُقْتَلُونَ كَالنِّسَاءِ، وَفِي الْفَقِيرِ قَوْلٌ وَغَيْرُهُ مَشْهُورٌ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا تُعْقَدُ لَهُ عَلَى أَنْ يَبْذُلَهَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَإِذَا أَيْسَرَ فَهُوَ أَوَّلُ حَوْلِهِ

(وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ) وَفِي الشَّرْحِ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ (وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَقُرَاهَا) كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ (وَقِيلَ: لَهُ الْإِقَامَةُ فِي طُرُقِهِ الْمُمْتَدَّةِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ إقَامَةِ النَّاسِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ حَدِيثَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ دَخَلَهُ) الْكَافِرُ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ) مِنْهُ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَ أُذِنَ لَهُ إنْ كَانَ) دُخُولُهُ (مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كِبَرُ حَاجَةٍ لَمْ يَأْذَنْ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْله: (تُلَفَّقُ الْإِفَاقَةُ) إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ) فَإِنْ ضُمَّتْ مُدَّةٌ قَبْلَهُ لَزِمَهُ لَهَا أَقَلُّ جِزْيَةً. قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ إلَخْ) هُوَ إصْلَاحٌ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْبَذْلِ الَّذِي فَسَّرَهُ بِالْإِعْطَاءِ أَيْ فَالْمُرَادُ مِنْهُمَا عَقْدُهَا لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَفَقِيرٍ) أَيْ تَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ فَقِيرُ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَقِيلَ: الْفِطْرَةُ.

تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ لِلذِّمِّيِّ أَمْوَالُهُ وَعَبِيدُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَصِغَارُ أَوْلَادِهِ وَمَجَانِينُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ دُخُولُهُمْ وَكَذَا مَنْ لَهُ بِهِ عَلَقَةٌ بِقَرَابَةٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ مِنْ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْأَرِقَّاءِ إنْ شُرِطَ دُخُولُهُمْ، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى التَّعْبِيرِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيُمْنَعُ كُلُّ كَافِرٍ مِنْ اسْتِيطَانِ الْحِجَازِ) وَالْإِقَامَةِ بِهِ مُعَاقَبَةً لَهُ بِإِخْرَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ وَسُمِّيَ بِالْحِجَازِ كَمَا مَرَّ لِحَجْزِهِ بِالْجِبَالِ، وَالْحِجَارَةِ أَوْ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ أَوْ بَيْنَ الشَّامِ وَالْيَمَنِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ بِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مِنْ الْيَمَنِ، إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى مُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ شَرْقِهَا وَقَدْرُهُ مَسِيرَةُ نَحْوِ شَهْرٍ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَسَدُومَ، وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَفِي الشَّرْحِ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِهِ) وَهِيَ أَوْلَى كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَيُمْنَعُ أَيْضًا مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يَتَّخِذَهُ، وَلَوْ لِسُكْنَى مُسْلِمٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَمِنْ الْإِقَامَةِ بِجَزَائِرِهِ وَلَوْ خَرَابًا، وَمِنْ الْإِقَامَةِ فِي بَحْرٍ فِيهِ وَلَوْ فِي سَفِينَةٍ. نَعَمْ لَهُ رُكُوبُهَا خَارِجَ الْحَرَمِ لَا فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمَامَةُ) اسْمٌ لِأَرْضٍ وَاسِعَةٍ يُنْسَبُ إلَيْهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ وَأَصْلُهَا اسْمٌ لِجَارِيَةٍ زَرْقَاءَ كَانَتْ تَرَى مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلِإِقَامَتِهَا بِتِلْكَ الْأَرْضِ سُمِّيَتْ بِهَا وَهِيَ حِجَازٌ كَمَا ذُكِرَ، وَقِيلَ يَمَنٌ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (كَالطَّائِفِ بِمَكَّةَ) وَمِثْلُهُ وَجٌّ وَجُدَّةُ. قَوْلُهُ: (وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ) عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنْهَا وَمِثْلُهَا النَّبْعُ وَسَكَتَ عَنْ قُرَى الْيَمَامَةِ لِعَدَمِ وُجُودِهَا فَفِي الضَّمِيرِ الْعَائِدِ إلَيْهَا تَغْلِيبٌ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ أَوْ فِي شَأْنِ الْحِجَازِ أَوْ الْمُرَادُ آخِرُ مَا سَمِعَهُ الرَّاوِي الْمَذْكُورُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْمُشْتَمِلَةُ هِيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا مِنْ أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ عَرْضًا، وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةً لِأَنَّهُ أَحَاطَ بِهِ أَرْبَعَةُ أَبْحُرٍ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ وَبَحْرُ فَارِسٍ وَبَحْرُ الْحَبَشَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَذِنَ لَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبًا وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَيْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُونَ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْذَنْ) فَيَحْرُمُ وَلَوْ مَعَ مُسْلِمٍ لِتِجَارَةٍ مَعَهُمَا أَوْ لِطَلَبٍ أَوْ صِيَاغَةِ نَصٍّ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً) أَيْ هِلَالِيَّةً فَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ نَوَاقِصَ أَخَذْنَا قَدْرَ النَّاقِصِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيٍّ) وَلَوْ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ قَوْلُهُ: (إنَّ إعْطَاءَهَا) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ أَيْ فَيَكُونُ الْبَذْلُ هُنَا بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ، قَوْلُهُ: (كَجِزْيَةِ أَبِيهِ) لَوْ كَانَ آبَاؤُهُ مَفْقُودِينَ فَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُرَاعَاةُ جِزْيَةِ قَوْمِهِ، أَوْ أَقَارِبِهِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إنَّهُ ابْنُ ذِمِّيٍّ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِأَبِيهِ جِزْيَةٌ وَلَوْ فُقِدَ.

قَوْلُهُ: (وَشَيْخٍ) إذَا لَمْ يَكُنْ ذَا رَأْيٍ وَإِلَّا فَيُقِرُّ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَفَقِيرٍ) وَجْهُهُ أَنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ وَالْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي حِكَايَةِ هَذَا وَقِيلَ: يُبْنَى عَلَى قِلَّتِهِمْ وَبِالتَّأَمُّلِ، يَظْهَرُ لَك أَنَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَانِ

قَوْلُهُ: (وَقُرَاهَا) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِمَكَّةَ وَمَا بَعْدَهَا فَقَطْ، قَوْلُهُ: (وَخَيْبَرَ) مِنْهَا أَيْضًا فَدَكُ وَقُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَيَنْبُعُ مِنْ الْحِجَازِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ) هُوَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْحَرَمِ، قَوْلُهُ: (آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْكُفَّارِ، قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْذَنْ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>