حَاضِرَةً (فَإِنْ غَابَتْ سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا) عَنْ غَيْرِهَا (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَى) وَيُشِيرُ إلَيْهَا فِي الْحُضُورِ وَيُمَيِّزُهَا فِي الْغَيْبَةِ، كَمَا فِي الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ وَيَأْتِي بَدَلَ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ بِضَمَائِرِ التَّكَلُّمِ، فَيَقُولُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ إلَخْ.
(وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ) الْخَمْسِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (فَقَالَ وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ، أَوْ هَذَا الْوَلَدَ) إنْ كَانَ حَاضِرًا (مِنْ زِنًى لَيْسَ مِنِّي) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زِنًى لَمْ يَكْفِ فِي الِانْتِفَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ زِنًى وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي حَمْلًا لِلَفْظِ الزِّنَى عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَزَمَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا وَخُلُقًا، وَلَوْ أَغْفَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ احْتَاجَ لِنَفْيِهِ إلَى إعَادَةِ اللِّعَانِ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى إعَادَةِ لِعَانِهَا وَقِيلَ تَحْتَاجُ.
(وَتَقُولُ هِيَ) أَرْبَعَ مِرَارٍ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَى وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيهِ) وَتُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْحُضُورِ وَتُمَيِّزُهُ فِي الْغَيْبَةِ كَمَا فِي جَانِبِهَا فِي الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ وَتَأْتِي فِي الْخَامِسَةِ بِضَمِيرِ التَّكَلُّمِ، فَتَقُولُ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيَّ إلَى آخِرِهِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ، لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَقِيلَ تَذْكُرُهُ فَتَقُولُ وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ لِيَسْتَوِيَ اللِّعَانَانِ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْذِفُهَا إذَا احْتَمَلَ كَوْنَ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَحِينَئِذٍ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي مِنْ الصَّادِقِينَ، فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ مَا هُوَ مِنِّي إلَى آخِرِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، وَلَا تُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ؛ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِهَذَا اللِّعَانِ حَتَّى يَسْقُطَ بِلِعَانِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ مَا قَالَهُ.
(وَلَوْ بُدِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (لَفْظُ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ قِيلَ: أَحْلِفُ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ إلَى آخِرِهِ (أَوْ) لَفْظُ (غَضَبٍ بِلَعْنٍ وَعَكْسُهُ، أَوْ ذُكِرَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَصِحَّ) ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) اتِّبَاعًا لِنَظْمِ الْآيَاتِ السَّابِقَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَقِيلَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَ لَفْظِ الْغَضَبِ بِلَفْظِ اللَّعْنِ، لِأَنَّ الْغَضَبَ أَشَدُّ مِنْ اللَّعْنِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَتُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ.
(وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي اللِّعَانِ (أَمْرُ الْقَاضِي) بِهِ (وَيُلَقِّنُ كَلِمَاتِهِ) فِي الْجَانِبَيْنِ فَيَقُولُ: قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ وَالْيَمِينَ لَا يُعْتَدُّ بِهَا قَبْلَ اسْتِحْلَافِ الْقَاضِي وَإِنْ غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَهِيَ لَا تُؤَدَّى إلَّا عِنْدَهُ بِإِذْنِهِ (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا عَنْ لِعَانِهِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
وَالْخَامِسَةَ) وَهِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهَا كَمَا كُرِّرَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْأَرْبَعِ لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ، وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ وَهِيَ أَيْمَانٌ فِي الْحَقِيقَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَدٌ) وَحَمْلٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ) كَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (إنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ الْوَطْءَ الْوَاقِعَ مِنْهُ لِزَوْجَتِهِ فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ مِنْ الزِّنَى) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَيْسَ مِنِّي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لَا يَكْفِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى لَفْظِ لَيْسَ مِنِّي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إعَادَةُ اللِّعَانِ) بِالْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ لِأَجْلِ نَفْيِ الْوَلَدِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى عَادَتِهِ لِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا) وَخُصَّتْ بِالْغَضَبِ الَّذِي هُوَ الْبُعْدُ مَعَ الِانْتِقَامِ، وَخُصَّ هُوَ بِاللَّعْنِ الَّذِي هُوَ الطَّرْدُ وَالْبُعْدُ لِأَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَى أَشَدُّ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ.
قَوْلُهُ: (بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ) لِيَشْمَلَ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ قَوْلُهُ: (لَفْظُ شَهَادَةٍ إلَخْ) أَوْ لَفْظُ اللَّهِ بِغَيْرِهِ كَالرَّحْمَنِ قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْكَلِمَاتِ) أَيْ لَا بَيْنَ اللِّعَانَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (فَيُؤَثِّرُ الْفَصْلُ الطَّوِيلُ) وَكَذَا كُلُّ مَا يَضُرُّ فِي قَطْعِ الْفَاتِحَةِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَشَيْخُنَا نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
قَوْلُهُ: (أَمْرُ الْقَاضِي) وَلَوْ بِنَائِبِهِ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي مُلَاعَنَةِ رَقِيقِهِ، وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ إلَّا فِي نَفْيِ الْوَلَدِ، فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ، فَلَا يَسْقُطُ بِرِضَا غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ بَالِغًا وَرَضِيَ. قَوْلُهُ: (كَلِمَاتِهِ) أَيْ الْخَمْسَ.
قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ قُلْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَلَفُّظِ الْقَاضِي بِهَا وَلَا يَكْفِي الْأَمْرُ مِنْهُ بِهَا وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَاسَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَذَلِكَ كَافٍ فِيهَا وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا تَغْلِيبًا لِمَعْنَى الشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ) فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِتَقْدِيمِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُلَاعِنُ أَخْرَسُ) أَصْلِيُّ الْخَرَسِ، أَوْ طَارِئُهُ وَلَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ قَبْلَ
ــ
[حاشية عميرة]
أَيْضًا إنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ بِسَبَبِهِ، قَوْلُهُ: (إنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ) يُرِيدُ وَطْءَ نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ إلَخْ) . أَقُولُ: فَلَوْ قَالَ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي أَوْ مِنْ وَطْءِ غَيْرِي وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَافِيًا وَحْدَهُ لِانْتِفَاءِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَخْ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ لِعَانِهِ عَلَى لِعَانِهَا، لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَقَدَّمَ وَأَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَيْهَا، لَوْلَا لِعَانُهَا، وَإِنَّمَا أُعِيدَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ خَاصَّةً هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَوْلُهُ: (وَحِينَئِذٍ إلَخْ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ نِكَاحٍ لِلْغَيْرِ سَابِقٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي اهـ
قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ) وَكَذَا ذِكْرُ أَسْمَاءِ غَيْرِ الْجَلَالَةِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إلَخْ) . لِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ عَبَّرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمَذْهَبِ لَوَافَقَ اصْطِلَاحَهُ يَعْنِي أَبْدَلَ لَفْظَ الْغَضَبِ بِلَفْظِ اللِّعَانِ فَإِنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ.
[شَرْط اللِّعَان]
قَوْلُهُ: (وَيُلَقِّنُ) مُغْنٍ عَمَّيْ قَبْلَهُ ثُمَّ التَّلْقِينُ مُعْتَبَرٌ