للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْدِ جَازَ وَيَعْتَبِرُ الْغَنِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَخْذَ وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَا مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ (وَلَوْ عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ) مِنْ دِينَارٍ (ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوهُ فَإِنْ أَبَوْا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمْ نَاقِضُونَ) لِلْعَهْدِ وَالثَّانِي لَا وَيَقْنَعُ مِنْهُمْ بِالدِّينَارِ.

(وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ) فِي الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَفِي الْمَوْتِ (مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي تُقَدَّمُ هِيَ فِي قَوْلٍ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ (أَوْ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى كَالْأُجْرَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ

(وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّاي وَهُمَا مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ وَالْأُذُنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ) وَهُوَ مَعْنَى الصَّغَارِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] عِنْدَ بَعْضِهِمْ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الِاسْتِحْبَابِ (لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالْأَدَاءِ) لِلْجِزْيَةِ (وَحَوَالَةٌ) بِهَا (عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا) بِخِلَافِ الثَّانِي (قُلْت: هَذِهِ الْهَيْئَةُ بَاطِلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا نَعْلَمُ أَصْلًا مُعْتَمَدًا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَقَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِرِفْقٍ كَأَخْذِ الدُّيُونِ انْتَهَى وَفِيهِ تُحْمَلُ عَلَى الذَّاكِرِينَ لَهَا وَلِلْخِلَافِ فِيهَا الْمُسْتَنِدِ إلَى تَفْسِيرِ الصَّغَارِ فِي الْآيَةِ بِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِمْ إذَا صُولِحُوا

ــ

[حاشية قليوبي]

شَيْءٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَوْصَافِ، قَوْلُهُ: (قِيلَ قَوْلُهُ) أَيْ فِي أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ أَوْ فَقِيرٌ لَكِنْ بِيَمِينِهِ،.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ) أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ لَهُنَّ مِنْهُ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ أَخَذَ جِزْيَتَهُنَّ، أَيْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَمِنْ مَالِهِ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْجِزْيَةَ تَجِبُ فِي الْعَقْدِ لَا بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَمَحِلُّهُ فِي الْمَوْتِ إنْ خَلَفَ وَارِثًا مُسْتَغْرِقًا، فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا أَصْلًا سَقَطَتْ أَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ جَمِيعُ مَا مَضَى قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ السِّنِينَ، مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ وَأُخِذَ لِسَنَةِ الْمَوْتِ مِنْ الْوَارِثِ مِنْ تَرِكَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَسَقَطَ الْبَاقِي سَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (أَوْ فِي خِلَالِ) أَيْ لَوْ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ مِنْ الْجِزْيَةِ بِقَدْرِ الْمَاضِي مِنْهَا كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَيَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَا مَرَّ وَأَخْذُ الْقِسْطِ فِيهِ ظَاهِرٌ وَكَذَا فِي الْمَجْنُونِ إنْ أُطْبِقَ جُنُونُهُ، وَأَمَّا مَحْجُورُ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ فَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ سُقُوطَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَنْهُمَا فَلَا قَائِلَ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ قِسْطُ السَّفِيهِ، وَالْمُفْلِسِ فَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ، وَكَانَ الْمَحْجُورُ قَبْلَ حَجْرِهِ غَنِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَقِسْطُ الْفَقِيرِ بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ، قَوْلُهُ: (كَالزَّكَاةِ) وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ مُعَاوَضَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ بِإِهَانَةٍ) مَا لَمْ تُؤْخَذْ بِاسْمِ الزَّكَاةِ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَيَضْرِبُ) بِكَفِّهِ مَفْتُوحَةً ضَرْبَتَيْنِ وَقِيلَ: وَاحِدَةً وَيَقُولُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَدِّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا إلَخْ) فَدَعْوَى وُجُوبِهَا أَشَدُّ وَأَعْظَمُ خَطَأً بَلْ هِيَ حَرَامٌ إنْ حَصَلَ بِهَا إيذَاءٌ وَإِلَّا كُرِهَتْ، قَوْلُهُ: (الْمُسْتَنِدُ إلَى تَفْسِيرِ الصِّغَارِ فِي الْآيَةِ) وَالصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا.

ــ

[حاشية عميرة]

بِمَا ذُكِرَ هَلْ تَجِبُ إجَابَتُهُمْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُمْ إنْ دُعُوا إلَى ذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ

قَوْلُهُ: (بَعْدَ) مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ، قَوْلُهُ: (مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُخِذَتْ، قَوْلُهُ: (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) مُحَصِّلُهَا تَخْرِيجُهُ عَلَى الْأَقْوَالِ فِي امْتِنَاعِ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا اسْتِوَاؤُهُمَا نَظَرًا لِجَانِبِ الْأُجْرَةِ وَالْأَصَحُّ فِي الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ.

فَرْعٌ: أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ وَجِزْيَةٌ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ: (بِالْحَوْلِ) وَالْأَوَّلُ يَقُولُ تَجِبُ بِالْعَقْدِ وَتَسْتَقِرُّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ كَالْأُجْرَةِ.

[كَيْفِيَّة أَخَذَ الْجِزْيَةَ]

قَوْلُهُ: (وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ) لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِحْيَةٌ فَهَلْ يَأْخُذُ بِمَوْضِعِهَا هُوَ مُحْتَمَلٌ، قَوْلُهُ: (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَهَلْ يَضْرِبُهَا فِي الْجَانِبَيْنِ أَوْ يَكْتَفِي بِجَانِبٍ ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ الْأَوَّلُ وَبَحْثُ الرَّافِعِيِّ الثَّانِي، قَوْلُهُ: (وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ) لِأَنَّ الْغَرَضَ أَخْذُ الْمَالِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: وَاجِبٌ) تَحْصِيلًا لِمَعْنَى الصَّغَارِ، قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الثَّانِي) فَلَا يُوَكِّلُ مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا.

فَرْعٌ: لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ شَخْصًا فِي أَمْرِ الدَّعْوَى وَجَلَسَ مَعَ الْقَاضِي مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الزَّبِيلِيُّ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ، قَوْلُهُ: (قُلْت إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ أَخَذَهَا بِإِجْمَالٍ وَلَمْ يَضُرَّ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يَنَلْهُ بِقَوْلِهِ قَبِيحٌ، وَالصَّغَارُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ لَا أَنْ يُضْرَبُوا وَلَا أَنْ يُؤْذُوا انْتَهَى. قِيلَ: وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَاسْتَشْهَدَ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَدَعْوِي اسْتِحْبَابِهَا) لَا شَكَّ أَنَّ الْوُجُوبَ أَوْلَى بِالْإِنْكَارِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهَا ثُمَّ وَصْفُهَا بِالْبُطْلَانِ يَقْتَضِي أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عِنْدَهُ، قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا) فِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ الضَّمِيرُ عَلَى الْخِلَافِ وَأَمَّا تَأْنِيثُهُ فَيَعُودُ لِلْهَيْئَةِ أَوْ الْآيَةِ.

قَوْلُهُ: (الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ التَّوْكِيلُ وَالْحَوَالَةُ وَالتَّضْمِينُ

قَوْلُهُ: (أَنْ يَشْرِطَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ، قَوْلُهُ: (فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>