للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُبَاعُ مَثَلًا رُطَبُ نَخَلَاتٍ عَلَيْهَا يَجِيءُ مِنْهُ جَافًّا أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ خَرْصًا بِأَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ تَمْرًا. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» . شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ أَنَّ الْخَمْسَةَ أَلْفٍ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ (وَلَوْ زَادَ) عَلَى مَا دُونِهَا (فِي صَفْقَتَيْنِ) كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَهَا (جَازَ) وَكَذَا لَوْ بَاعَ فِي صَفْقَةٍ لِرَجُلَيْنِ يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا دُونَهَا، وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ فَهُوَ كَبَيْعِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ، وَقِيلَ: كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ (وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ كَيْلًا وَالتَّخْلِيَةِ فِي النَّخْلِ) وَسَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ لِلْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ أَكَلَ الرُّطَبَ فَذَاكَ وَإِنْ جَفَّفَ وَظَهَرَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمْرِ فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا (فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمِشْمِشِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُدَّخَرُ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا. وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ وَيَقِيسُهَا عَلَى الرُّطَبِ كَمَا قِيسَ عَلَيْهِ الْعِنَبُ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ أَيْ بَيْعُ الْعَرَايَا لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ. وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِمْ لِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَتَبَايَعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ» . ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ.

(إذَا اتَّفَقَا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ كَقَدْرِ الثَّمَنِ) كَمِائَةٍ أَوْ تِسْعِينَ (أَوْ صِفَتِهِ) كَصِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَا تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ. قَوْلُهُ: (فِي صَفْقَتَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَبَيْعُ اثْنَيْنِ لِاثْنَيْنِ يَصِحُّ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ وَسْقًا.

وَفِي الرَّوْضَةِ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَنُسِبَ إلَى سَبْقِ الْقَلَمِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ) وَلَوْ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَقَبْضُهُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) وَلَهُ تَرْكُهُ لِيَتَتَمَّرَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ ذَلِكَ) وَرَدَ بِأَنَّ مَنْعَ الْخَرْصِ لَا قَائِلَ بِهِ وَبَيْعَهُ بِلَا خَرْصٍ لَا قَائِلَ بِهِ فَرَاجِعْهُ، وَزَادَ الشَّارِحُ لَفْظَ مِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَرَايَا. قَوْلُهُ: (وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ) فَالْفَقِيرُ هُنَا مَنْ لَا نَقْدَ بِيَدِهِ. قَوْلُهُ: (حِكْمَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ) وَفِي نُسْخَةٍ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُخَصِّصُ الْحُكْمَ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُوهِمُ التَّخْصِيصَ يُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَوْ هُوَ ضَعِيفٌ.

بَابُ كَيْفِيَّةِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ قَوْله: (إذَا اتَّفَقَا) وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَثَبَتَتْ بِالْيَمِينِ كَمَا يَأْتِي، وَلَكِنْ فِيهِ خِلَافٌ وَكَالْبَيْعِ بَقِيَّةُ الْعُقُودِ وَلَوْ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالثَّانِيَةُ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَوْلُهُ بِخَرْصِهَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهُرُ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَخْرُوصُ، قَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَوْلُهُ: (فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ فِي خَمْسَةٍ أَيْضًا وَأَمَّا أَكْثَرُ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُزَابَنَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كَبَيْعِهِ لِرَجُلٍ) لِيَعْلَمَ أَنَّ الَّذِي سَلَفَ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا عَكْسُ ذَاكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرُّطَبَ هُنَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَحَلُّ الْخَرْصِ وَهُوَ تَخْمِينٌ، وَقَدْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْفُقَرَاءِ) الْمُرَادُ بِهِمْ لَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ بِغَيْرِهِ.

[بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّرْجَمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ بَلْ سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>