للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُلُولِ فَسَدَا) أَيْ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ وَتَعْلِيقِ الْبَيْعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَرْهُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ وَقْتَ الْحُلُولِ (أَمَانَةٌ) وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ

(وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ بِيَمِينِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ التَّلَفِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) إلَى الرَّاهِنِ (عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ

(وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ (بِلَا شُبْهَةٍ فَزَانٍ) فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا بِخِلَافِ الْمُطَاوَعَةِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ جَهِلْت تَحْرِيمَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ يَنْشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْحَدِّ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ بِلَا شُبْهَةٍ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَقَوْلُهُ: فَزَانٍ، أَيْ فَهُوَ زَانٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ جَوَابُ لَوْ بِمَعْنَى أَنَّ مُجَرَّدَةٍ عَنْ زَمَانٍ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ قَبْلَ دَعْوَاهُ جَهْلَ التَّحْرِيمِ) مُطْلَقًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ فِي مَعْنَاهُ وَعَلَى الْقَبُولِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَقْيِيدِهَا بِذَلِكَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، فَالْأَوْلَى لِمَنْ يُرِيدُ الْإِيرَادَ إبْقَاؤُهَا عَلَى عُمُومِهَا، وَجَعْلُهَا أَغْلَبِيَّةً كَغَالِبِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لِتَأْقِيتِ الرَّهْنِ) صَرِيحًا كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك كَذَا إلَى الْحُلُولِ، وَإِذَا لَمْ أَقْضِ فَهُوَ مَبِيعٌ مِنْك أَوْ ضِمْنًا كَانَ، قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا وَإِذَا إلَخْ. خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ فِي هَذِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا إلَى أَنْ أُوَفِّيَ الدَّيْنَ، كَانَ بَاطِلًا مَعَ أَنَّهُ تَصْرِيحُ الْمُقْتَضَى لِوُجُودِ التَّأْقِيتِ فِيهِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ بِالصِّحَّةِ فِي هَذِهِ ضَعِيفٌ، وَمَعَ الْقَوْلِ بِهِ يُمْكِنُ الْفَرْقُ، بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُقْتَضَى كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا م ر بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَ جَانِبُ الْمُرْتَهِنِ، كَأَنْ قَالَ: ارْهَنْ مِنِّي فَقَالَ: رَهَنْتُك وَإِذَا إلَخْ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْمَحَلِّ) وَكَذَا بَعْدَهُ إلَى مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ قَبْضُهُ ابْتِدَاءً. قَوْلُهُ: (أَمَانَةٌ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالرَّهْنِ الْفَاسِدِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ) أَيْ بِأَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

قَوْلُهُ: (وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي يُصَدَّقُ فَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ قَاعِدَةِ: إنَّ كُلَّ مَنْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ، وَفَارَقَا غَيْرَهُمَا بِأَنَّهُمَا قَبَضَا لِغَرَضِ أَنْفُسِهِمَا، وَبِذَلِكَ يَرُدُّ مَا قَالَهُ غَيْرُ الْأَكْثَرِينَ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الذَّكَرُ الْوَاضِحُ الْمَرْهُونَةَ الْأُنْثَى الْوَاضِحَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَيْ الْمَالِكِ، فَدَخَلَ الْمُعِيرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ. قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) وَالْمَهْرُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَطْءِ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْرُبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مُخَالِطًا لَنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ، وَطْءُ جَارِيَةٍ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ إلَى قَبُولِهِ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بِلَا شُبْهَةٍ فَهُوَ مِنْهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْوَجْهُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهَا، وَلَكِنْ لَهُ حُكْمُهَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوَافِقُهُ. قَوْلُهُ: (فَهُوَ زَانٍ) قَدَّرَهُ لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ بِغَيْرِ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً. قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى إنْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّ لَوْ تَدُلُّ عَلَى الزَّمَانِ وَالِامْتِنَاعِ، وَلَا تُجَابُ إلَّا بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضَوِيَّةٍ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، مُجَرَّدَةٍ عَنْ الْفَاءِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِ الْمُسْتَعِيرِ قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) يُفِيدُ قَبُولَهُ وَإِنْ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِذِكْرِ الْإِطْلَاقِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ تَقْيِيدُهُ بِمَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ

ــ

[حاشية عميرة]

الْوَاوِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَحُكْمُ إلَخْ) هَذَا تَوْطِئَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُصَدَّقُ) أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ وَنَظَرَ مُقَابِلُهُ إلَى كَوْنِهِ أَمِينًا.

[وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ]

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (فَهُوَ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ كَوْنِ لَوْلَا يَصِحُّ مَجِيءُ الْفَاءِ فِي جَوَابِهَا وَقَدْ اعْتَذَرَ أَيْضًا بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ أَيْ حَدٌّ، فَهُوَ زَانٍ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ كَالتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ. قَوْلُهُ: (مُجَرَّدَةٌ عَنْ زَمَانٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ لَوْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ دَالَّةً عَلَى زَمَانٍ مَاضٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

لَوْ حَرْفَ شَرْطٍ فِي مُضِيٍّ وَيَقِلُّ ... إيلَاؤُهَا مُسْتَقْبَلًا

لَكِنْ قُبِلَ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى) زَادَ غَيْرُهُ وَإِذَا خَفِيَ عَلَى عَطَاءٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، أَقُولُ: قَدْ يُشَكَّكُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>