للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ (مُكَلَّفًا) لِيَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ (حُرًّا ذَكَرًا) لِيَكْمُلَ وَيُهَابَ وَيَتَفَرَّغَ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ (قُرَشِيًّا) ، لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» عَدْلًا لِيُوثَقَ بِهِ عَالِمًا (مُجْتَهِدًا) لِيَعْرِفَ الْأَحْكَامَ وَيُعَلِّمَ النَّاسَ وَلَا يَفُوتُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ بِاسْتِكْثَارِ الْمُرَاجَعَةِ (شُجَاعًا) يَغْزُو بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجُ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ، وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ (إذَا رَأَى وَسَمِعَ وَبَصُرَ وَنَطَقَ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِ وَيَتَأَتَّى لَهُ فَصْلُ الْأُمُورِ وَمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ سَلَامَتِهِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةِ النُّهُوضِ دَاخِلُ فِي الشُّجَاعَةِ كَمَا دَخَلَ فِي الِاجْتِهَادِ الْعِلْمُ وَالْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِهَا فِيهِ.

(وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِالْبَيْعَةِ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وَالْأَصَحُّ بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدٌ وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ أَرْبَعِينَ كَالْعَدَدِ فِي الْجُمُعَةِ، وَالثَّالِثُ يَكْفِي أَرْبَعَةٌ أَكْثَرُ نَصْبِ الشَّهَادَةِ وَالرَّابِعُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا جَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ، وَالْخَامِسُ اثْنَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَالسَّادِسُ وَاحِدٌ لِأَنَّ عُمَرَ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلًا، ثُمَّ وَافَقَهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا (وَشَرْطُهُمْ صِفَةُ الشُّهُودِ) أَيْ الْعَدَالَةُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُجْتَهِدٌ لِيَنْظُرَ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ هَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ فِيمَنْ يُوَلُّونَهُ (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) مَنْ عَيَّنَهُ أَيْ جُعِلَهُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (فَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ) إلَّا أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ (فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا بَيْعَةٍ بِأَنْ قَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) أَيْ تَنْعَقِدُ بِاسْتِيلَائِهِمَا الْمَوْجُودِ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمَا مَعَهُ وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا فِيهِ مِنْ جَوَازِ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ. قَوْلُهُ: (حُرًّا) وَأَمَّا حَدِيثُ «أَطِيعُوا وَإِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الرَّقِيقِ أَوْ عَلَى الْحَثِّ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرًا) يَقِينًا فَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا قَوْلُهُ: (قُرَشِيًّا) فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيٌّ فَمِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ أَوْ جُرْهُمِيٌّ فَمِنْ بَنِي إِسْحَاقَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَبْعُدُ التَّقْدِيمُ بِمَا فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ فِي الدِّيوَانِ. قَوْلُهُ: (مُجْتَهِدًا) وَيُقَدَّمُ الْمُجْتَهِدُ الْعَدْلُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الْفَاسِقِ فَإِنْ فُقِدَ الْمُجْتَهِدُ مُطْلَقًا فَعَدْلٌ جَاهِلٌ أَوْلَى مِنْ عَالِمٍ فَاسِقٍ، وَيُقَدَّمُ الْأَقَلُّ فِسْقًا عِنْدَ عَدَمِ الْعَدْلِ. قَوْلُهُ: (الْبَيْضَةَ) أَيْ جَمَاعَةَ الْإِسْلَامِ قَوْلُهُ: (وَسَمِعَ) وَلَوْ بِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِهِ ثِقَلٌ. قَوْلُهُ: (وَبَصُرَ) وَلَوْ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ هُوَ أَعْشَى. قَوْلُهُ: (وَنَطَقَ) وَلَوْ مَعَ تَمْتَمَةٍ وَلَا يَضُرُّ فَقْدُ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ. قَوْلُهُ: (دَاخِلٌ فِي الشُّجَاعَةِ) فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ، وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ ذَلِكَ كَمَا لَا يَضُرُّ طُرُوُّ فِسْقٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جُنُونٍ قَلِيلٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَيَضُرُّ طُرُوُّ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ مِنْ حَيْثُ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا هُنَا

. قَوْلُهُ: (بِالْبَيْعَةِ) وَالْمُعْتَبَرُ عَدَمُ الرَّدِّ لَا الْقَبُولُ وَيُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فِي تَوْلِيَةِ الْوَاحِدِ لَا الْجَمْعِ، قَوْلُهُ: (يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) بِلَا كُلْفَةٍ وَالْمُرَادُ حَلُّ الْأُمُورِ وَعَقْدُهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدٌ) فَيَكْفِي وَاحِدٌ وَلَوْ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ السَّادِسِ الْمَرْجُوحِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَيْنِهِ) وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ وَلَوْ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَوْ جَمَاعَةٌ مُتَرَتِّبِينَ. قَوْلُهُ: (أَيْ جَعَلَهُ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لِيَكُونَ خَلِيفَةً بَعْدَهُ، وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الرَّدِّ قَبْلَ مَوْتِ مَنْ عَهِدَ لَهُ، وَلَوْ غَابَ الْمَعْهُودُ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَضَرَّرُوا بِغَيْبَتِهِ فَلَهُمْ إقَامَةُ نَائِبٍ عَنْهُ مَكَانَهُ يَنْعَزِلُ بِقُدُومِهِ، وَيُعْتَبَرُ تَرْتِيبُهُ وَلَوْ مَاتَ مُقَدَّمٌ تَوَلَّى مَنْ بَعْدَهُ وَلِمَنْ صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَيَرْتَضُونَ) إنْ أَرَادُوا وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصَلِّ شَرْطُ الْإِمَامِ الْأَعْظَم]

فَصْلٌ لَمَّا كَانَ الْبَغْيُ الْخُرُوجَ عَلَى الْإِمَامِ نَاسَبَ ذِكْرُهُ عَقِبَهُ، قَوْلُهُ: (مُكَلَّفًا) لَمَّا وُلِّيَ الْمُقْتَدِرُ الْخِلَافَةَ كَانَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَأَلَّفَ الصُّوفِيُّ كِتَابًا احْتَجَّ فِيهِ عَلَى وِلَايَةِ الصَّغِيرِ، بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبَّأَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ صَبِيٌّ «وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَعْمَلَ الصِّبْيَانَ فِي أُمُورٍ» ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَأَظُنُّهُ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ وَمَا تَمَسَّكَ بِهِ لَا حُجَّةَ فِيهِ، قَوْلُهُ: (مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ) فَفِي الصَّحِيحِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» ، وَلَوْ وُلِّيَ الْخُنْثَى ثُمَّ بَانَ ذَكَرًا لَمْ يَصِحَّ، قَوْلُهُ: (قُرَشِيًّا) وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» فَمَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى، قَوْلُهُ: (مُجْتَهِدًا) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَدْلِ أَيْ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَدْلِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ قَوْلُهُ: (وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ) اقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاقِدَ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْوَرَ بِخِلَافِ الْقَاضِي.

[مَا تَنْعَقِد بِهِ الْإِمَامَة]

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ السَّادِسُ، قَوْلُهُ: (وَبِاسْتِخْلَافٍ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ وَقْتَ الِاسْتِخْلَافِ لَا وَقْتَ الْمَوْتِ فَقَطْ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ أَيْضًا، وَوَقْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَخْلِفِ عَلَى وَجْهٍ وَالصَّحِيحُ مَا بَيْنَ الِاسْتِخْلَافِ وَالْمَوْتِ، قَوْلُهُ: (فَيَرْتَضُونَ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ تُرِكُوا فَكَأَنْ لَا عَهْدَ، قَوْلُهُ: (وَجَاهِلٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَإِنَّ الْخِلَافَ

<<  <  ج: ص:  >  >>