للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَهَذَا يَصْدُقُ مَعَ الْكُفْرِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكَافِرِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ، وُجُوبُ عِقَابٍ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَوُجُوبُهُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَيْضًا، لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُرْتَدِّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ أَنَّهُ انْعَقَدَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِمْ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ. (وَإِطَاقَتُهُ) أَيْ الصَّوْمِ فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ، لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ كَمَا سَيَأْتِي (وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ) وَفِي الْمُهَذَّبِ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَفِي شَرْحِهِ: يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَضْرِبَهُ عَلَى تَرْكِهِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ اهـ.

وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِيَاسِ بِأَنَّ ضَرْبَهُ عُقُوبَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا، وَكَأَنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْهُ لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالصَّبِيِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

(وَيُبَاحُ تَرْكه إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا) وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ ثُمَّ الْمَرَضِ إنْ كَانَ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يُحَمُّ وَيَنْقَطِعُ فَإِنْ كَانَ يُحَمُّ وَقْتَ الشُّرُوعِ فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ،

ــ

[حاشية قليوبي]

فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّوْمِ قَوْلُهُ (الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَنْ هُوَ مُكَلَّفٌ بِالصَّوْمِ حَالًا أَوْ مَآلًا فَمَا فِي الْبُرُلُّسِيِّ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُقَالُ) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُهُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ انْعَقَدَ السَّبَبُ إلَخْ فَالْمُرْتَدُّ كَالْحَائِضِ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِ وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُخَاطَبًا بِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ بِخِلَافِهَا فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ: وَمَنْ أَلْحَقَ الْمُرْتَدَّ بِهَا فَقَدْ سَهَا إشَارَةٌ إلَى الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ شُمُولِ الْإِلْحَاقِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمَنْهَجِ مَا يُصَرِّحُ بِالتَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ: فَلَا اعْتِرَاضَ وَلَا سَهْوَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مَدٌّ لَا لِأَصْلِ الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ) تَقَدَّمَ فِيهَا عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي السَّبْعِ تَمَامُهَا خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ حَجَرٍ وَالْخَطِيبِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (عُقُوبَةٌ) مَرْدُودٌ لِاخْتِصَاصِ الْعُقُوبَةِ بِالْبَالِغِ وَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ اعْتِيَادِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ يَجِبُ أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِ الْمَرَضِ بِمَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا يُبِيحُهُ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ حَيْثُ شَقَّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ.

وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَرَضَ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الصَّوْمِ. وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ مُجَوِّزٌ لَا مُوجِبٌ وَمَا لَا يُبِيحُهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْفِطْرُ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا. وَمِثْلُ الْمَرَضِ غَلَبَةُ جُوعٍ وَعَطَشٍ لَا نَحْوُ صُدَاعٍ وَوَجَعِ أُذُنٍ وَسِنٍّ خَفِيفَةٍ. قَوْلُهُ: (لِلْمَرِيضِ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّى بِمَا أَمْرَضَهُ وَشَرَطَ جَوَازَ فِطْرِهِ نِيَّةَ التَّرَخُّصِ كَمَا

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ]

َ قَوْلُهُ: (وَوُجُوبُهُ عَلَى الْكَافِرِ إلَخْ) لَمْ يَسْلُكْ صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ مِثْلَ هَذَا فِي الْحَجِّ بَلْ أَخْرَجَ الْكَافِرَ بِقَيْدِ الْإِسْلَامِ، فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ فَإِنْ قُلْت: قَدْ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ، وَهُوَ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا، قُلْت: فَهَلَّا فَعَلَ فِي الْحَجِّ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَّةِ، وَفِي الْوُجُوبِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إلَخْ لَمْ يَسْلُكْ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْمَسْلَكَ، بَلْ جَعَلَ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا مَفْهُومًا بِالْأَوْلَى مِنْ جَعْلِ الْبَقَاءِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ. قَالَ: فَيَكُونُ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ الْمُحَالِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْكَافِرِ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْكَافِرِ مَا يَشْمَلُ الْمُرْتَدَّ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الْمُرْتَدِّ، وَكَذَا يُقَالُ إلَخْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَوُجُوبُهُ عَلَى الْمُرْتَدِّ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ، فَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَمْ يَجْعَلْهُ كَالْحَائِضِ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا نَسَبَهُ إلَيْهِ شَارِحُ الْمَنْهَجِ مِنْ السَّهْوِ، وَفِي إلْحَاقِهِ بِالْحَائِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ) صَنِيعُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقْتَضِي أَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ) أَيْ ابْتِدَاءً كَمَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَصَحَّحَ فِي الْكِفَايَةِ أَنَّ الصَّوْمَ وَجَبَ أَوَّلًا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْفِدْيَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْقَضَاءِ لَوْ شُفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ

قَوْلُ الْمَتْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>