للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِحَّتِهَا، وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِذَلِكَ مَعَ آدَابٍ تُشْرَعُ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ (إنَّمَا تَتَعَيَّنُ) أَيْ تَجِبُ وُجُوبَ عَيْنٍ. وَقِيلَ: وُجُوبُهَا وُجُوبُ كِفَايَةٍ (عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (حُرٍّ ذَكَرٍ مُقِيمٍ بِلَا مَرَضٍ وَنَحْوِهِ) فَلَا جُمُعَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا ظُهْرًا كَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَّا امْرَأَةٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ وَأُلْحِقَ بِالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَتَى فَلَا يَلْزَمُهُ، وَبِالْمَرِيضِ نَحْوُهُ وَشَمِلَهُمَا

قَوْلُهُ (وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مَعْذُورٍ بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) أَيْ يُتَصَوَّرُ فِي الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَتْ الْمُرَخِّصَاتُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْهَا الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ بِاللَّيْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْجُمُعَةِ (وَالْمُكَاتَبُ) لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَكَذَا مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ) لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الرِّقِّ، وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ الْوَاقِعَةُ فِي نَوْبَتِهِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ

(وَمَنْ صَحَّتْ ظُهْرُهُ) مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْخَيْرَاتِ، أَوْ لِجَمْعِ خَلْقِ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِهَا أَوْ لِاجْتِمَاعِهِ بِحَوَّاءَ فِي عَرَفَةَ فِيهَا أَوْ لِأَنَّهُ جَامَعَهَا فِيهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا حَتَّى مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَلَيْلَتُهَا كَيَوْمِهَا فِي الْأَجْرِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ، وَفُرِضَتْ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَلَمْ تُقَمْ بِهَا كَمَا لَمْ تُقَمْ بِهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلِخَفَاءِ الْإِسْلَامِ. وَأَقَامَهَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَقِيعِ الْخَضِمَانِ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فَقَافٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَخَاءٍ مَفْتُوحَةٍ مُعْجَمَةٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَمِيمٍ فَأَلْفٍ وَآخِرُهُ فَوْقِيَّةٌ، اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى مِيلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ وَكَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا. قَوْلُهُ: (بِضَمِّ الْمِيمِ) وَإِسْكَانِهَا وَفَتْحِهَا وَحُكِيَ كَسْرُهَا. قَوْلُهُ: (وَالْبَابُ مَعْقُودٌ لِذَلِكَ) أَيْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ ذَلِكَ وَذِكْرُ غَيْرِهِ مَعَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ السَّكْرَانِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ النَّفْيَ قَبْلَهُ شَامِلٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ مَعَ تَعَدِّيهِ نَعَمْ إنْ أَفَاقَ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَزِمَهُ فِعْلُهَا، وَمِثْلُهُ فِي هَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَمُسَافِرٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَهْلِ مَحَلٍّ لَا يَسْمَعُ أَهْلُهُ النِّدَاءَ مِنْهَا وَلَهُ الِانْصِرَافُ، وَلَوْ بَعْدَ إقَامَتِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (إلَّا امْرَأَةٌ إلَخْ) هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى تَأْوِيلِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى لَا يُتْرَكُ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ كَلَامٍ غَيْرِ مُوجَبٍ مَعْنًى. وَكَذَا يُقَالُ فِي حَدِيثِ إلَّا أَرْبَعَةٌ الْمَذْكُورِ فِي الْمَنْهَجِ. وَيَجُوزُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرَّفْعُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ الْمَحْذُوفِ إنْ صَحَّ

وَنُقِلَ عَنْ الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَرْسُمُ الْمَنْصُوبَ بِصُورَةِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَجْرُورِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَعْذُورٍ إلَخْ) وَمِنْهُ الِاحْتِيَاجُ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا دُونَهُ، وَمِنْهُ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَمِنْهُ إجَارَةُ الْعَيْنِ لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَزِمَ فَسَادُ عَمَلِهِ، وَمِنْهُ حَبْسٌ لِمَنْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ لَهَا وَإِنْ حَرُمَ مَنْعُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي خُرُوجِهِ مَصْلَحَةٌ، وَمِنْهُ مَرَضٌ يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، وَمِنْهُ الْعَمَى نَعَمْ لَوْ اجْتَمَعَ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي مَحَلِّهِمْ جَمْعٌ تَصِحُّ بِهِ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْهُمْ فِيهِ، كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا. وَمِنْ الْعُذْرِ إبْرَارُ قَسَمٍ مِنْ حَلَفَ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مَثَلًا لِخَوْفٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَوَلِيَ زَيْدٌ إمَامًا فِي الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ فِي هَذِهِ يُصَلِّي خَلْفَهُ وَلَا يَحْنَثُ مُكْرَهٌ شَرْعًا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ زَوْجَتَهُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ. كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ ثَوْبَهُ فَأَجْنَبَ وَاحْتَاجَ إلَى نَزْعِهِ لِتَعَذُّرِ غُسْلِهِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا فِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ إلَخْ) نَعَمْ تُتَصَوَّرُ هُنَا فِيمَا بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُكَاتَبُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْذُورٍ مَعْنًى وَرَفَعَهُ اسْتِقْلَالًا لِتَنَافُرِ الْعَطْفِ. وَذَكَرَهُ مَعَ شُمُولِ الْعَبْدِ لَهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ،

ــ

[حاشية عميرة]

[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

ِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا أَوْ لِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنَحْوِهِ) مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَدَفْنِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ، وَلَمَّا وَلِيَ خَطَابَةَ الْجَامِعِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْمَوْتَى قَبْلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ يَقُولُ لِأَهْلِهَا وَحُمَّالِهَا: اذْهَبُوا فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْكُمْ. قَوْلُهُ: (فِي الْحَدِيثِ: إلَّا امْرَأَةٌ إلَخْ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ بِالرَّفْعِ وَلَعَلَّ فِيهَا اخْتِصَارًا. وَالتَّقْدِيرُ إلَّا أَرْبَعَةً امْرَأَةٌ إلَخْ فَيَكُونُ أَرْبَعَةً هُوَ الْمُسْتَثْنَى، وَامْرَأَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ» إلَخْ قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَنْ بِمَعْنَى غَيْرِ نَحْوُ النَّاسُ كُلُّهُمْ هَلْكَى إلَّا الْعَالِمُونَ، وَنُوزِعَ بِأَنَّ فِيهِ وَصْفَ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمُكَاتَبِ) عَطْفُهُ عَلَى مَا سَلَفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>