للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ لِظُهُورِ أَمَارَتِهِ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ (ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ (فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ) فِي الْأَشْهُرِ رُجُوعًا إلَى الْأَصْلِ وَيُحْسَبُ مَا مَضَى مِنْ الطُّهْرِ قَرْءًا (أَوْ بَعْدَهَا فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نَكَحَتْ) زَوْجًا آخَرَ (فَلَا شَيْءَ) عَلَيْهَا (وَإِلَّا فَالْأَقْرَاءُ) عَلَيْهَا، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهَا مُطْلَقًا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي الظَّاهِرِ بِالْأَشْهُرِ، وَالثَّالِثُ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ مُطْلَقًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لَا آيِسَةٌ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ وَالْأَوَّلُ فِي قَوْلِهِ " لَا شَيْءَ عَلَيْهَا إنْ نَكَحَتْ " نَظَرٌ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي الظَّاهِرِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا، وَمَا ذُكِرَ عَلَى الْجَدِيدِ بَعْدَ الْيَأْسِ يَأْتِي مِثْلُهُ عَلَى الْقَدِيمِ بَعْدَ التَّرَبُّصِ، فَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَهُ فِي أَشْهُرِ الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ انْتَقَلَتْ إلَى الْأَقْرَاءِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَنُسِبَ إلَى النَّصِّ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، أَوْ بَعْدَ أَنْ نَكَحَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَقِيلَ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ وَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ.

(وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الْيَأْسِ عَلَى الْجَدِيدِ (يَأْسُ عَشِيرَتِهَا) مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِتَقَارُبِهِنَّ فِي الطَّبْعِ فَإِذَا بَلَغَتْ السِّنَّ الَّذِي يَنْقَطِعُ فِيهِ حَيْضُهُنَّ فَقَدْ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ (وَفِي قَوْلٍ) يَأْسُ (كُلِّ النِّسَاءِ) بِحَسَبِ مَا يَبْلُغُ مِنْ خَبَرِهِ وَيُعْرَفُ وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ خَمْسُونَ (قُلْت: ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَنُقِلَ تَرْجِيحُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: إيرَادُ أَكْثَرِهِمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى التَّرْجِيحِ.

فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ

أَيْ الْحَمْلِ قَالَ تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] (بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالًا كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) فَإِذَا لَاعَنَ الْحَامِلَ وَنَفَى الْحَمْلَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَالْمَرْأَةُ مُصَدَّقَةٌ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَةُ الْحَمْلِ إلَى صَاحِبِ الْعِدَّةِ فَلَا تَنْقَضِي بِوَضْعِهِ كَأَنْ مَاتَ صَبِيٌّ لَا يَنْزِلُ، وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِانْتِفَائِهِ عَنْهُ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ، أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ النِّكَاحِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ لِانْتِفَائِهِ عَنْ الزَّوْجِ (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ (وَمَتَى تَخَلَّلَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ (فَتَوْأَمَانِ) بِخِلَافِ مَا إذَا

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (حَقِّ الزَّوْجِ) خَرَجَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَا يُعْتَبَرُ حَقُّهُ فَتَعُودُ إلَى الْأَقْرَاءِ، وَلَوْ فَارَقَهَا الزَّوْجُ هَلْ تَعُودُ إلَى كَمَالِ الْعِدَّةِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أُلْغِيَ رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَبَوَيْنِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ. قَوْلُهُ: (مِنْ خَبَرِهِ) عَائِدٌ إلَى " كُلُّ " فَالْمُرَادُ مَا يَعُمُّ غَيْرَ أَهْلِ زَمَانِهَا كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَخَرَجَ بِمَنْ يَبْلُغُنَا خَبَرُهُ طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ، فَلَا يُشْتَرَطُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ انْتِقَالُهَا إلَى الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَةَ النِّسَاءِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ فِيهِ أَتَمُّ مِنْهُ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

فَصْلٌ

فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ وَمَا مَعَهُ. قَوْلُهُ: (بِوَضْعِهِ) وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَهُ، أَوْ كَانَ وُجُودُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، أَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَيَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا فِيمَا مَضَى قَوْلُهُ: (ذِي الْعِدَّةِ) زَوْجًا كَانَ، أَوْ ذَا شُبْهَةٍ وَلَوْ بِدَعْوَاهَا كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَالْمَرْأَةُ مُصَدَّقَةٌ إلَخْ) وَلِذَلِكَ لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَقُلْنَا لَا تَنْقَضِي بِهِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَأَمْكَنَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ إلَّا بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ فَقَوْلُهُ كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ مِثَالٌ لَا اسْتِقْصَاءٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نِسْبَتُهُ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ بِأَنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ زِنًى، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ. قَوْلُهُ: (صَبِيٌّ لَا يُنْزِلُ) أَوْ مَمْسُوحٌ وَكَذَا مَجْبُوبٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْخَالُ مَنِيِّهِ، وَإِلَّا انْقَضَتْ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ التَّنَاقُضُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا يُنْزِلُ مَا لَوْ أَمْكَنَ إنْزَالُهُ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ مَا

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ النِّسَاءِ لَا سِيَّمَا فِي الشَّوَابِّ وَكَمَا فِي الْمُتَحَيِّرَةِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَصَّلَ أَقْوَالِ الْقَدِيمِ الْمَذْكُورَةِ اعْتِبَارُ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْغَالِبَ، أَوْ الْأَكْثَرَ، أَوْ الْأَقَلَّ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) أَيْ تَعَبُّدًا، أَوْ اسْتِظْهَارًا قَوْلُهُ: (وَيُحْسَبُ مَا مَضَى) هَذَا إنْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ فِيمَا مَضَى، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثٍ كَذَا اسْتَدْرَكَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصُورَتُهُ فِيمَنْ شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ أَوْ قَبْلَهُ، ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ فَرَاغِهَا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ هُنَا فِيمَنْ كَانَتْ تَحِيضُ، وَأَمَّا هَذِهِ الصُّورَةُ فَهِيَ السَّالِفَةُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَا تَحِيضُ قَرْءًا قَوْلَانِ إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ: وَحُرَّةٌ لَمْ تَحِضْ مَعَ قَوْلِهِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ

قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَبَوَيْنِ) الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ نِسَاءُ الْعَصَبَاتِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَيَنْبَغِي مُرَاعَاةُ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ فَيُحْتَمَلُ أَقَلُّهُنَّ عَادَةً وَيُحْتَمَلُ أَقْصَاهُنَّ

[فَصْلٌ عِدَّةُ الْحَامِلِ]

ِ بِوَضْعِهِ

قَوْلُهُ: (إلَى ذِي الْعِدَّةِ) زَوْجًا، أَوْ غَيْرَهُ، قَوْلُهُ: (بِلِعَانٍ) كَذَلِكَ الْمَنْفِيُّ عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِلَى هَذَا وَنَحْوِهِ. أَشَارَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَمَنْفِيٍّ، قَوْلُهُ: (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لَوْ فَصَلَ بَيْنَ مَا يَنْفَصِلُ غَالِبُهُ وَغَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجَهًا وَاعْلَمْ أَنَّ سَائِرَ أَحْكَامِ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ كَنَفْيِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ، وَتَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي الْبَيْعِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِيجَابِ الْغُرَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْغُرَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، قَوْلُهُ: (دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>