للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخَلَّلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ، (وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ) كَالْحَيِّ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ (لَا عَلَقَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا يُتَيَقَّنُ كَوْنُهَا أَصْلَ الْوَلَدِ (وَبِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ) لِظُهُورِهَا عِنْدَهُنَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدَ غَيْرِهِنَّ أَيْضًا بِظُهُورِ يَدٍ، أَوْ أُصْبُعٍ، أَوْ ظُفُرٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صُورَةً) أَصْلًا لَا ظَاهِرَةً وَلَا خَفِيَّةً تَعْرِفُهَا الْقَوَابِلُ (وَقُلْنَ: هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ) لَوْ بَقِيَتْ لَتَصَوَّرَتْ (انْقَضَتْ) بِوَضْعِهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَنْقَضِي بِهِ خُرِّجَ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْوَلَدِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَلَوْ شَكَّتْ الْقَوَابِلُ فِي أَنَّهَا لَحْمُ آدَمِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهَا قَطْعًا.

(وَلَوْ ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ أَشْهُرٍ حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ) وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِوُجُودِ الْحَمْلِ (وَلَوْ ارْتَابَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا، (لَمْ تَنْكِحْ) آخَرَ بَعْدَ تَمَامِهَا (حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ) فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ (وَبَعْدَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (اسْتَمَرَّ) النِّكَاحُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الظَّاهِرِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي (إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِهِ) فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي (أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ نِكَاحِ) الْآخَرِ (فَلْتَصْبِرْ) عَنْ النِّكَاحِ نَدْبًا (لِتَزُولَ الرِّيبَةُ فَإِنْ نَكَحَتْ) قَبْلَ زَوَالِهَا (فَالْمَذْهَبُ) الْمَنْصُوصُ (عَدَمُ إبْطَالِهِ فِي الْحَالِ) لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الظَّاهِرِ، وَلَا نَنْقُضُ الْحُكْمَ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ بَلْ نَقِفُ (فَإِنْ عُلِمَ مُقْتَضِيهِ) أَيْ مُقْتَضِي إبْطَالِهِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ (أَبْطَلْنَاهُ) وَإِلَّا فَلَا نُبْطِلُهُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي إبْطَالِهِ قَوْلَانِ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْتِفَاءِ الْمَانِعِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ بَانَ انْتِفَاؤُهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ عَلَى ظَنِّ حَيَاتِهِ، فَبَانَ مَيِّتًا وَأَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.

(وَلَوْ أَبَانَهَا) بِخُلْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ) فَمَا دُونَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِبَانَةِ (لَحِقَهُ) الْوَلَدُ (أَوْ الْأَكْثَرِ) مِنْهَا (فَلَا) يَلْحَقُهُ، لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ قَدْ تَبْلُغُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهِيَ أَكْثَرُ مُدَّتِهِ كَمَا اُسْتُقْرِئَ وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْإِبَانَةِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِيهِ تَسَاهُلٌ، وَالْقَوِيمُ مَا قَالَهُ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ، وَإِلَّا لَزَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ.

(وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا) وَالْحَالُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لَا كَمَا (حُسِبَتْ

ــ

[حاشية قليوبي]

لَمْ يُقِرَّ بِالْإِنْزَالِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَانْفِصَالِ كُلِّهِ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ انْفِصَالِ بَعْضِهِ كَغَالِبِ الْأَحْكَامِ. قَوْلُهُ: (ثَانِي تَوْأَمَيْنِ) وَكَذَا ثَالِثٌ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا فَلَا تَتَوَقَّفُ الْعِدَّةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّبَعَ التَّوْأَمَ الثَّانِيَ. قَوْلُهُ: (وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ) بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا وَمَكَثَ أَعْوَامًا كَثِيرَةً وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَضَاعَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُتَيَقَّنُ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِهَا وَإِيجَابِ النِّفَاسِ عَقِبَهَا. قَوْلُهُ: (أَخْبَرَ بِهَا) وَلَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ شَهَادَةٍ إلَّا عِنْدَ حَاكِمٍ. قَوْلُهُ: (الْقَوَابِلُ) الْمُرَادُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَلَوْ ذُكُورًا وَأَقَلُّهُمْ فِي النِّسَاءِ أَرْبَعٌ وَيَكْفِي إخْبَارُ وَاحِدَةٍ فِي الْجَوَازِ بَاطِنًا. قَوْلُهُ: (مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ) وَمِنْ نَصِّهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى هَذِهِ مَسْأَلَةَ النُّصُوصِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَأَصْلُ الْآدَمِيِّ أَوْلَى مِنْ الْحَيْضِ، كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْعَلَقَةِ مَعَ عَدَمِ الِانْقِضَاءِ بِهَا كَمَا مَرَّ، وَتَعْلِيلُهَا بِعَدَمِ تَيَقُّنِ أَنَّهَا أَصْلُ آدَمِيٍّ يَجْرِي هُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَوَابِلِ إنَّ الْمُضْغَةَ أَصْلُ آدَمِيٍّ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ فِي الْعَلَقَةِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَنْكِحْ) فَيُحَرَّمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بَاطِلٌ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُهَا صَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ، أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ) إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ دُونَ الثَّانِي قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي) إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِقِيَامِ فِرَاشِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالصَّحِيحُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَالثَّانِي وَطْءُ الشُّبْهَةِ. قَوْلُهُ: (نَدْبًا) فَيُكْرَهُ نِكَاحُهَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَبْطَلْنَاهُ) إنْ أَمْكَنَ إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالْأَوَّلِ أَخْذًا بِقَوْلِهِ عُلِمَ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقْتَضَى الْبُطْلَانِ بِأَنْ لَمْ تَلِدْ أَصْلًا، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَلَا نُبْطِلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَهُ، وَلَوْ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ لَا يُلْغَى بِإِقْرَارِهَا. قَوْلُهُ: (سِيَاقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) بِقَوْلِهِ أَبَانَهَا فَلِذَلِكَ حَمَلَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ تَسَاهُلٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّسَاهُلِ كَمَا يَقْتَضِيه النَّظَرُ الْقَوِيمُ، وَالْفَهْمُ الْمُسْتَقِيمُ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِبَانَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

جَعَلَ فِي الْوَسِيطِ لِلسِّتَّةِ حُكْمَ مَا دُونَهَا وَغَلَّطَهُ الرَّافِعِيُّ وَرَدَّ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقَطْ لَا يَكُونُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ حَاصِلًا لِعَدَمِ وُجُودِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ، وَإِذَا سَقَطَ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَطْءِ خَرَجَتْ عَنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَكَلَامُ الْوَسِيطِ صَحِيحٌ، قَوْلُهُ: (أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ) حُكِيَ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي زَمَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَهَا فَظَهَرَ التَّخْطِيطُ، قَوْلُهُ: (وَقُلْنَ: هِيَ إلَخْ) قَالَ الرُّويَانِيُّ كَأَنَّ طَرِيقَ عِلْمِهِنَّ بِذَلِكَ أَنْ يُشَاهِدْنَ شَيْئًا فِي الْعُرُوقِ وَالْأَعْصَابِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهَا لَحْمَةُ وَلَدٍ

قَوْلُهُ: (فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) أَيْ وَلَوْ انْكَشَفَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ الْحَمْلِ، قَوْلُهُ: (فَلْتَصْبِرْ نَدْبًا إلَخْ) . أَيْ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَحَتْ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ رَاجَعَهَا، قَوْلُهُ: (نَقِفُ) قَالَ الْقَاضِي لَيْسَ هَذَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْقَدِيمِ، لِأَنَّا نَقْضِي هُنَا بِالصِّحَّةِ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ لِمَعْنًى يَظْهَرُ

قَوْلُهُ: (لِأَرْبَعِ سِنِينَ) اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْحَقُهُ) وَلَكِنْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إنْ ادَّعَتْ وَطْءَ الزَّوْجِ لَهَا بِشُبْهَةٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَادَّعَتْ رَجْعَةً، وَإِنْ أَنْكَرَ، قَوْلُهُ: (قَبْلَ الْإِبَانَةِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ قُبَيْلَ الْإِبَانَةِ

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>