للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا كَمَا سَيَأْتِي. (وَفَاسِقٌ وَمُكَاتَبٌ) أَمَتَهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يُزَوِّجُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَنْ ذَكَرْت؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلِي الْكَافِرَةَ وَالْفِسْقُ يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ وَالرِّقُّ يَمْنَعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، (وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدِ صَبِيٍّ) لِمَا فِيهِ مِنْ انْقِطَاعِ اكْتِسَابِهِ عَنْهُ، (وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِي الْأَصَحِّ) اكْتِسَابًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالثَّانِي لَا يُزَوِّجُهَا؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَقَدْ تَحْبَلُ فَتَهْلَكُ، وَمَنْ يُزَوِّجُهَا قِيلَ وَلِيُّ الْمَالِ كَالْوَصِيِّ، وَالْقَيِّمِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَلِيُّ النِّكَاحِ الَّذِي يَلِي الْمَالَ، وَهُوَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ، وَعَبْدُ الْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، وَأَمَتُهُمَا كَعَبْدِ الصَّبِيِّ وَأَمَتِهِ، فِيمَا ذُكِرَ وَيَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّفِيهِ فِي نِكَاحِ أَمَتِهِ

بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ (تَحْرُمُ الْأُمَّهَاتُ) أَيْ نِكَاحُهُنَّ وَكَذَا الْبَاقِي (وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَكَ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (فَهِيَ أُمُّك) ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (أَيْ الْكِتَابِيَّةِ) أَيْ قَطْعًا وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا عَلَى الْأَصَحِّ مَا عَدَا الْمُرْتَدَّةَ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا أَيْ فِي وَجْهٍ مَرْجُوحٍ وَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَمُكَاتَبٌ) أَيْ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدَ صَبِيٍّ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ. قَوْلُهُ: (وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ) أَيْ يُزَوِّجَ الْوَلِيُّ أَمَةَ الصَّبِيِّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ، إنْ صَحَّ أَنْ يُزَوِّجَ سَيِّدُهَا فَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ الثَّيِّبَ الْعَاقِلَةَ وَلَا يُزَوِّجُ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَمَةَ صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلِيُّ النِّكَاحِ) أَيْ وَقْتَ التَّزْوِيجِ، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَلِيُّ النِّكَاحِ أَوْ الْمَالِ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ بِذِكْرِ أَوْ بَدَلَ الْوَاوِ.

بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَوَانِعِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ وَالْأَوْفَقُ بِالْمُرَادِ لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِقَوْلِهِ تَحْرُمُ أُمٌّ إلَخْ، الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْأُمُومَةُ لَا الْأُمُّ وَاخْتُلِفَ هَلْ مِنْهَا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ، كَالْآدَمِيِّ وَالْجِنِّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الشَّيْخَانِ وَعَدَّهُ مِنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَابْنُ يُونُسَ وَخَالَفَهُمَا الْقَمُولِيُّ فَجَوَّزَ نِكَاحَ آدَمِيٍّ لِجِنِّيَّةٍ، وَعَكْسُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، وَعَلَيْهِ فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ لِلْإِنْسِيِّ فَقَطْ، قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فَلِلْآدَمِيَّةِ تَمْكِينُ زَوْجِهَا الْجِنِّيِّ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبٍ حَيْثُ ظَنَّتْ زَوْجِيَّتَهُ وَلِلْآدَمِيِّ وَطْءُ زَوْجَتِهِ الْجِنِّيَّةِ، وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبَةٍ حَيْثُ ظَنَّ زَوْجِيَّتَهَا، وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا يَصِيرُ أَحَدُهُمَا بِوَطْئِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُحْصَنًا وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ إنْ كَانَا عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ نَحْوِ عَظْمٍ وَفِي أَمْرِهَا بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلْيُرَاجَعْ وَفِي ضَبْطِ أَحْكَامِ الْبَابِ عِبَارَاتٌ مِنْهَا، أَنْ يُقَالَ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ، وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، فَأُصُولُهُ الْأُمَّهَاتُ وَفُصُولُهُ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الْأَوْلَادِ وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ الْأَخَوَاتُ، وَبَنَاتُهُنَّ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ هُنَّ الْعَمَّاتُ، وَالْخَالَاتُ، وَأَخْرَجَ الْأَصْلَدُ الْأَوَّلُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُدْلِي بِهِ وَيُقَاسُ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالشَّخْصِ لَشَمِلَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَمِنْهَا أَنْ يُقَالَ تَحْرُمُ مِنْ نَسَبٍ وَرَضَاعٍ، أَبَدًا إلَّا مَنْ دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ وَلَدِ الْعُمُومَةِ أَوْ الْخُؤُولَةِ وَهَذَا أَخَصْرُ وَأَخَصُّ وَعَلَى الْإِنَاثِ أَنَصُّ وَأَوْفَقُ بِالْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتِ عَمِّكَ} [الأحزاب: ٥٠] إلَخْ. قَوْلُهُ: (نِكَاحُهُنَّ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ فِي الْوَاقِعِ أَوْ لِأَجْلِ الِاحْتِرَامِ كَزَوْجَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّاتِي دَخَلَ بِهِنَّ قَالَ: الْقُضَاعِيُّ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَيَحْرُمُ عَلَى أُمَمِهِمْ تَزَوُّجُ نِسَائِهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَتَحِلُّ زَوْجَاتُ الْأَنْبِيَاءِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَفِيهِ نَظَرٌ خُصُوصًا فِي نَبِيِّنَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَاتِهِ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكَأَنَّهُنَّ فِي عِصْمَتِهِ وَلِأَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ إذَا أَدْرَكَهُ بَلْ وَلَا حَاجَةَ إلَى وَصْفِ الْأُمُومَةِ فِي التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا لِغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَهِيَ أُمُّك) أَيْ حَقِيقَةً فِي الْكُلِّ أَوْ مَجَازًا فِي غَيْرِ الْأُولَى مِنْهُنَّ فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَلِيُّ النِّكَاحِ إلَخْ) . قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَا يُزَوِّجَانِ أَمَةَ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَصَاحِبِ الْكَافِي لَكِنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُمَا تَزْوِيجَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْقِيَاسُ كَمَا يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَةَ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُحْتَاجَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَزْوِيجُهُمَا. اهـ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ بُلُوغَ الصَّغِيرَةِ لَهُ غَايَةٌ مُحَقَّقَةُ الْحُصُولِ فَتُنْتَظَرُ بِخِلَافِهِمَا، وَأَيْضًا لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِ أَمَةِ السَّفِيهِ مِنْ إذْنِهِ.

[بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ]

ِ، مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَهِيَ أُمُّك إلَخْ) ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْأُمِّ عَلَى الْجَدَّاتِ حَقِيقَةٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبِنْتِ وَغَيْرِهَا. مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ) . هَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأُمِّ شَامِلٌ وَمُتَنَاوِلٌ لِلْعُلْيَا، وَلَفْظُ الْبِنْتِ مُتَنَاوِلٌ لِلسُّفْلَى، وَذَلِكَ إمَّا بِالْتِزَامِ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَهَذَا الثَّانِي مُتَعَيِّنٌ فِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ كَمَا لَا يَخْفَى. ثُمَّ رَأَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>