للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَدٍ وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ) مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ فَإِنْ عَدَلَ بَطَلَ النِّكَاحُ نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ يُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَلَهُ فِي إطْلَاقِ الْإِذْنِ نِكَاحُ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَغَيْرِهَا، وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى وَلَوْ طَلَّقَ لَمْ يَنْكِحْ أُخْرَى إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارٌ عَبْدِهِ عَلَى النِّكَاحِ) صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ وَالثَّانِي لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ قَالَ الْبَغَوِيّ: أَوْ يُكْرِهَهُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي، وَالثَّالِثُ لَهُ إجْبَارُ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ، (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ فِي الْأَظْهَرِ لِمَا فِي وُجُوبِهِ مِنْ تَشْوِيشِ مَقَاصِدِ الْمِلْكِ وَفَوَائِدِهِ، وَالثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْفَاحِشَةِ، (وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) عَلَى النِّكَاحِ، (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَعَقْلٍ وَجُنُونٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَبِهَذَا تُفَارِقُ الْعَبْدَ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا فَإِنْ خَالَفَ بَطَلَ النِّكَاحُ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ تَزْوِيجَهَا بِرَقِيقٍ، وَدَنِيءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا. (فَإِنْ طَلَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَيُفَوِّتُ الِاسْتِمْتَاعَ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ، (وَقِيلَ إنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) مُؤَبَّدًا كَأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ (لَزِمَهُ) إذْ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءُ شَهْوَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ إعْفَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ إحْدَى أُخْتَيْنِ مَلَكَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَزْوِيجُ الْأُخْرَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ قَدْ يَزُولُ فَتَتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ، (وَإِذَا زَوَّجَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ رِعَايَةِ الْحَظِّ حَتَّى إنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، كَمَا تَقَدَّمَ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ مَجْذُومٍ وَنَحْوِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِهِ (فَيُزَوِّجُ) تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ (مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ الْكِتَابِيَّةَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِذِمَّتِهِ فِي مَالِكَةٍ أَمَرَهَا وَبِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَبِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ إذَا رَدَّ لَغَا وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي مَالِكَةٍ أَمْرَهَا، وَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فِي غَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا الْمُجْبَرَةُ نَعَمْ إنْ نَهَاهُ السَّيِّدُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ. قَوْلُهُ: (إذَا عَتَقَ) أَيْ كُلُّهُ كَمَا مَرَّ فِي ابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِتَعْمِيمِهِ كَقَوْلِهِ: انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّفِيهِ، وَالزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ كَالزَّائِدِ عَلَى الْمُقَدَّرِ. قَوْلُهُ: (فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ) أَيْ بَلَدِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (وَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِذْنِ فَلَوْ نَكَحَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالرُّجُوعِ لَمْ يَصِحَّ. كَمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْكِحْ) خَرَجَ الرَّجْعِيَّةُ فَهِيَ لَهُ، وَلَوْ بِلَا إذْنٍ. قَوْلُهُ: (أُخْرَى) وَكَذَا مَنْ طَلَّقَهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَلَهُ نِكَاحُ غَيْرِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِلَا إذْنٍ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ إلَّا لِمَانِعٍ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُزَوِّجَهُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْإِجْبَارِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ لَهُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوَلِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَفَرَّقَ بِدَوَامِ الْحَجْرِ هُنَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ) (إجْبَارُ أَمَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُرْتَدَّةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ مَرْهُونَةٌ إلَّا لِلْمُرْتَهِنِ. أَوْ بِإِذْنِهِ، وَلَا أَمَةُ مُفْلِسٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا أَمَةُ قِرَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ، وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَلَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا صَحَّ التَّزْوِيجُ وَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِأَنَّ فِيهِ فَوَاتَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَةَ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، بَلْ لَوْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهَا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) وَكَذَا الْحِرْفَةُ فَهُوَ مُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا) أَيْ يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ تَضْمَحِلُّ مَعَهُ الْخِصَالُ. قَوْلُهُ: (مُؤَبَّدًا) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ عَدَمُ لُزُومِهِ تَزْوِيجَهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ بَلْ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إلَّا بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ فَيَجِبُ إزَالَةُ مِلْكِهِ عَنْهَا إنْ أَمْكَنَ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ) . لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ وَكَانَ الْفَرْقُ كَوْنَ الرَّقِيقِ صَالِحًا لِلتَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ نُفُوذُهُ عَلَى سِوَى إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا كَذَلِكَ السَّفِيهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (إجْبَارُ عَبْدِهِ) يُقَالُ جَبَرَهُ عَلَى كَذَا وَأَجْبَرَهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي تَزْوِيجِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَلَفَ، وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ بَيْنَ إجْبَارِ الطِّفْلِ الْعَاقِلِ دُونَ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ، بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعَ بَقَائِهَا، فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَةِ هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مَحَلُّهَا عِنْدَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْآتِي فِي الشَّرْحِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ) حَكَى عَكْسَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْكَبِيرِ غَرَضًا فِي صِيَانَةِ مِلْكِهِ. قَوْلُهُ: (إجْبَارٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّضَاعِ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي بَابَيْ التَّحْلِيلِ وَالرَّضَاعِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ إلَخْ) . هُوَ صَادِقٌ بِأَمَةِ الْمَرْأَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا زَوَّجَهَا إلَخْ) هَذَا الْخِلَافُ مُطَرِّدٌ فِي الْعَبْدِ عَلَى قَوْلِ الْإِجْبَارِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>