للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْمُكْتَرِي وَالْمُكْرِي فِي الْأُولَى، أَوْ الْمُكْتَرِيَانِ فِي الثَّانِيَةِ مَا لَهُمَا مِنْ الرُّكُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ كَفَرْسَخٍ، لِهَذَا، ثُمَّ فَرْسَخٍ لِلْآخَرِ فِي الْأُولَى، وَيَوْمٍ لِهَذَا ثُمَّ يَوْمٍ لِلْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا إجَازَةُ أَزْمَانٍ مُتَقَطِّعَةٍ، وَالثَّالِثُ الْمَنْعُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَتَّصِلْ زَمَنُ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَالرَّابِعُ الْمَنْعُ فِيهِمَا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إجَارَةِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَدُفِعَ بِأَنَّ التَّأَخُّرَ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ فَلَا يَضُرُّ.

فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً

كَالْمَبِيعِ فَمَا لَهُ مَنَافِعُ يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا (ثُمَّ تَارَةً تُقَدَّرُ) الْمَنْفَعَةِ (بِزَمَانٍ كَدَارٍ) لِلسُّكْنَى (سَنَةً وَتَارَةً) تُقَدَّرُ (بِعَمَلٍ كَدَابَّةٍ) لِلرُّكُوبِ (إلَى مَكَّةَ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَطُولُ زَمَنًا تَعِي فِيهِ الدَّابَّةُ أَوْ يَشُقُّ عَلَى الْآخَرِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، وَإِذَا اقْتَسَمَا بِحَسَبِ الزَّمَانِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ لِنَحْوِ اسْتِرَاحَةٍ، أَوْ عَلَفٍ فَلَهُ الرُّكُوبُ مِنْ نَوْبَةِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (الْمُبَيَّنِ) أَيْ بِذِكْرِهِمَا وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ بِهِ عُرْفٌ، وَذِكْرُ الشَّارِحِ الْفَرَاسِخَ فِي الْأُولَى وَالْأَيَّامَ فِي الثَّانِيَةِ تَصْوِيرٌ وَلَوْ سَكَتَا عَنْ التَّنَاوُبِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَرَكِبَاهَا مَعًا إنْ احْتَمَلَتْهُمَا وَإِلَّا تَنَاوَبَا، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ يُقَدَّمُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ مَاتَ الرَّاكِبُ لَمْ يَلْزَمْهُ حَمْلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ رُكُوبٌ فِي مُدَّةٍ كَانَتْ لَهُ.

فَصْلٌ فِي بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا كَمَا مَرَّ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ بُسْتَانٍ لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ وَلَا بِرْكَةٍ لِلِاصْطِيَادِ مِنْهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِ " قَصْدًا " نَحْوُ اللَّبَنِ فِي الْإِجَارَةِ لِلْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. قَوْلُهُ: (مَعْلُومَةً) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمُعَيَّنَةِ، فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ أَحَدِ هَذَيْنِ وَالْعِلْمُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِالتَّعْيِينِ وَفِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ بِالْوَصْفِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْقَدْرِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمَبِيعِ) إلَّا فِي الْمُشَاهَدَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تُشَاهَدُ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ وَاحِدَةٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ لِلْبَيَانِ، كَالْبِسَاطِ وَمَحَلِّ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَى كَدُخُولِ حَمَّامٍ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الْمُكْثِ فِيهِ وَبِقَدْرِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِهِ كَالطَّاسَةِ وَالثَّوْبِ، وَبِقَدْرِ الْمَاءِ وَالْأُجْرَةِ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ بِالْإِبَاحَةِ فَمَا عَدَاهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَارَةِ وَلَوْ الْفَاسِدَةِ، وَكَذَا ثِيَابُ الدَّاخِلِ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا عَلَى مَنْ اسْتَحْفَظَهُ عَلَيْهَا قَالَ شَيْخُنَا أَوْ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِهَا. قَوْلُهُ: (تَارَةً) هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ وَمَعْنَاهُ الْمَرَّةُ.

كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَوْ الْوَقْتُ وَالْحِينُ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (كَدَارٍ لِلسُّكْنَى) بِأَنْ يَذْكُرَ حُدُودَهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَكُونَ مَعْرُوفَةً) وَأَنْ يَقُولَ أَجَرْتُكَهَا لِلسُّكْنَى سَنَةً أَوْ لِتَسْكُنَهَا سَنَةً فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ بِشَرْطِ أَنْ تَسْكُنَهَا أَوْ لِتَسْكُنَهَا وَحْدَك لَمْ تَصِحَّ. قَالَ شَيْخُنَا هَذَا إنْ كَانَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ. كَمَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّهُ لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتهَا لِأَسْكُنَهَا وَحْدِي صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَيْسَ لَهُ سُكْنَى زَوْجَتِهِ مَعَهُ وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْأُجْرَةِ، فَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ لَمْ تَصِحَّ إلَّا فِي اكْتِرَاءِ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا هَذَا الشَّهْرَ بِدِينَارٍ وَمَا بَعْدُ بِحِسَابِهِ أَوْ آجَرْتُكهَا شَهْرًا بِدِينَارٍ فَإِذَا مَضَى فَقَدْ آجَرْتُك شَهْرًا آخَرَ بِحِسَابِهِ صَحَّتْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكَهَا شَهْرًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ فَبَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بَانَ بُطْلَانُهَا لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، كَذَا قِيلَ وَالْوَجْهُ حَمْلُ الشَّهْرِ عَلَى الْعَدَدِيِّ لَا الْهِلَالِيِّ، إلَّا إنْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ كَشَهْرِ كَذَا، وَلَوْ قَالَ آجَرْتُكهَا سَنَةً كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ وَيَكْفِي فِي تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ فِي السُّكْنَى تَقْدِيرُ زَمَنٍ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَلَوْ دُونَ يَوْمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنَافِعَ الْعَقَارِ وَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي وَنَحْوِهَا، لَا تُقَدَّرُ بِالزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَمَلَ فِيهَا وَكَذَا الْإِرْضَاعُ وَالِاكْتِحَالُ وَالْمُدَاوَاةُ وَالتَّجْصِيصُ وَالتَّطْيِينُ وَنَحْوُهَا لِاخْتِلَافِ أَقْدَارِهَا.

قَوْلُهُ: (كَدَابَّةٍ) شَمِلَ الْمُعَيَّنَةَ كَهَذِهِ الدَّابَّةِ، أَوْ مَا فِي الذِّمَّةِ كَدَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا.

قَوْلُهُ: (إلَى مَكَّةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ النَّاحِيَةِ الَّتِي تُرْكَبُ إلَيْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فِي الدَّابَّةِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ شَهْرًا صَحَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَكَانِ تَسْلِيمِهَا فِي عَوْدِهِ أَوْ فِي مَقْعَدِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ ذَهَابًا فَقَطْ وَذَهَابًا وَإِيَابًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا فِي

ــ

[حاشية عميرة]

لَا يُطِيقَانِ الْعَمَلَ دَائِمًا. وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ وَالدَّابَّةَ لِيَنْتَفِعَ الْأَيَّامَ دُونَ اللَّيَالِي صَحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي التَّكْمِلَةِ آخِرَ الْفَصْلِ، وَفِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ لَوْ أَجَرَهُ لِيَرْكَبَ بَعْضًا وَيَمْشِيَ بَعْضًا صَحَّ أَيْضًا.

[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً فِي الْإِجَارَة]

فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً

عَيْنًا وَقَدْرًا وَصِفَةً فَلَا يَصِحُّ آجَرْتُك أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ، وَلَا الْغَائِبَةَ، وَلَا الْحَاضِرَةَ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ بِمُدَّةٍ أَوْ مَحَلِّ عَمَلٍ كَمَا سَيَأْتِي، نَعَمْ يُسْتَثْنَى دُخُولُ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ثُمَّ تَارَةً) أَيْ مَرَّةً.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَنَةً) مُعَيَّنَةً مُتَّصِلَةً بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ السُّكْنَى، فَبِذِكْرِ الْمُدَّةِ تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِهِمَا تَمَامًا وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الزَّمَانُ، وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ الْعَمَلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>