للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَخِيَاطَةِ ذَا الثَّوْبِ) وَالْمَعْنَى بِمَحَلِّ الْعَمَلِ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَلَوْ جَمَعَهُمَا) أَيْ الزَّمَانُ وَالْعَمَلُ. (فَاسْتَأْجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَيَاضَ النَّهَارِ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ قَدْ لَا يَفِي بِالْعَمَلِ، وَالثَّانِي يَقُولُ ذِكْرُ الزَّمَانِ لِلتَّعْجِيلِ

(وَيُقَدَّرُ تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ بِمُدَّةٍ) كَشَهْرٍ قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَإِيرَادُ غَيْرِهِمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَقْوَى (أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ) أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ بِأَنْ يَسْمَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الْعَقْدِ، كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ يَكْفِي ذِكْرُ عَشْرِ آيَاتٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ سُورَةٍ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا.

(وَفِي الْبِنَاءِ بَيْنَ الْمَوْضِعِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسَّمْكِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ الِارْتِفَاعُ.

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَوَّلِ مِنْهُ، بَلْ يُسَلِّمُهَا لِنَائِبِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَإِلَى أَمِينِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْكَبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ عَوْدِ الْمُسْتَعِيرِ رَاكِبًا لَهَا، وَلَيْسَ لَهُ إذَا اسْتَأْجَرَ لِلرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ أَنْ يُقِيمَ فِي مَقْعَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ، فَإِنْ أَقَامَ لِخَوْفٍ عَلَى الدَّابَّةِ مَثَلًا، كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُودِعِ فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمُدَّةُ.

قَوْلُهُ: (ذَا الثَّوْبِ) أَيْ أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا وَيُبَيِّنُ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى بِمَحَلِّ الْعَمَلِ) الْعَمَلُ فِي الدَّابَّةِ سَيْرُهَا أَوْ رُكُوبُهَا وَمَحَلُّهُ مَسَافَةُ ذَلِكَ، وَهِيَ الَّتِي تُقَدَّرُ وَالْعَمَلُ فِي الثَّوْبِ فِعْلُ الْخَيَّاطِ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ وَمَحَلُّهُ نَفْسُ الْخِيَاطَةِ، وَهِيَ الَّتِي تُقَدَّرُ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْمَحَلُّ عَلَى نَفْسِ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَأْوِيلُ الشَّارِحِ دَفْعًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الصِّحَّةِ، لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك عَمَلَ الْخِيَاطَةِ شَهْرًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ الْخِيَاطَةِ وَمَحَلَّهَا مِنْ أَنَّهُ ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ قَمِيصٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَكَوْنُ الْخِيَاطَةِ رُومِيَّةً أَوْ فَارِسِيَّةً وَالرُّومِيَّةُ بِغُرْزَتَيْنِ وَالْفَارِسِيَّةُ بِغُرْزَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِيَخِيطَهُ) أَيْ الثَّوْبَ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا.

تَنْبِيهٌ: الِاسْتِئْجَارُ لِمُجَرَّدِ الْخِيَاطَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا عَمَلٌ مُسْتَقْبِلٌ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَطْعِ وَلِلْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةُ صَحِيحَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَقُولُ إلَخْ) فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ صَحَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِأَسْرَعِ الْأَمْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: (تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ) أَيْ جَمِيعِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، وَإِذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِجَمِيعِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَصَحُّ وَأَقْوَى) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي كَلَامِهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْيِينِ) عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَتَعْيِينِ السُّورَةِ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَحَلِّ وَالزَّمَانِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَسْمَعَهَا إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْآيَاتِ وَأَمَّا السُّورَةُ مَثَلًا، فَإِنَّهَا مَعْلُومَةٌ بِتَعَيُّنِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى سَمَاعِهَا، وَلَا تَصِحُّ مَعَ إطْلَاقِهَا وَلَا يَكْفِي تَعْيِينُ الْآيَاتِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ، وَفِي تَقْدِيرِ الزَّمَانِ لَا يُحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُعَلِّمُهُ مَا شَاءَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ تَعْيِينُ الْمُتَعَلِّمِ، وَإِنْ لَمْ يَرَ أَوْ يَخْتَبِرْ حِفْظَهُ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَوْ يُرْجَى إسْلَامُهُ وَتَعْيِينُ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ مِنْ بَيْتِ الْمُتَعَلِّمِ أَوْ غَيْرِهِ، إنْ اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ لَا تَعْيِينُ حَرْفٍ كَقِرَاءَةِ نَافِعٍ مَثَلًا، وَتُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ مَحَلِّهِ مِنْ حِفْظٍ أَوْ اسْتِخْرَاجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْيِينُ وَمَتَى عُيِّنَ شَيْءٌ تَعَيَّنَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ يَنْسَى مَا يَتَعَلَّمُهُ وَجَبَ إعَادَتُهُ إنْ كَانَ بَعْضَ آيَةٍ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَّمَ بَعْضَهُ ثُمَّ تَرَكَ فَإِنْ أَمْكَنَ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ، وَإِلَّا كَأَنْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَهَذَا يَجْرِي فِي سَائِرِ الْإِجَارَاتِ كَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي مُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَتَعَلَّمَهُ كُلَّهُ فِي بَعْضِهَا اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ، وَتَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْمُدَاوَاةِ وَالِاكْتِحَالِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَرْفٍ أَوْ قَدْرٍ فَعَلَّمَ غَيْرَهُ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا.

فَرْعٌ: تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِحَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ وَيَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ إنْ قَرَأَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ نَوَاهُ بِهَا أَوْ أَهْدَى لَهُ الثَّوَابَ بَعْدَهَا، كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ أَوْ مِثْلَ ثَوَابِهِ لِفُلَانٍ، وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَحْوِ زِيَادَةٍ فِي شَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أَوْ وَاصِلًا لَهُ أَوْ بِهِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، وَيَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ كَذَا قَالُوهُ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ عِبَادَةٍ كَانَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا أَمْرًا دُنْيَوِيًّا لَا ثَوَابَ فِيهَا لِلْفَاعِلِ وَعَلَى الْأَوَّلِ تُفَارِقُ الْحَجَّ بِعَدَمِ إمْكَانِ تَعَدُّدِهِ وَإِذَا قَرَأَ جُنُبًا وَلَوْ نَاسِيًا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً.

فَرْعٌ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ مَسْنُونٍ كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا بِصِفَاتِهِمَا وَعَلَى أَذْكَارِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَ فِيهَا كُلْفَةٌ لَا عَلَى رَفْعِ صَوْتٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَلَى رِعَايَةِ الْوَقْتِ وَلَا عَلَى الْحِيطَتَيْنِ كَمَا قِيلَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يُبْنَى بِهِ) وَكَذَا صِفَةُ الْبِنَاءِ مِنْ كَوْنِهِ مُنَضَّدًا أَوْ مُجَوَّفًا أَوْ مُسَنَّمًا.

قَوْلُهُ: (بِالْعَمَلِ) أَيْ بِمَحَلِّهِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ اكْتَرَى مَحَلًّا لِلْبِنَاءِ اُشْتُرِطَ بَيَانُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ أَرْضٍ كَسَقْفٍ إنْ كَانَ عَلَى أَرْضٍ اُشْتُرِطَ بَيَانُ الْمَحَلِّ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَيَكْفِي فِيمَا يُبْنَى بِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا رُؤْيَتَهُ مُطْلَقًا.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (الْمَنْعَ) أَيْ لِتَفَاوُتِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً، وَعَلَى الْأَوَّلِ الظَّاهِرُ دُخُولُ الْجَمْعِ مَا لَمْ تَطَّرِدْ عَادَةٌ بِاسْتِثْنَائِهَا، ثُمَّ الْمُرَادُ مَا يُسَمَّى قُرْآنًا إذْ لَوْ أُرِيدَ الْجَمْعُ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلسُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ سُورَةٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَفِي الْبِنَاءِ يُبَيَّنُ إلَخْ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِلْبِنَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>