للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ إذْهَابِهِ (نِصْفُ دِيَةٍ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ مُعَاذٍ: «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ (فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ) عَلَى النِّصْفِ بِخِلَافِ إزَالَةِ الْأُذُنِ وَإِبْطَالِ السَّمْعِ مِنْهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَهُ) أَيْ الضَّوْءِ وَأَنْكَرَ الْجَانِي (سَأَلَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ) فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ لَا يُرَاجَعُونَ فِيهِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ (أَوْ يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً وَنَظَرَ هَلْ يَنْزَعِجُ) أَوْ لَا فَإِنْ انْزَعَجَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ فَقَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا: نَقَلَ السُّؤَالَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ، وَالِامْتِحَانَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدَّ الْأَمْرَ إلَى خِبْرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي (وَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (فَكَالسَّمْعِ) فِي نَقْصِهِ، فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَ النَّقْصِ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ نِصْفِهَا مَثَلًا فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُ عَيْنٍ عُصِبَتْ وَوَقَفَ شَخْصٌ فِي مَوْضِعٍ يَرَاهُ وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ حَتَّى يَقُولَ لَا أَرَاهُ فَتُعْرَفُ الْمَسَافَةُ ثُمَّ تُعْصَبُ الصَّحِيحَةُ، وَتُطْلَقُ الْعَلِيلَةُ وَيُؤْمَرُ الشَّخْصُ بِأَنْ يَقْرُبَ رَاجِعًا إلَى أَنْ يَرَاهُ فَيَضْبِطَ مَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ.

(وَفِي الشَّمِّ) أَيْ إزَالَتِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ، (دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ذَكَرُوا فِيهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الشَّمِّ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ.

وَالثَّانِي فِيهِ حُكُومَةٌ لِأَنَّهُ ضَعِيفُ النَّفْعِ وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ الَّتِي هِيَ طَلَائِعُ الْبَدَنِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْهَا وَفِي إزَالَتِهِ مِنْ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ نَقَصَ وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ وَجَبَ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَحُكُومَةٌ

(وَفِي الْكَلَامِ) أَيْ إبْطَالِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ (دِيَةٌ) . رَوَى الْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ: «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» إنْ مَنَعَ الْكَلَامَ وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (وَفِي) إبْطَالِ (بَعْضِ الْحُرُوفِ قِسْطُهُ وَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ) أَوَّلُهَا فِي الذِّكْرِ عَادَةً أَلْفٌ أَيْ هَمْزَةٌ فَفِي ذَهَابِ نِصْفِهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي كُلِّ حَرْفٍ رُبُعُ سُبُعِ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَرَكَّبُ مِنْ جَمِيعِهَا (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ) وَالْأُولَى الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ وَالثَّانِيَةُ الْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ وَالْعَيْنُ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَتَانِ وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَتَانِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى اللِّسَانِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْحُرُوفِ الْخَارِجَةِ مِنْهُ، وَهِيَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ، وَالْأَوَّلُ قَالَ الْحُرُوفُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَخَارِجُهَا الِاعْتِمَادُ فِي جَمِيعِهَا عَلَى اللِّسَانِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ النُّطْقُ، وَالْحَلْقِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْحَلْقِ، وَالشَّفَهِيَّةُ إلَى الشَّفَةِ وَأَصْلُهَا شَفَهَةٌ، وَقِيلَ شَفْوَةٌ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ الشَّفَوِيَّةُ وَقَوْلُهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ تَعَلَّقَ بِالْمُوَزَّعِ.

وَقَوْلُهُ قِسْطُهُ أَيْ

ــ

[حاشية قليوبي]

بَصَرَهُ، فَحُكُومَةٌ، وَالْفَرْقُ احْتِمَالُ عَدَمِ قُوَّةِ الْإِبْصَارِ لِضَوْءِ النَّهَارِ. قَوْلُهُ: (أَهْلَ الْخِبْرَةِ) وَيَكْفِي اثْنَانِ مِنْهُمْ، وَإِذَا شَهِدُوا بِذَهَابِهِ أُخِذَتْ الدِّيَةُ بِلَا تَحْلِيفٍ بِخِلَافِ الِامْتِحَانِ الْآتِي.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ لَهُمْ مَعْرِفَةً بِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ بِبَقَائِهِ لِنَوْعٍ مِنْ الْإِدْرَاكِ مَعْرِفَتُهُمْ بِزَوَالِهِ لِعَدَمِ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (أَوْ يَمْتَحِنُ) أَيْ بَعْدَ السُّؤَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَهُوَ رَدُّ الْأَمْرِ إلَى خِبْرَةِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّهُ أَضْعَفُهَا. قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَبَاعَدَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي السَّمْعِ عَكْسُ هَذَا بِتَقْدِيمِ التَّبَاعُدِ عَلَى الْقُرْبِ، وَلَعَلَّهُ تَفَنَّنَ لِإِفَادَةِ جَوَازِ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَالَتَيْنِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مِنْ ذِكْرِهِ لِذَلِكَ حِكْمَةً فَرَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: مَتَى اُتُّهِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ اُمْتُحِنَ بِتَخَالُفِ الْمَسَافَةِ فِي الْجِهَةِ، أَوْ بِتَغَيُّرِ نَحْوِ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ وَكَذَا مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ إلَخْ) أَيْ بِمَا مَرَّ فِي السَّمْعِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَلَا دَخْلَ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ فِيهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْكَلَامِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ امْتِحَانِهِ وَحَلِفِهِ قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ) وَلَامٌ أَلِفٌ مُكَرَّرَةٌ فَلَا شَيْءَ فِيهَا اسْتِقْلَالًا، وَفِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ يُوَزِّعُ عَلَيْهَا قَلَّتْ، أَوْ كَثُرَتْ وَيُوَزِّعُ عَلَى أَكْثَرِ اللُّغَتَيْنِ لِمَنْ عَرَفَهُمَا إنْ كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي أُزِيلَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَعَلَى لُغَةٍ هُوَ مِنْهَا وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ الْعَرَبِيَّةَ مُطْلَقًا مَتَى اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا.

ــ

[حاشية عميرة]

ذَهَابُ سَمْعِ الْأُخْرَى سُدَّتْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَيَجِبُ لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ اهـ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّجْرِبَةِ لَا يَكْفِي مَرَّةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَرَّاتٍ يَزُولُ بِهَا التَّصَنُّعُ وَيَتَّفِقُ فِيهَا النِّدَاءُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ الْوُجُوبِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَزِدْ) هُوَ كَذَلِكَ وَإِذَا قَلَعَ الْحَدَقَةَ مَعَ ذَلِكَ وَجَبَ لَهَا حُكُومَةٌ، قَوْلُهُ: (سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ وَلَا تَحْلِيفَ قَوْلُهُ: (وَرَدَّ الْأَمْرَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ فِي الْأَصَحِّ) وَمُقَابِلُهُ يُعْتَبَرُ بِقَرْنِهِ قَوْلُهُ: (عُصِبَتْ إلَخْ) أَيْ وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ وَيَنْظُرُ قَدْرَ الْمَسَافَاتِ هَلْ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ كَمَا سَلَفَ نَظِيرُهُ فِي السَّمْعِ.

[دِيَة الشَّمّ]

قَوْلُهُ: (وَعَلِمَ قَدْرَ الذَّاهِبِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْتَحَنُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِسَدِّ أَحَدِ الْمَنْخِرَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّمْعِ اهـ.

وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ مِنْهُمَا فَإِنْ عَرَفَ قَدْرَهُ بِأَنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ يَشُمُّ مِنْ مَسَافَةِ كَذَا وَصَارَ يَشُمُّ مِنْ نِصْفِهَا وَجَبَ الْقِسْطُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مُرَادِ الشَّارِحِ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: (رُبُعُ سَبْعٍ) لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ رُبُعُ سَبْعٍ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ) قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَفْسَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الْحُرُوفِ الشَّفَهِيَّةِ، فَإِنْ الْتَزَمَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَسَدَ التَّعْلِيلُ، قَوْلُهُ: (فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُوَزَّعِ) أَيْ فَتُفِيدُ الْعِبَارَةُ أَنَّ غَيْرَ لُغَةِ الْعَرَبِ لَا يُوَزَّعُ عَلَى هَذِهِ الْحُرُوفِ، بَلْ تُعْتَبَرُ حُرُوفُ تِلْكَ اللُّغَةِ وَإِنْ كَثُرَتْ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ الْآتِي، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَزَّعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>