للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ وَمُطْلَقَةٍ، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، وَغَلَّةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَافِعَ. (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ وَأَكْسَابَ الْمُعْتَادَةِ) كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَأُجْرَةِ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ النَّادِرَةِ، كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا) (مَهْرُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا تَزَوَّجَتْ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ: آلُ الرَّجُلِ أَقَارِبُهُ وَأَهْلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ أَقَارِبُهُ وَزَوْجَتُهُ وَآبَاؤُهُ أُصُولُهُ الذُّكُورُ، وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ، وَأُمَّهَاتُهُ أُصُولُهُ الْإِنَاثُ كَذَلِكَ، وَالْأَحْمَاءُ أُمُّ الزَّوْجِ وَالْأَصْهَارُ الْأَحْمَاءُ وَالْأَخْتَانُ، وَالْمَحْرَمُ مَنْ لَا يُنْقِضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ وَالْمَوْلَى مَا فِيهِ الْوَقْفُ.

فَائِدَةٌ: النَّاسُ غِلْمَانٌ وَصِبْيَانٌ وَأَطْفَالٌ وَذَرَارِيُّ إلَى الْبُلُوغِ، ثُمَّ شُبَّانٌ وَفِتْيَانٌ إلَى الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ كُهُولٌ إلَى الْأَرْبَعِينَ، ثُمَّ شُيُوخٌ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَفِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ

فَصْلٌ: فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَمَا يَتْبَعُهَا. قَوْلُهُ: (بِمَنَافِعِ) أَعَادَهَا هُنَا مَعَ ذِكْرِهَا أَوَّلَ الْبَابِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا يَأْتِي، وَصَحَّتْ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ كَالْأَعْيَانِ. قَوْلُهُ: (عَبْدٍ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْأَمَةِ وَإِذَا جَنَى وَقَتَلَ أَوْ بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ بَطَلَتْ كَمَا لَوْ مَاتَ، وَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا مَالَهُ بَقِيَ لَهُ وَبِيعَ مَا لِلْآخَرِ وَإِنْ فَدَيَاهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا اسْتَمَرَّتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا حَصَلَ فِدَاءٌ مِنْ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ وَبِيعَ غَيْرُهُ، وَإِذَا بِيعَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَزَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ، اشْتَرَى الْوَارِثُ لَا غَيْرُهُ بِالزَّائِدِ بَدَلَهُ، وَلَوْ شِقْصًا مَكَانَهُ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَأَرْشُهُ لِلْوَارِثِ لِبَقَاءِ الْمُوصَى بِهِ، فَإِنْ سَرَى إلَيْهِ وَمَاتَ أَوْ قَتَلَهُ الْقَاطِعُ فَالْوَجْهُ ضَمُّ أَرْشِ الطَّرَفِ لِبَقِيَّةِ قِيمَتِهِ، وَيَشْتَرِي بَدَلَهُ بِالْجَمِيعِ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فَيَا لَوْ مَاتَ بِغَيْرِ سِرَايَةٍ كَأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْقَاطِعِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ هَلْ يَبْقَى أَرْشُ الطَّرَفِ لِلْوَارِثِ رَاجِعْهُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ الْأُولَى بَلْ يَشْتَرِي بِهِ شِقْصًا، وَأَنَّ مَا بَعْدَ الْأُولَى مِثْلُهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَدَارٍ) فَلَوْ انْهَدَمَتْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنْ أُعِيدَتْ، وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِنَقْضِهَا عَادَتْ الْوَصِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (وَمُؤَقَّتَةٍ) أَيْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، أَوْ حَيَاةِ زَيْدٍ فَهُوَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ وَمَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِهِ مُدَّةً فَيَرْجِعُ لِتَعَيُّنِ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَغَلَّةٍ مَعْطُوفٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَيْنُ الْغَلَّةِ لَا مَنَافِعُهَا قَالَ السُّبْكِيُّ النَّاشِئُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ إمَّا عَيْنٌ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَثَمَرَةِ الشَّجَرَةِ وَصُوفِ الشَّاةِ وَلَبَنِهَا. وَمَا يَنْبُتُ فِي الْأَرْضِ فَيُسَمَّى غَلَّةً، وَإِمَّا غَيْرُ عَيْنٍ كَالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ وَحَبْسِ الدَّابَّةِ فِي الْمَكَانِ وَرَبْطِهَا بِالشَّجَرَةِ فَيُسَمَّى مَنْفَعَةً، وَهَذِهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ إلَّا إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهَا بِالْوَصِيَّةِ انْتَهَى. وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَعْيَانَ، كَالْأُجْرَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُوصَى لَهُ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ، وَلَا أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِاسْتِحْقَاقِ الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَلَّةِ وَصَرِيحِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ الشَّارِحِ وَكَلَامِ السُّبْكِيّ الْمَذْكُورِ، أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَشْمَلُهَا وَأَنَّهَا لَا تُسَمَّى مَنْفَعَةً، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ صَوَابُ عِبَارَةِ السُّبْكِيّ، أَنْ يَقُولَ النَّاشِئُ عَنْ الْمُوصَى بِهِ إلَخْ. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ إلَخْ) فَلَهُ أَنْ يُعِيرَ وَيُؤَجِّرَ وَتُورَثَ عَنْهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَارِيَّةِ وَالْإِبَاحَةِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِبَاحَةِ هُنَا الِاسْتِحْقَاقُ اللَّازِمُ لَا عَنْ مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ امْتِثَالُ قَوْلِ مُوَرِّثِهِ، وَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْوَصِيَّةُ إبَاحَةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ: أَطْعِمْ زَيْدًا رِطْلَ خُبْزٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ اشْتَرِ خُبْزًا مِنْ مَالِي وَأَطْعِمْهُ لِجِيرَانِي فَإِبَاحَةٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ بِالدَّفْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ يَحْصُلُ الْمِلْكُ لَا قَبْلَهُ، فَلَا مَعْنَى لِلْإِبَاحَةِ بَعْدَ الدَّفْعِ فِي الثَّانِيَةِ كَأَخْذِ الْفُقَرَاءِ مَا أُبِيحَ لَهُمْ وَلَيْسَ الْمُوصَى بِهِ مَنْفَعَةً كَالسُّكْنَى فِيمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (إذَا تَزَوَّجَتْ) وَالْمُزَوَّجُ بِهَا الْوَارِثُ بِإِذْنِ الْمُوصَى لَهُ وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ. قَوْلُهُ: (بِشُبْهَةٍ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مَتَى وَجَبَ الْمَهْرُ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمِنْهَا وَطْءُ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ، وَلَكِنْ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ نَعَمْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَلَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ لَوْ أَحْبَلَهَا، وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ. وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي

ــ

[حاشية عميرة]

[فَصْلٌ تَصِحُّ الْوَصِيَّة بِمَنَافِعِ عَبْد وَدَار وَغَلَّةِ حَانُوتٍ]

فَصْلٌ تَصِحُّ بِمَنَافِعِ عَبْدٍ أَيْ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ لِسَبْقِهَا أَوَّلَ الْبَابِ، وَذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ بِالْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تُقَابَلُ بِالْأَعْوَاضِ، كَالْأَعْيَانِ، وَانْظُرْ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ كَيْفَ التَّقْوِيمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي جَعْلِهَا إبَاحَةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ) يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ أَنْ يَنْتَفِعَ، أَنَّهُ يُؤَخِّرُ وَيُعِيرُ وَيُوصِي بِهَا وَتُورَثُ عَنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>