أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ.
(فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا بِالْوَصِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخِيرَ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الثَّانِي الْأَشْبَهُ. (لَا وَلَدُهَا) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى أَيْ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ مَنْفَعَتُهُ لَهُ وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَالثَّانِي يَمْلِكُهَا الْمُوصَى لَهُ كَكَسْبِهَا
(وَلَهُ إعْتَاقُهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ لَكِنْ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا. (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ، وَالْفِطْرَةُ كَالنَّفَقَةِ (وَبَيْعُهُ إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ (كَالْمُسْتَأْجِرِ) فَيَصِحُّ لِلْمُوصَى لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
بِهَا مِثْلَهُ مَكَانَهُ، كَمَا فِي الْوَارِثِ الْآتِي وَيَجُوزُ لِلْوَارِثِ وَطْؤُهَا إذَا لَمْ تَحْبَلْ وَإِلَّا حَرُمَ، وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الرَّاهِنِ مُطْلَقًا لِحَجْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ زَوَالِهِ وَإِذَا أَحْبَلَهَا الْوَارِثُ ثَبَتَ اسْتِيلَادُهُ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ مَكَانَهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ هَذَا الْأَخِيرَ) وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْبَدَلِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَعْنَى يَمْنَعُ الْمُلَازَمَةَ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الثَّانِي أَشْبَهُ) مَرْجُوحٌ. قَوْله: (لَا وَلَدُهَا) أَيْ الْمَوْجُودِ حَالَ الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَلَوْ مِنْ زِنَى لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ قَبْلَهُ، فَهُوَ لِلْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (مَنْفَعَتُهُ لَهُ) وَاسْتَبْعَدَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّهَا كَالْمُؤَجَّرَةِ.
تَنْبِيهٌ: الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ، وَإِنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحَقُّونَ، وَأَذِنُوا بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. إنْ انْحَصَرُوا، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ النَّاظِرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ مَعَ زِيَادَةٍ جَلِيلَةٍ
قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْوَارِثِ إعْتَاقُ الْعَبْدِ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ تَوَهُّمَ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْوَلَدِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُحَرَّرِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمَ أَبِيهِ وَقَدْ يُقَالُ: رُجُوعُ الضَّمِيرِ لَهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْأَبِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَجْهُ أَنَّ الْوَلَدَ مَمْلُوكٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَأَمَّلْ وَحَيْثُ عَتَقَ فَلَهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ حَتَّى فِي لُزُومِ الْجُمُعَةِ وَالْإِرْثِ، وَلَهُ اسْتِعَارَةُ نَفْسِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ، وَالْأَمَةُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ كَالْعَبْدِ. نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُوصَى بِهَا تَحْمِلُهُ وَتَزَوَّجَتْ وَلَوْ بِحُرٍّ انْعَقَدَ وَلَدُهَا رَقِيقًا مَمْلُوكًا لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَذَا رَقِيقٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ، وَلَا يَتَزَوَّجُهَا الْحُرُّ إلَّا بِشُرُوطِ الْأَمَةِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ) وَلَا عَنْ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ كَوَاجِبِ الشَّرْعِ، وَلَا بِكِتَابَتِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ زَمَنِ الْوَصِيَّةِ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى نَفَقَةٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَجْزَأَ إعْتَاقُهُ عَمَّا ذُكِرَ، وَكِتَابَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا) فَتَنْتَقِلُ أَكْسَابُهُ النَّادِرَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِمَنْ أَعْتَقَتْهُ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ) أَيْ الْوَارِثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ أَعَادَ الضَّمِيرَ فِيهِمَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِشَخْصٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَالْمُرَادُ بِنَفَقَتِهِ مُؤْنَتُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ أَوْصَى) آثَرَهُ لِجَرَيَانِهِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ. قَوْلُهُ: (مُدَّةً) أَيْ زَمَنًا مُعَيَّنًا وَلَوْ بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَتَتَقَيَّدُ بِمَا عَيَّنَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَوْتِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ سَنَةً مَثَلًا تَعَيَّنَ اتِّصَالُهَا بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ فَلَوْ مَضَتْ ثُمَّ قَبِلَ رَجَعَ بِمُقَابِلِهَا عَلَى مَنْ اسْتَوْفَاهَا وَرَجَعَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْوَارِثِ عَقِبَهَا وَفِي الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَبَيْعُهُ) يَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى إعْتَاقِهِ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ كَالْمُسْتَأْجَرِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَإِلَّا فَهُوَ كَاخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ. قَوْلُهُ: (دُونَ غَيْرِهِ) نَعَمْ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ الثَّالِثِ صَحَّ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا فَائِدَةَ) أَيْ ظَاهِرَةً فَلَا يَرِدُ عِتْقُهُ وَأَكْسَابُهُ النَّادِرَةُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِلْغَيْرِ مُطْلَقًا.
ــ
[حاشية عميرة]
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا زِلْت أَسْتَشْكِلُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، وَأَقُولُ: مَا الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ مِلْكِهَا حَتَّى رَأَيْت قَائِلًا فِي النَّوْمِ لَوْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ مَعْدِنٌ مَلَكَهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَخِيرُ) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي الْأَشْبَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَحْثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَلْ هُوَ كَلَامٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِيصَاءِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنْفَعَتُهُ لَهُ) قَدْ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ لَا يَتَعَدَّى لِمَنَافِعِ الْوَلَدِ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَهُ إعْتَاقُهُ) أَيْ وَيَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى نَظَرِ مَا كَانَ فِي الْأَكْسَابِ الْمُعْتَادَةِ وَالنَّادِرَةِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ نَفْسَهُ مِنْهُ. كَالْحُرِّ الْمُؤَجَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَمْ أَرَ نَقْلًا فِيهِ. قَوْلُهُ: (لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ) أَيْ فَأَشْبَهَ الزَّمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ مُدَّةَ حَيَاةِ الْعَبْدِ، أَوْ يَقُولَ أَبَدًا أَوْ يُطْلِقَ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ) أَيْ كَزَوْجِ الرَّقِيقَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سَكَتُوا عَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ. أَوْ مُدَّةَ حَيَاةِ زَيْدٍ، وَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا لِجَهَالَةِ مُدَّةِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ.