للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا لِكَمَالِ الْمِلْكِ، وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَنْفَعَةِ بِحَقِّ الْغَيْرِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا) أَيْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهَا، وَالثَّانِي تُعْتَبَرُ مِنْهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَنْفَعَتِهِ وَقِيمَتِهِ بِلَا مَنْفَعَةٍ لِبَقَاءِ الرَّقَبَةِ لِلْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي تِسْعُونَ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثَمَانِينَ، فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: الضَّرُورَةُ فِي الْفَرْضِ مُنْتَفِيَةٌ فِي التَّطَوُّعِ، وَظَاهِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ كَمَا قَيَّدَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَمِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ وَعُورِضَ، بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ الْإِحْرَامَ مِنْهُ (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ (فَإِنْ أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثِ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ)

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ: لِصَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ بَيْعُهَا لِوَارِثِ الْمُوصِي وَلِغَيْرِهِ مُطْلَقًا كَبَيْعِ حَقِّ الْمَمَرِّ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْعَبْدُ كُفَّارًا، وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ حِيلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ وَاسْتَكْسَبَاهُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْمُوصَى لَهُ أَيْضًا وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِيهِمَا وَقِيلَ يُجْبَرُ الْوَارِثُ فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (أَبَدًا) قَالَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ الْمُدَّةُ الْمَجْهُولَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِتَعْيِينِ الْوَارِثِ. قَوْلُهُ: (مِائَةٌ) أَيْ إنْ وَفَّى بِهَا الثُّلُثَ وَإِلَّا فَبِقَدْرِهِ وَتَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَلَهُ فِيهَا أَنْ يَتَهَايَأَ مَعَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ بِمَنْفَعَتِهِ فَقَطْ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ أَيْضًا اُعْتُبِرَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ.

تَنْبِيهٌ: وَلَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ مُدَّةً كَعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا كَيْفَ التَّقْوِيمُ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ

قَوْلُهُ: (وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ) أَيْ وَمِثْلُهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ لِمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ اسْتِطَاعَةٍ حُكْمًا وَخِلَافًا، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي عَنْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَا يُخَالِفُهُ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ لَا يُقَالُ الْإِلْحَاقُ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ كَذَلِكَ، كَمَا يَأْتِي لِعَدَمِ صِحَّةِ اتِّحَادِهِمَا فِي الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَتُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إنْ وَسِعَهَا، وَإِلَّا بَطَلَتْ وَعَادَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ) أَيْ حَيْثُ وَسِعَ الثُّلُثُ ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَمَّا قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَمِنْ حَيْثُ وَسِعَ، أَوْ عَنْ الْمِيقَاتِ بَطَلَتْ وَعَادَ الْمَالُ لِلْوَارِثِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي أَلْحَقَهَا بِالتَّطَوُّعِ هُنَا، كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَبِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ مَنْ هُوَ دُونَ الْمِيقَاتِ، بِمَا يَفِي بِهِ، وَبِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: لَا إسَاءَةَ فِي الْمُجَاوَزَةِ فِي هَذِهِ لِلْعُذْرِ وَبِأَنَّ الْإِسَاءَةَ لَا تُبْطِلُ الْحَجَّ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ أَوَّلًا ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ، وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَا يَفِي بِأُجْرَةِ مَنْ يَحُجُّ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا قَيَّدَ) فَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَلَا دَمَ، وَيَلْزَمُ بِالْوَصِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ حَجَّةٍ إلَّا إنْ قَالَ بِثُلُثِ مَالِي وَوَسِعَ الْأَكْثَرُ فَيَجِبُ وَإِنْ زَادَ عَلَى حَجَّتَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالِاسْتِطَاعَةِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَطَاعَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ عَنْهُ آنِفًا مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ أَلْحَقَ حَجَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِالتَّطَوُّعِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَا وَجَبَ بِالنَّذْرِ فِي الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُهُ: (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَمِثْلُهَا كُلُّ وَاجِبٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَعُمْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَفِ الْمَالُ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ مِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا هُنَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِلْحَاقِ السَّابِقِ عَنْهُ. وَالْحَاصِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ صِحَّةُ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ؛ لِأَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ الْعِتْقَ، قُلْت: وَمِنْ الْفَوَائِدِ أَيْضًا مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوصِيَ مَعَ ذَلِكَ بِالرَّقَبَةِ لِآخَرَ. وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْجَمِيعُ مِنْ الثُّلُثِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تِلْكَ الْمُدَّةَ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ رَاجِحٌ لِقَوْلِهِ مَسْلُوبُهَا خَاصَّةً، كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ إلَخْ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا جَارِيَانِ أَيْضًا فِيمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ حَجٍّ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَجُّ عَنْهُ يَقَعُ عَنْ فَرِيضَةِ الْإِسْلَامِ. قَوْلُهُ: (تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنْ احْتَمَلَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَ وَعَادَ لِلْوَرَثَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ اُحْتُمِلَ. قَوْلُهُ: (كَغَيْرِهَا) مِنْ الدُّيُونِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَشْبِيهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهَا بِالدَّيْنِ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الْمَشْهُورَةِ. تَنْبِيهٌ عِبَارَتُهُ تُفِيدُك أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ زَاحَمَ الْوَصَايَا، فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا قَالُوا بِمِثْلِهِ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَلْزَمُ الدَّوْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ الثُّلُثِ) أَيْ وَيَكُونُ فَائِدَةُ ذِكْرِ الثُّلُثِ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ فِي مُزَاحَمَةِ الْوَصَايَا فِيهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>