للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَصْلِ (وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهُ مَصْرَفُ الْوَصَايَا فَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ (وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ) إذْ لَا يَجِبُ مِنْ دُونِهِ

(وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

قَبْلَ مَوْتِهِ تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيَجِبُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنْ الْمِيقَاتِ إنْ وَسِعَهُ الْمَالُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِمَّا دُونَهُ، وَإِنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ، وَإِذَا لَمْ يَفِ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ بِالْمِيقَاتِ كَمُلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا يَفِي بِهَا مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ مَعَ ذَلِكَ عَنْهُ فَمِنْ دُونِهِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

قَوْلُهُ: (عُمِلَ بِهِ) وَفَائِدَتُهُ فِي الثُّلُثِ مُزَاحَمَةُ الْوَصَايَا بِهِ رِفْقًا بِالْوَارِثِ، وَلَوْ لَمْ يَفِ مَا خَصَّهُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَجَبَ التَّكْمِيلُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ يَلْزَمُ الدَّوْرُ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي، وَلَوْ عَيَّنَ الْمَيِّتُ قَدْرًا لِلْحَجِّ وَجَبَ الِاسْتِئْجَارُ بِالْعَقْدِ، فَلَا يَكْفِي إذْنُ الْوَارِثِ وَلَا رِضَا الْفَاعِلِ بِغَيْرِ إجَازَةٍ وَلَا جَعَالَةٍ، وَلَا رِضَا الْفَاعِلِ بِدُونِ الْمُقَدَّرِ فَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّرُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ وَرَجَعَ الْبَاقِي لِلْوَارِثِ أَوْ أَكْثَرَ تَعَيَّنَ صَرْفُ جَمِيعِهِ لِلْفَاعِلِ خُصُوصًا إنْ كَانَ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ إرْفَاقَهُ، وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِغَيْرِ الْمُقَدَّرِ رَجَعَ جَمِيعُهُ لِلْوَارِثِ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَخِيرِ تَأْخِيرُ الْحَجِّ عَنْ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْوَارِثِ إنْ كَانَ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ كَأَنْ عَصَى بِتَأْخِيرِهِ، وَإِلَّا جَازَ، وَيَجُوزُ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ فَقَطْ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ قِنًّا وَصَغِيرًا مُمَيِّزًا، وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا لِعُذْرٍ كَعَجْزِ الْأَجِيرِ، وَخَوْفِ حَبْسِهِ أَوْ فَلَسِهِ أَوْ خِيَانَتِهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَفِي أَنَّهُ حَجَّ مَا لَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِهِ الْحِسُّ كَأَنْ شُوهِدَ بِمِصْرَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ.

فَائِدَةٌ: جَمِيعُ مَا فُعِلَ عَنْ الْمَيِّتِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا مَا عُذِرَ فِي تَأْخِيرِهِ كَذَا قَالُوا هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يَجِبُ مِنْ دُونِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِدُونِهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ) وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَارِثُ) قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ؛ إذْ مَعَ إذْنِهِ عَنْ إذْنِ الْمَيِّتِ صَحِيحٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ) أَيْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ إلَخْ) وَكَذَا الْوَارِثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَوْهَمَ كَلَامُ الشَّارِحِ خِلَافَهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْضَ، وَلَوْ بِحَسَبِ الْأَصْلِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَمَّنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِطَاعَةِ صَحِيحٌ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ، وَأَنَّ النَّقْلَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُمَا مَعَ عَدَمِ الْوَصِيَّةِ، كَمَا عُلِمَ، وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ غَيْرُ الْوَارِثِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَقِيَاسُ الصَّوْمِ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْقَرِيبِ بِالْأَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ، وَلَوْ فَرْضًا أَوْ أَوْصَى بِهِ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى لُزُومِ الدَّوْرِ، وَهُوَ تَوَقُّفُ كُلٍّ مِنْ شَيْئَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَهُنَا يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ مَا تَتِمُّ الْحَجَّةُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتَعْرِيفِ حِصَّةِ الْوَاجِبِ مِنْهُ، وَيَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا تَتِمُّ بِهِ، وَلِاسْتِخْرَاجِهِ طُرُقٌ مِنْهَا طَرِيقُ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ مِثَالُهُ: أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأُجْرَةُ لَهَا مِائَةٌ، وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثُمِائَةٍ فَافْرِضْ مَا تَتِمُّ بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ شَيْئًا، يَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا أُخْرِجَ مِنْهَا ثُلُثُهَا، وَهُوَ مِائَةٌ إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ اقْسِمْهُ بَيْنَ الْحَجِّ وَزَيْدٍ مُنَاصَفَةً، فَيَخُصُّ الْحَجَّ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ يُضَمُّ إلَيْهَا الشَّيْءُ الْمَخْرَجُ، فَخَمْسُونَ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ مِائَةَ الْأُجْرَةِ فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَنِصْفُ ثُلُثِ الْبَاقِي أَرْبَعُونَ فَهِيَ مِائَةٌ قَدْرَ الْأُجْرَةِ، كَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَرَاجِعْهُ، وَالْوَجْهُ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّوْرِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْرِفَةَ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ الْحَجَّةُ بِهِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَخُصُّهَا مِنْ الثُّلُثِ، وَمَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إخْرَاجِ الْقَدْرِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَخَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ إلَخْ. صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ فَخَمْسُونَ وَشَيْءٌ وَسُدُسُ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِائَةً وَسُدُسَ شَيْءٍ، وَيُصَرِّحُ الْمُشْتَرَكُ، وَهُوَ خَمْسُونَ وَسُدُسُ شَيْءٍ، وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: فَخُمُسَا الشَّيْءِ سِتُّونَ صَوَابُهُ، أَنْ يُقَالَ فَالشَّيْءُ سِتُّونَ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ إذَا أُزِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ بِجَبْرِهَا بِسُدُسٍ مِنْ الشَّيْءِ الْمُنْضَمِّ لَهَا عَلَى كَلَامِهِ صَارَتْ خَمْسِينَ وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تُعَادِلُ الْمِائَةَ فَيُطْرَحُ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسُونَ لِمُسَاوَاتِهَا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَيُحْمَلُ الْإِيصَاءُ عَلَى التَّأْكِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ) قَضِيَّتُهَا لَجَزَمَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنْ قُلْنَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ الثُّلُثِ فَمِنْ الْمِيقَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ كَالتَّطَوُّعِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ. فَائِدَةٌ لَوْ حَجَّ مِنْ مِيقَاتٍ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ لَكِنْ بِأُجْرَةِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، فَقِيلَ يَجِبُ الدَّمُ لِلْمُخَالَفَةِ، وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ، وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا لِلْحَجِّ، فَاسْتَأْجَرَ بِبَعْضِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ أَوْ لَا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ لَا، مَحَلُّ نَظَرٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَارِثُ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ هُنَا عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى حَالِ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ لَا شَرْطَ فِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا فَعَلَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا إذْنٍ مِنْ الْوَارِثِ. وَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا جَازَ قَطْعًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ يَتَعَيَّنُ أَقَلُّ الْخِصَالِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً) قَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ الْآتِيَةِ بِالْأَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>