للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ فِعْلَ نَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ بِغَيْرِهِ قُبِلَتْ (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ حَكَمْت بِكَذَا فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَكَمَعْزُولٍ) فَلَا يُقْبَلُ.

(وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ) أَيْ ذَكَرَ لِلْقَاضِي (أَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ بِرِشْوَةٍ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَالرَّاءُ مُثَلَّثَةٌ (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُدَّعِي (أُحْضِرَ وَفُصِلَتْ خُصُومَتُهُمَا وَإِنْ قَالَ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا أُحْضِرَ وَقِيلَ لَا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ) .

قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَرَجَّحَهُ مُرَجِّحُونَ وَفِي الشَّرْحِ أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدَ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ أَصْلُ الرَّوْضَةِ بِتَصْحِيحِهِ (فَإِنْ حَضَرَ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَادَّعَى عَلَيْهِ. (وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ فَيُصَانُ مَنْصِبُهُ عَنْ التَّحْلِيفِ وَالِابْتِذَالِ بِالْمُنَازَعَاتِ (قُلْت الْأَصَحُّ بِيَمِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَالْمُودِعِ وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ خِيَانَةً وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ أَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ وَالْبَغَوِيِّ، وَأَنَّ الثَّانِيَ أَصَحُّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ. .

(وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ جَوْرًا فِي حُكْمٍ لَمْ يُسْمَعْ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ شَرْعًا (وَيُشْتَرَطُ بَيِّنَةٌ) بِهِ فَلَا يَحْلِفُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ) مَا يَدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ (بِحُكْمِهِ حَكَمَ بَيْنَهُمَا) فِيهِ (خَلِيفَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ قَاضٍ آخَرُ.

فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ لِمَنْ يُوَلِّيهِ) الْقَضَاءَ بِبَلَدٍ كِتَابًا بِهِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ» ، رَوَاهُ أَصْحَابُ

ــ

[حاشية قليوبي]

ضَرُورَةٍ فَلَيْسَ ذِكْرُ جَائِزًا لِحُكْمٍ قَيْدًا وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ شُمُولِ حَاكِمِ الشُّرْطَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ) مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَشْهُودُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَيُقْبَلُ) وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ وَبَيَّنَ السَّبَبَ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: (حَكَمْت بِكَذَا) وَلَوْ بِطَلَاقِ نِسَاءِ قَرْيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ أَخْبَرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ فَالْمُدَّعَى بِهِ هُوَ الرِّشْوَةُ. قَوْلُهُ: (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ) عَطْفٌ عَلَى رِشْوَةٍ فَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُدَّعِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِدَفْعِهِ مَا يَعُمُّ أَمْرَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِدَفْعِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ مَالَهُ إلَخْ، قَوْلُهُ: (أُحْضِرَ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ ثُمَّ تُعَادُ الدَّعْوَى وَلَا يَحْضُرُ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصْدَ ابْتِذَالَهُ. قَوْلُهُ: (وَفَصَلَتْ خُصُومَتُهُمَا) بِأَنْ يُعِيدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي الْمَعْزُولِ وَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي الْمُدَّعِي عِنْدَهُ بِإِعَادَةِ مَا أَخَذَهُ بِالرِّشْوَةِ، وَبِإِعَادَةِ مَا أَخَذَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ الْمُدَّعِي بِأَنَّ مَعَهُ بَيِّنَةً، وَأَنَّهُ لَا تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِهِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حُمِلَتْ الْإِقَامَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِخْبَارِ فَالصَّحِيحُ الْوَجْهُ الثَّانِي أَوْ عَلَى الشَّهَادَةِ فَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إحَالَةُ الْخِلَافِ فَافْهَمْ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ بِيَمِينٍ) بَلْ لَوْ عَزَلَ بِجَوْرٍ أَوْ فِسْقٍ حَلَفَ قَطْعًا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ) وَلَوْ أُمَنَاءَهُ حَتَّى لَوْ حُوسِبُوا وَظَهَرَ مَعَهُمْ مَالٌ وَقَالُوا أَخَذْنَاهُ عَنْ أُجْرَتِنَا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ) أَيْ حَسَنِ السِّيرَةِ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ حَالَ وِلَايَتِهِ فِي مَحَلِّهَا وَإِلَّا حَلَفَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا]

مِنْ حَيْثُ التَّوْلِيَةُ وَغَيْرُهَا

وَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْآدَابِ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ عَلَى الْأَصْلِ أَيْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (لِيَكْتُبَ) أَيْ نَدْبًا وَكَذَا جَمِيعُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَادِرٍ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِقْرَارِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَائِزُ الْحُكْمِ) قِيلَ هُوَ تَأْكِيدُ قَوْلِ الْمَتْنِ: (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) خِلَافًا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ لَا يُقْبَلُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى وَلِيِّ الْبِكْرِ وَأَجَابَ بِالْفَرْقِ بِوُفُورِ الشَّفَقَةِ.

فَرْعٌ: لَوْ وَلَّاهُ قَاضٍ قَضَاءَ بَلَدٍ وَوَلَّاهُ آخَرُ قَضَاءُ بَلَدٍ آخَرَ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَةً وَهُوَ فِي بَلَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى الظَّاهِرُ لَا لِأَنَّ مُسْتَنِيبَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَاجِزٌ عَنْ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَابِطُ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الْوُصُولَ إلَى حَدٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.

قَوْلُهُ: (أَيْ عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسُ الرِّشْوَةِ الْمَأْخُوذَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَحْضَرَ) أَيْ وَلَوْ وُكِّلَ كَفَى قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِعَبْدَيْنِ) .

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَنَا أُطَالِبُهُ بِالْغُرْمِ. أَقُولُ اُنْظُرْ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا) أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَمَنْصِبُهُ يُصَانُ عَلَى الِابْتِذَالِ بِالْإِرْسَالِ خَلْفُهُ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْحَالِ، وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الرِّشْوَةِ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ عَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَقَعُ ظَاهِرًا بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَالِ، ثُمَّ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ إقَامَتُهَا لِيَتَبَيَّنَ الْحَاكِمُ الْحَالَ كَيْ يَحْضُرَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَلَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَالْمُودِعِ وَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إلَخْ) وَلِعُمُومِ حَدِيثِ «الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ» وَلَوْ عُزِلَ بِفِسْقٍ وَجَوْرٍ حَلَفَ قَطْعًا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

فَصْلٌ لِيَكْتُبَ الْإِمَامُ إلَخْ قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَكْتُوبُ) وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَيَشْهَدُ عَلَى التَّوْلِيَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا مُجَرَّدَ كِتَابٍ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>